الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 12:02

الوقاية من الجرائم/ بقلم: الدكتور صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 05/09/13 07:41,  حُتلن: 07:48

د.صالح نجيدات في مقاله:

وسائل مكافحة الجرائم والوقاية منها لا تنفصل عن الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في المجتمع 

هنالك طرق عدة لوقاية المجتمع من الجريمة كوضع برامج متنوعة لعلاج المنحرفين مثل تحويل الرغبات والميول الخطرة عند الانسان وعلاجها والعمل على الحد من حالات التعرض للإغراءات

الأسرة التي تعتبر الخلية الانسانية الاولى هي التي يتربى في كنفها الفرد ويكتسب منها عاداتها وتقاليدها وثقافتها وهي تشكل الاساس الأول لبناء شخصيته والتي تتأثر بكل ما يحيط بها من عوامل ايجابية او سلبية 

الشرطة للأسف متقاعسة في اداء دورها في المجتمع العربي وهي تعرف عن الكم الهائل للأسلحة غير المرخصة وعن انتشار المخدرات والجريمة في الوسط العربي وتعتمد سياسة غض الطرف

هنالك دور للاعلام الذي يلعب دورا هاما في توجيه الرأي العام وتوعيته والتنبيه الى مخاطر الجريمة والتحدث عنها وبإمكانه أن يلعب دورا مهما في منع الجريمة

وقاية المجتمع من الجريمة ليست عملية سهلة المنال ولكنها ليست مستحيلة وتعتبر الوقاية العامة من أهم عناصر السياسة الجنائية المعاصرة لفاعليتها في مكافحة الجريمة

في أعقاب الجرائم البشعة التي حدثت مؤخرا في قرية دبورية وكفرقرع وأماكن أخرى في البلاد أحاول جاهدا وبإختصار شديد التطرق الى المظاهر المتعددة لدور الوقاية من الجرائم بصورة عامة. كمقدمة للموضوع أقول، لا شك أن وسائل مكافحة الجرائم والوقاية منها لا تنفصل عن الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في المجتمع.

أسباب الجريمة
إن أسباب الجريمة في المجتمع العربي في البلاد كثيرة ومتعددة ومتشعبة ولا يمكن حصرها في نطاق معين، نظرية العوامل المتعددة في علم الجريمة تقول إن هنالك عوامل كثيرة ومتعددة تؤدي الى الجريمة، فقد تظهر الجريمة نتيجة عوامل ترتبط بشخص الجاني، أو ترتبط بالبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها أو عوامل نفسية أو تأثيرات خارجية وهذه العوامل قد تشكل بعضها عاملا رئيسيا وقد يشكل البعض الآخر عاملا ثانويا لارتكاب الجريمة، ومعرفة الأسباب تقود الى معرفة أساليب الوقاية المناسبة التي تتشعب بدورها الى شعب كثيرة.

الوقاية
هنالك طرق عدة لوقاية المجتمع من الجريمة كوضع برامج متنوعة لعلاج المنحرفين مثل تحويل الرغبات والميول الخطرة عند الانسان وعلاجها والعمل على الحد من حالات التعرض للإغراءات، ونشر الثقافة والوعي بين الناس والحد من استهلاك المشروبات الكحولية والمخدرات ومعالجة المدمنين وحل المشاكل الاجتماعية بشكل جذري وبالذات في حالات الطلاق بين الازواج. بعض الجرائم تحدث نتيجة خلل اجتماعي أو تفكك أسري أو نتيجة مرض نفسي أو لأسباب اقتصادية نتيجة الفقر وبسبب التهميش الاجتماعي. وبودي أن أتطرق بإختصار للوقاية من الجريمة التي تقوم على عنصرين أساسيين وهما:

الوقايه العامة
الوقايه العامة والتي تتناول وضع الخطط والبرامج الشاملة من قبل السلطات والهيئات المختصة والتي من شأنها القضاء على العوامل المؤدية الى الاجرام أو الظروف المهيئة له، والوقاية الخاصة التي يعتمدها الأفراد بوسائلهم الخاصة من أجل الابتعاد عن الظروف التي يمكن أن تجعل منهم هدفا للاعتداء عليهم. والوقاية العامة تشمل الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع والشرطة والإعلام في منع الجريمة.

الأسرة
أولا الأسرة التي تعتبر الخلية الانسانية الأولى، وهي التي يتربى في كنفها الفرد ويكتسب منها عاداتها وتقاليدها وثقافتها وهي تشكل الأساس الأول لبناء شخصيته، والتي تتأثر بكل ما يحيط بها من عوامل ايجابية او سلبية والتي لا بد أن تؤثر على سلوكه في المستقبل. فالعائلة السليمة والمتماسكة تربي أجيالا قوية وسوية، بعيدا عن الجريمة، وأما العائلة المفككة والمخلخلة اجتماعيا فهي التي تربي الاجيال المنحرفة التي تؤدي الى الجريمة. ولأهمية العائلة يتعين على مؤسسات المجتمع وبالذات مكاتب الخدمات الإجتماعية دعمها بالمقومات الأزمة وحمايتها وإرشادها وعلاج مشاكلها للمحافظة على كيانها لإبعاد شبح الجريمة عن المجتمع. وعلى مكاتب الخدمات الاجتماعية في كل بلدة عربية متابعة القضايا الاجتماعية وحلها بشكل جذري، وحتى يتسنى لها ذلك يجب دعمها بالقوى العاملة والميزانيات لكي تأخذ دورا هاما وفعالا في علاج المشاكل الاجتماعية الصعبة والمتراكمة في المجتمع.

المدرسة
أما بالنسبة للمدرسة فلها دور كبير بعد الأسرة في منع الجريمة، لأن الفرد يمضي وقتا طويلا في المدرسة، فهي التي تربي وتعلم وتثقف وتبني شخصيته الاجتماعية، وتعلمه على السلوك القويم والمطابق للقوانين وتعالج تصرفاته اذا انحرف، وبإمكان المدرسة أن تحد وتمنع فرص حدوث الجريمة في المجتمع اذا قامت بدورها الطبيعي كما يجب.

الشرطة
أما بالنسبة للشرطة فهي للأسف متقاعسة في اداء دورها في المجتمع العربي وهي تعرف عن الكم الهائل للأسلحة غير المرخصة وعن انتشار المخدرات والجريمة في الوسط العربي وتعتمد سياسة غض الطرف عن ذلك ولا تقوم بأي اجراء للحد من هذه الجرائم وكذلك لا تقوم بالوقاية لمنع الجريمة، إن بإمكان الشرطة اذا أدت واجبها كما يجب أن تمنع أو تقلص نسبة الجريمه الى حد كبير، تواجدها قليل في الوسط العربي وتأثيرها ضعيف على مجريات الأمور .

الإعلام
هنالك أيضا دور هام للاعلام الذي يلعب دورا هاما في توجيه الرأي العام وتوعيته والتنبيه الى مخاطر الجريمة والتحدث عنها وبإمكانه أن يلعب دورا مهما في منع الجريمة. ولا ننسى تأهيل الفرد لإكتساب مهنة يعتاش منه بإحترام وكذلك منع البطالة، كل العوامل التي ذكرت أعلاه اذا طبقت تمنع وتقلص الى حد كبير نسبة الجريمة في المجتمع. إن وقاية المجتمع من الجريمة ليست عملية سهلة المنال ولكنها ليست مستحيلة وتعتبر الوقاية العامة من أهم عناصر السياسة الجنائية المعاصرة لفاعليتها في مكافحة الجريمة.

الوقاية الخاصة
أما الوقاية الخاصة فهي تعتمد في جوهرها على الجهود الفردية والتي تضع الانسان في موقع متحفظ مما يحيط به من مخاطر وبالتالي يعمل على تجنبها وهي تختلف بإختلاف الأفراد وظروف المكان والزمان. تشتمل الوقاية الخاصة على الوسائل التي يتخذها الفرد من تلقاء نفسه والتي تمكنه من الابتعاد عن احتمالات التعرض للاعتداء عليه.

أسباب وعوامل
والسؤال الذي يطرح، ما الذي يجعل إنسان أن يرتكب جريمة بشعة؟ حسب إعتقادي هنالك عدة أسباب وعوامل تجعل الفرد يرتكب تنفيذ جرائم بشعه ومنها:
1 -وقوع الفرد تحت تأثير المخدرات وحبوب الهلوسة وشرب المشروبات الكحولية، وهذه العوامل مجتمعة تسبب له الامراض العقلية والنفسية التي تفقده السيطرة على التفكير السليم بنتائج تصرفاته مثل مرض الانفصال في الشخصية.

2 -وصول الفرد الى طريق مسدود وعدم قدرته حل المشاكل التي تواجهه لوحده.

3 -نبذ الفرد من المجتمع وشعوره بأنه غير مرغوب به يجعله يحقد على المجتمع ويريد عقابه بتنفيذ جرائم ضده.

4 - دافع الانتقام من الشخص الذي يعتقد أنه السبب في سوء أوضاعه.

5 - تحريض الجاني من قبل آخرين على الانتقام.

6 - وصول الفرد الى درجة عالية من اليأس والاحباط وشعوره بأن لا فائدة من الحياة.

*الدكتور صالح نجيدات - اختصاص علم جريمة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة