الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 04:01

قتل الطفولة البريئة كارثة قومية/ بقلم:الدكتور صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 11/08/13 14:58,  حُتلن: 07:55

الدكتور صالح نجيدات في مقاله:

إذا لم تتغير اساليب التربية والتعليم في العالم العربي ويعطوا الطفولة حقها وبدون تحسن الاوضاع الاقتصادية ووضع حد للظلم والمظالم فسيبقى الوضع هكذا دون تغيير

يكبر هؤلاء الأطفال منزوعي الإنسانية يواجهون مصاعب نفسية طيلة سنين حياتهم ، ويستمرالمسلسل الحزين حين دخولهم إلى المدرسة حيث يمارس عليهم الأساتذة في الدول العربيه كل وسائل القهروالقتل

اذا ربينا طفلا تربية سليمة فسوف نبني مجتمعا سليما ففي مجتمعاتنا المتخلفة والبدائية يتم التعامل مع الأطفال كأشياء مجردة من المشاعر والأحاسيس يتم إعدادهم لأداء أدوار معينة تمليها عليهم نظرة الأسرة والمجتمع

في مجتمعاتنا المتخلفة والبدائية يتم التعامل مع الأطفال كأشياء مجردة من المشاعر والأحاسيس يتم إعدادهم لأداء أدوار معينة تمليها عليهم نظرة الأسرة والمجتمع  وهم بهذا يكونون دوما عرضة للتسلط والسيطرة والتعنيف والزجر المستمر

لقد فكرت كثيرا في حال الأمة العربية لأجد الأسباب الحقيقية وراء تخلفهم واللحاق بركب البشرية والتطور ولقد قادني هذا التساؤل الكبير إلى الغوص في شتى الكتب الإسلامية والعلمية والابحاث.
 لقد كان واضحا أن الله عز وجل قد كرم بني آدم في قوله ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) . هذا التكريم الذي نزل على النبي (ص) آيات تتلى إلى يوما هذا ولم ينعكس في علاقات العرب بعضهم ببعض بل إرتد العرب - في حقيقة الأمر - إلى جاهلية جهلاء وواقع هو بعيد كل البعد عن قيم الدين وهديه القويم. فالإنسان في مجتمعاتنا مهضوم الحقوق ومضيع الإنسانية، إنه لمن الواضح أن الدول الغربية قد توصلت إلى هذه القيم بجهدها العقلي والعلمي وأخذت تطبقها فى مجتمعاتها ودولها وبشكل صارم تحميها القوانين والأنظمة ، أما عند العرب فما زالت هذه المثل والقيم خطبا نظرية نسمعها من على منابر المساجد ومنصات الخطابه دون أن نجد لها تطبيقا حقيقيا يتنزل إلى أرض واقعنا شديد التخلف . بل لقد تحولت لدينا التقاليد والعادات إلى قوانين مقدسة تكرس للإضطهاد ، إضطهاد الأب والأم لأبنائهم وإضطهاد المجتمع لأفراده .

التربية
سأتوقف هنا في هذا المقال على تربيه ومعاملة الأطفال ، لاننا اذا ربينا طفلا تربية سليمة فسوف نبني مجتمعا سليما ، ففي مجتمعاتنا المتخلفة والبدائية يتم التعامل مع الأطفال كأشياء مجردة من المشاعر والأحاسيس يتم إعدادهم لأداء أدوار معينة تمليها عليهم نظرة الأسرة والمجتمع ، وهم بهذا يكونون دوما عرضة للتسلط والسيطرة والتعنيف والزجر المستمر، يستخدم في ذلك الترهيب بوسائل شتى كالتخويف بالكائنات الغريبة التي تتربص بهذا الطفل ( الغول ، البعبوع ، الأسد ، الجن ، الحرامي) ، يهدد الطفل بهذه الأساليب حتى تنتزع حيويته وتشل حركته الزائدة والمزعجة كوسيلة تخلص سريعة و فعالة من إزعاجه المستمر( ماتمشى هناك الأسد بياكلك )، ينزجر الطفل ويتعمق لديه الشعور بالخوف الذي يلازمه طيلة حياته .. وقد يضرب الأطفال حتى فى سنين الرضاعة المبكرة لكفهم عن البكاء والضجيج ويستمر الأمر هذا خلال جميع مراحل نموه فيقمع الطفل قمعا شديدا وتتعثر مراحل نموه النفسيه والشخصيه وعند الكبر يصبح شخصيه معقده مليئه برواسب الازمات النفسيه التي مر بها في حياته ناهيك عن الشجار العائلي المستمر بين الابوين والفقر والجهل .

إضطهاد أسري
يستمر الإضطهاد الأسري لهذه الطفولة البريئة ويتجلى عند الإناث منهن في ممارسة الختان في بعض الدول العربيه والذي يمثل قمة التعذيب والتدمير لهذا الكيان الضعيف، يتم وبمبررات واهية وبمبرر الطهارة المهووسة وطلب العفة بتر أجزاء هامة من الجهاز التناسلي للبنت الصغيرة ، تلازمها الألام والعذابات النفسية بسببها سنين حياتها كلها ، تتفاقم الألام في سنين الزواج والإنجاب عسرا ونزيفا قاتلا وحزنا مقيما ومآسي وجراح ، تموت الأم فى الولادة المتعسرة ، وقد تترك - المقتولة بالجهل - طفلها وحيدا يصارع الحرمان واليتم وفقدان الحليب والحاضن الطبيعي المهمان لتطورة ونموه ، وكثيرا ما يلحقها في رحلة الموت المأساوية . في الدول العربية لايوجد من يحمي هؤلاء الأطفال ويتركون كي يواجهوا مصيرهم بأنفسهم ، إن جنحة بسيطة من كل تلك الجنح فى حق الأطفال تعاقب عليها القوانين العلمانية فى الدول المتحضرة عقوبات شديدة قد تنتهي بنزع الطفل من أسرته أو حتى سجن أحد الوالدين .

مصاعب نفسية 
يكبر هؤلاء الأطفال منزوعي الإنسانية يواجهون مصاعب نفسية طيلة سنين حياتهم ، ويستمرالمسلسل الحزين حين دخولهم إلى المدرسة حيث يمارس عليهم الأساتذة في الدول العربيه كل وسائل القهر والقتل المعنوي والتعذيب البدني وهم بهذا يظنون أنهم يحسنون صنعا، وقد يتمرد الطفل المغلوب على أمره فيترك الدراسة ويرفض العودة إليها ، حينها يتدخل الأب المتسلط فيعيد الطفل المسكين إلى المدرسة ويقول لمعلمه ( ليك اللحم ولينا العظم ) ، إنها نفس النظرة المادية لهذه الروح المعذبة والسليبة . خرج الالاف من التلاميذ من مقاعد الدراسة بسبب الكبت والطغيان الذى مورس عليهم . لقد مارست المدرسة في دول عربية كثيرة جريمة نكراء بحق هؤلاء ،في ظلها شتى صنوف الإهانات والتدمير المعنوي ، ومن هذه المدارس تتخرج أجيال مشوهة النفسية والإدراك كي تدخل فى تجربة أقسى وأمر . هكذا وبعد كل هذه السلسلة الجهنمية يخرج إلى الوجود شخص محطم النفس غائب الوعي يختزن فى ذاته المقهورة عددا من العقد النفسية، لقد عانت الاجيال العربيه هذه من ظلم لا يمكن وصفه وهذا الوضع المذكور اعلاه يوصلنا الى النتيجه لماذا شعبنا العربي في الوطن الكبير خنوع وغير قادر على النهوض والتقدم والتطور.

مأساة
في وسط هذا المستنقع الرهيب الذي فيه البقاء للأقوى يتساقط العشرات والمئات والألوف من الشباب مذهولين مما تعرضوا إليه ، وتلاحقهم العقد النفسية ما تبقى من حياتهم وتنعكس خللا فى سلوكهم وتفكيرهم وإدراكهم ووعيهم ونظرتهم للحياة والوجود . تتكرر المأساة حين يتزوجون وينجبون ويمارسون ذات الأساليب التى أضحت ثوابت إجتماعية لايمكن المساس بها ، يمارسون ذات القهر والتسلط على أبنائهم والأساتذة على طلابهم و الأطباء على مرضاهم والشرطي على مواطنيه ويمارسها المجتمع على أفراده ، إنها طاحونة القهر التي تدور رحاها على الجميع .
إنها مأساة وكارثة قومية ، إن هذه الأجيال المشوهة هي الموجوده اليوم في الدول العربيه ومنهم من يهيم في بلدان العالم بحثا عن عمل ولقمة حلال، من هؤلاء الناس الغلابا حسب اعتقادي يجند الافراد في تنظيمات متطرفه كتنظيم القاعده وغيره طمعا بالمال ونقمة من الانظمه والمجتمع.

مذبحة الطفولة
وقسم من هؤلاء الناس يهربون من عذاباتهم النفسية إلى المخدرات والكحول والإنطواء على الذات. إنها مذبحة الطفولة البريئة تحت أقدام الجهل التخلف. اذا لم تتغير اساليب التربية والتعليم في العالم العربي ويعطوا الطفولة حقها وبدون تحسن الاوضاع الاقتصادية ووضع حد للظلم والمظالم فسيبقى الوضع هكذا دون تغيير .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة