الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 03:02

طريق القدس لا تمر عبر دمشق!/ بقلم: حسن المصطفى

كل العرب
نُشر: 23/05/13 13:50,  حُتلن: 13:52

حسن المصطفى في مقاله:

يجب على الأصوات الناقدة أن تكون أكثر شجاعة في التعبير عن رأيها لأن السكوت يؤدي إلى التضليل وإسباغ الصفة "الطائفية" على المشهد السوري

النقد لسلاح حزب الله في الداخل السوري هو في أساسه انحياز إلى الإنسان الفرد وهو أيضاً مبني على رفض لـ"عسكرة" الثورة، وإيمان راسخ بأن البندقية لن تقود إلى الحل

دخول حزب الله على خط العمل العسكري المباشر في القصير السورية أثار كثيراً من الجدل السياسي، سواء بين أنصار الحزب أو معارضيه على السواء. كون هذا الولوج يزجّ بلبنان في قلب الأزمة، ويخرجها عن "الحياد"، فضلاً عن أنه تجاوز لمؤسسات الدولة، التي هي في الأساس مترهلة وضعيفة، أضف لذلك ما تفتحه هذه المشاركة من تساؤلات عن مخاطر الاصطدام المذهبي، الذي كان حزب الله يسعى دائماً لتجنبه، فما الذي يجعله الآن يدخل إلى عش الدبابير؟!

مهام الحزب
المؤيدون لـ"المقاومة" يرون أن حزب الله لم يذهب عن طيب خاطر إلى الأراضي السورية، وإنما جاء ذلك دفاعاً عن القرى اللبنانية الحدودية، بعد هجمات متكررة من المسلحين، ومجابهة للقوى الأصولية التي تكاثرت في بلاد الشام، والأهم، لمنع سقوط النظام السوري، خوفاً من قدوم نظام مناوئ لـ"المقاومة"، يوقف عنها خطوط الإمداد بالسلاح والعتاد، وبالتالي فإن هذا التدخل يأتي في سياق العمل "الجهادي" الذي هو من صلب مهام الحزب. معتقدين أن هنالك مؤامرة على سوريا، وصراع محاور شرق أوسطي لابد من حسمه لصالح حلف "الممانعة".

مرونة وعقلانية
التبريرات السابقة قد تكون مقنعة لجمهور اعتاد على السير خلف قيادته بشكل طوعي، مسلماً أمره لها، دون إعمال عقله، معتقداً بصواب رؤيتها، وأنها لا تختار إلا ما فيه المصلحة. إلا أن هنالك شريحة أخرى من داخل البيت ذاته، غير مقتنعة بما ساقه حزب الله من حجج، معتقدة أن أمينه العام السيد حسن نصر الله، كان بإمكانه أن ينحو طريقاً آخر، ويجترح خطاباً وسطياً أكثر مرونة وعقلانية، ينحاز إلى الشعب، دون أن يؤدي ذلك لتقويض أركان الدولة. إلا أن أصحاب هذا الخطاب، يعانون من مشكلة "الصمت"، والخوف من البوح بآرائهم، تجنباً للصدام مع مجتمعهم من جهة، وربما لشعور داخلي بخيبة الأمل، لما يرونه من واقع أصولي مذهبي آخذ في النمو، لا يبشر بولادة مجتمع عربي تعددي ومدني! هذا الصمت لا يجب أن يسود، ويجب على الأصوات الناقدة أن تكون أكثر شجاعة في التعبير عن رأيها؛ لأن السكوت يؤدي إلى التضليل، وإسباغ الصفة "الطائفية" على المشهد السوري، فيما الحقيقة أن الاصطفاف سياسي في مقامه الأول، وما "مذهبته" إلا نوع من الاستثمار السياسي والإعلامي في الصراع القائم.

الطائفة "العلوية"
الصبغة المذهبية ليست متأتية فقط من كون الرئيس السوري سليل الطائفة "العلوية"، أو "تشيع" حزب الله، وإنما عبر دخول المجموعات السلفية الجهادية التي تتوسم العنف وترفع شعارات طائفية متطرفة. إن النقد لسلاح حزب الله في الداخل السوري هو في أساسه انحياز إلى الإنسان الفرد، وهو أيضاً مبني على رفض لـ"عسكرة" الثورة، وإيمان راسخ بأن البندقية لن تقود إلى الحل، وأن لا مخرج من دوامة العنف والخراب، إلا عبر مخرج سياسي، والتفاوض المباشر بين المعارضة السورية والنظام، والدخول في مرحلة انتقالية، تتوقف فيها أعمال القتل، ويعود النازحون إلى مساكنهم، تحضيراً لعملية سياسية شاملة، تنتخب فيها حكومة شعبية، تعمل على المصالحة الوطنية، وإعادة الإعمار.

"الوحل" السوري
حزب الله كان بإمكانه تجنب "الوحل" السوري، والحفاظ على مكتسباته في وجدان جمهور عربي واسع، لو لعب دور مطفئ الحرائق، وساهم بقوة كوسيط نزيه، معتمداً على ما له من احترام، إلا أنه باصطفافه مع النظام السوري الذي أمعن في القتل استنزف رأسماله الرمزي، وبات طرفاً في الأزمة، ورفع عنه المظلة الإسلامية الواسعة التي كان حاضنة مثلى له، وصمام أمان. مأزق حزب الله في أحد وجوهه أنه يعتبر ما يقوم به رداً للجميل ووقوفاً مع نظام سانده وحماه في حرب تموز 2006، وهو بالتالي يسدّد ديناً عليه للرئيس السوري بشار الأسد، متناسياً أن هذا الدين واجب كذلك تجاه الشعب الذي وقف مع "المقاومة" وأيّدها، وفتح بيوته مستقبلاً اللبنانيين النازحين، مقتسماً معهم الغذاء والملبس والدواء، ورفع صور نصر الله في البيوت والمقاهي، وزيَّن بها زجاج السيارات.

التراجع عن الخطأ
إن التراجع عن الخطأ فضيلة، وسيكون من الشجاعة والحكمة أن يعيد حزب الله تموضعه، وينحاز إلى الشعب، ويرجع لرحابة الحضن الإسلامي الأوسع، عوضاً عن ضيق الطائفة، ويسهم في استقرار سوريا، ويعيد بناء شبكة أمان حقيقية بالتعاون والتفاهم مع الدول العربية، عاملاً مع العقلاء من سياسيين وقادة، على تجنيب المنطقة نيران الحروب الطائفية العبثية، لأنه وبكل بساطة: طريق القدس لا تمر عبر دمشق.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة