الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 02:02

الانتخابات المحلية مفاهيم وممارسات/ بقلم: أحمد الخطيب

كل العرب
نُشر: 06/06/13 10:16,  حُتلن: 14:41

أحمد الخطيب في مقاله:

خضت حتى اليوم عددا من الدورات الانتخابية كمصوت وداعم لا كمرشح

كنت دائماً وبعد كل انتخابات أقسم انني لن أخوض غيرها بسبب القرف الاجتماعي والأخلاقي

بعد أن يصل أحد هؤلاء إلى الكرسي ينساك وينسى وعوده وحتى أنه يتهرب من مسؤوليته القانونية والأخلاقية تجاهك كمواطن

الرئيس يفشل وبأيدينا يمكن أن نغيره ولكن الأدهى هم الموظفون الذين يعيثون في الأرض فساداً وينامون على مصالح الناس ولا يهمهم في النهاية سوى رواتبهم

من من المرشحين يرى بصدق أن رئاسة المجلس المحلي هي تشريف لا تكليف وأن الوصول إلى الكرسي هدف تهون في سبيله كل الموبقات ليخف قليلاً على أبنائه لا على أبنائنا وليجلس في بيته ويولي غيره؟

اقتربت الانتخابات المحلية التي ستجرى في شهر اكتوبر القادم ومعها بدأت ما يسمى مجازاً بالحملات الانتخابية والتي تقترب أكثر من مفاهيم السوق أو البازار أو الصفقات الحمائلية والعائلية: بيع وشراء ذمم، توزيع وظائف، وتعدي على المال العام أو سكوت على التعدي على المال العام. المرشحون كثر ومن لا يملك الجرأة على الترشح هم أولئك الذين لا يمتلكون مخزوناً من الأصوات المضمونة بحكم القرابة العائلية فقط لا غير.

خيانة
حدثني أحد الأصدقاء الذي رشحه حزب سياسي فقال سأصدر قريباً بياناً سياسياً وبرنامجا انتخابيا لأهل البلد فأجبته دون تردد أنت لا تحتاج لذلك فالناس لا ينظرون ولا يهتمون ببرنامجك السياسي ولا بمشاريعك المنوي تنفيذها، المهم في الجولة الأولى أن تكون العائلة الكريمة إلى جانبك وأن لا يكون هناك أي "خيانة". وفجأة انتبهت أنني استعملت كلمة خيانة لمن يجرؤ أن يصوت خارج الإطار العائلي، مع أنني "لاجئ" وليست لدي حمولة في بلدي الذي يأبى معظم أهله إلا أن يذكرني ببلدي الأصيلة بحيث ألصقوا اسم بلدي مكان اسم عائلتي ربما لكي لا أنسى أنني "مؤقت وطارئ" علماً أنني أملك قطعة أرض وبيت خاص بي وبعائلتي منذ عشرات السنين.

الحمولة
خضت حتى اليوم عددا من الدورات الانتخابية كمصوت وداعم لا كمرشح، وكنت دائماً وبعد كل انتخابات أقسم انني لن أخوض غيرها بسبب القرف "الاجتماعي" و"الأخلاقي" الذي كنت أصادفه خلال وبعد كل معركة، علماً انني لم أخسر أياً من هذه المعارك إذا جاز التعبير. في مرحلة التفاوض كنت شاهداً على طلبات المفاوضين للإنضمام إلى لائحة هذا المرشح أو ذاك وهي تتلخص عادة بعدد الوظائف التي تعده شخصياً بها وعدد من المتنفذين داخل المعسكر الداعم له وهم في العادة الحمولة التي يقودها.

مصلحة البلد
كنت دائماً أقول لإخواني نحن نطالب بكل شيء ونتحدث عن كل شيء في الانتخابات ولكن هناك شيء واحد ووحيد منسي وهو كما يبدو ليس مهماً: البلد ومصلحة البلد. تعقد "الجمعات" والجلسات والمؤتمرات العائلية وتجري "برايمريز" وهناك من يلفظها "برامرز" وفي رواية أخرى "برامر" ربما تمهيداً لتعريبها، وتحسب نفسك في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية وأنك تمارس الديمقراطية بأبهى صورها وعندما تنتخب العيلة أحد المرشحين وهو عادة ما يحصل يتمرد الخاسر فيرشح نفسه باسم البلد مدعياً أنه غير عائلي ويمقت النهج العائلي علماً أنه حتى خسارته كان يطبل ويزمر للعائلية وللبيت الحمائلي.

المسؤولية القانونية والأخلاقية
كانوا جميعاً يحضرون إلى بيتي كمرشحين ولم أعد يوما أحدا منهم بشيء وكنت أنتظر حتى أرى جميع المرشحين لأؤيد خيرهم بنظري او لنقل الأقل سوءً فيهم علناً ودون نفاق أو كذب. وجميعهم كان يساومني على أبسط حقوقي بشق شارع قانوني أو رد الأذى عن بيتي أو درء مخاطر عن أولادي أو تكملة بناء جدار لم يستكمل بسبب خلاف بين المقاول ورئيس المجلس ولكن وبعد أن يصل أحد هؤلاء إلى الكرسي ينساك وينسى وعوده وحتى أنه يتهرب من مسؤوليته القانونية والأخلاقية تجاهك كمواطن.

ابن عيلة
لا يفوتني أن أقول أنني أبرئ المؤسسة الرسمية من جريمة انتخاب هذا المرشح أو ذاك الذي نعيد انتخابه أحياناً حتى بعد أن يدمر البلد فقط لأنه "ابن عيلة" ترفض أن ترى فشله ولا ترى فيه إلا الزعيم المفدى "اللي عمل للعيلة كرامة" وكأن العائلة كانت حتى الرئاسة بدون كرامة. ويجب أن نقول بصدق أن الرئيس يفشل وبأيدينا يمكن أن نغيره ولكن الأدهى هم الموظفون الذين يعيثون في الأرض فساداً وينامون على مصالح الناس ولا يهمهم في النهاية سوى رواتبهم والتملق والنفاق للرئيس المنتخب.

اللعبة العائلية
أحمّل الأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة العربية بعض مسؤولية تردي الوضع حيث أنها وبدل أن تثقف الناس على الانتماء لفكر سياسي واختيار الرجل المناسب للمكان المناسب دخلت اللعبة العائلية ورشحت في معظم قرانا من لهم عائلات ويمتلكون حظوظاً للفوز بالتأييد العائلي وهكذا أصبح الحزب السياسي تغطية للممارسات العائلية والعشائرية المقيته. ربما وحتى لا أثقل على القارئ سأكتفي بهذا القدر مع أنني أستطيع في هذا المجال أن أكتب أضعاف أضعاف ما كتبت ولكن وجدت أن أضعف الإيمان هو أن نقول أن هناك الكثير من اللغط والكثير من الفهم السيء وبالتالي الكثير من النتائج الكارثية على قرانا ومجتمعاتنا وأولادنا بسبب كل هذه الممارسات.

تشريف لا تكليف
أقول بصدق لست متفائلاً أبداً ففي المرة السابقة كتبت مقالاً مشابهاً فجاء من يتهمني بأنني ضد العائلية الانتخابية لأنني "لاجئ" وليست لدي عائلة وقد قلت مسبقاً بأنني زاهد في السلطة المحلية ولست لها، وأرى نفسي في مكان آخر. كلمة أخيرة ربما لكل المرشحين دون استثناء: من منكم يرى بصدق أن رئاسة المجلس المحلي هي تشريف لا تكليف وأن الوصول إلى الكرسي هدف تهون في سبيله كل الموبقات ليخف قليلاً على أبنائه لا على أبنائنا وليجلس في بيته ويولي غيره؟ أعرف جيداً أن لا أحد سيستمع لما قلت ولكن ها أنذا أبلغ اللهم فاشهد.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة