الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 14:02

استثمار مُجدٍ /بقلم:أمنون بئري- سوليتسيانو ومحمد دراوشة

كل العرب
نُشر: 18/05/13 08:08,  حُتلن: 13:01

أمنون بئري- سوليتسيانو ومحمد دراوشة في مقالهما:

عقود من سياسات الإقصاء والإهمال الممنهج خلقت نقصا كبيرا في المناطق الصناعية والتشغيلية في البلدات العربية ومحيطها

لن تُعيق المصادقة الخطوات الإيجابية التي أصبحت ملموسة وحسب بل وستوسع الفجوات الاقتصادية- الاجتماعية الشاسعة أصلا بين اليهود والعرب

السبب وراء نسبة مشاركة العرب المنخفضة في سوق العمل (خاصة النساء) هو ليس عدم الرغبة في العمل إنما هو وبكل بساطة غياب فرص العمل ونقص البنى التحتية التي تُشجع على الخروج للعمل

التحليلات الاقتصادية تبين أن حصة المواطنين العرب في الناتج المحلي الإجمالي هي أقل من نصف نسبتهم في السكان والتقديرات تفيد أن دمج المواطنين العرب دمجا كاملا في الاقتصاد سيرفع الناتج المحلي الإسرائيلي

يتوجب على الحكومة أن تختار ما بين استثمار استراتيجي في المجتمع العربي- والذي يُشكل واحدا من محركات النمو المركزية للاقتصاد الإسرائيلي- وبين فرض الاقتطاعات الاقتصادية المتساوية التي من شأنها أن توسع الفجوات بين العرب واليهود

على الرغم من الأضرار غير القليلة التي تسببت بها الحكومة السابقة للأقلية العربية في البلاد، وتأثير هذه الخطوات على شعور العرب بالتهديد المتواصل، فقد بذلت الحكومة في نفس الوقت مجهودا لدمج المواطنين العرب في الاقتصاد الإسرائيلي. لقد بدأت ثمار هذا المجهود تظهر في عدد من المجالات ومنها تطوير المواصلات العامة، تحسين شبكات البنى التحتية، تطوير المخططات الهيكلية، برنامج للدمج في سوق العمل وتسهيل الانخراط في التعليم العالي واستيعاب العرب في مؤسسات القطاع العام.
هذه البراعم الإيجابية ستُقلع من جذورها في حال تمت المصادقة على اقتراح الميزانية للسنوات 2013-2014 والتي وضعتها وزارة المالية مؤخرا. لن تُعيق المصادقة الخطوات الإيجابية التي أصبحت ملموسة وحسب، بل وستوسع الفجوات الاقتصادية- الاجتماعية، الشاسعة أصلا، بين اليهود والعرب.

قصر النظر الاجتماعي والاقتصادي
لكن بالإضافة إلى قصر النظر الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء، يبرز في هذا السياق إجحاف قاس فيما يتعلق بمصطلح "استنفاذ القدرة على العمل" كشرط للحصول على حقوق وامتيازات مختلفة مثل الأرنونا، الإسكان، والحضانات النهارية للرضع.
الافتراض الأساسي في هذا الشرط، والذي يعني مشاركة الزوجين في سوق العمل، هو أن جمهور غير العاملين يرفض الانخراط في سوق العمل. أو بكلمات أخرى: يوجد عمل ولكن لا يوجد نية للعمل. لهذا يمكن أن نُشجع، وبقدار غير قليل من الإجبار، من يرفضون العمل على الخروج إلى سوق العمل.
لكن هناك مشكلة! فعندما يتعلق الأمر بالسكان العرب، تصبح هذه الفرضية خاطئة ومرفوضة. إن السبب وراء نسبة مشاركة العرب المنخفضة في سوق العمل (خاصة النساء)، هو ليس عدم الرغبة في العمل، إنما هو، وبكل بساطة، غياب فرص العمل ونقص البنى التحتية التي تُشجع على الخروج للعمل.
عقود من سياسات الإقصاء والإهمال الممنهج خلقت نقصا كبيرا في المناطق الصناعية والتشغيلية في البلدات العربية ومحيطها. وفي هذا السياق تكفي مراجعة تقرير مراقب الدولة الصادر في الأسبوع المنصرم والذي أظهر أن 2.4% فقط من المناطق الصناعية في إسرائيل موجودة في البلدات العربية. ويُضاف إلى ذلك النقص في المواصلات العامة الجيدة داخل البلدات العربية، ومنها إلى المراكز البلدية الكبيرة.
بكلمات أخرى، يمكن القول أن الحكومة تزيد الطين بلة عندما تقرر تطبيق شرط استنفاذ القدرة على العمل، لأنها بذلك تعاقب المواطنين العرب المتواجدين خارج سوق العمل بسبب الإخفاقات المتواصلة للحكومة نفسها.

الضربات الاقتصادية المتساوية
بالإضافة إلى كل ذلك فإننا لم نذكر الحقيقة المؤلمة وهي أن كل عائلة عربية ثانية هي عائلة فقيرة (40% من مجموع العائلات الفقيرة في إسرائيل هي عائلات عربية، وهذه النسبة هي ضعف نسبة العرب من مجموع السكان). ومن هنا نستنتج أن الضربات الاقتصادية المتساوية على عامة الشعب، مثل رفع نسبة ضريبة القيمة المُضافة بـ 1%، رفع نسبة ضريبة الدخل بـ 1.5% لكافة درجات الدخل، فرض ضريبة الصحة على ربات البيوت وتقليص مخصصات الأولاد- سيكون لها أثرا فتاكا على العائلات العربية الفقيرة. ومن سيكون المسؤول عن أوضاع العائلات الفقيرة التي تدهورت أوضاعها أكثر؟ السلطات المحلية العربية التي تندرج بسوادها الأعظم (90%) في أدنى عناقيد التدريج الاقتصادي الاجتماعي؟ 

الفجوات بين العرب واليهود
إن دمج المواطنين العرب في الاقتصاد الإسرائيلي هو مصلحة للحكومة وللمجتمع الإسرائيلي بشكل عام. التحليلات الاقتصادية تبين أن حصة المواطنين العرب في الناتج المحلي الإجمالي هي أقل من نصف نسبتهم في السكان. والتقديرات تفيد أن دمج المواطنين العرب دمجا كاملا في الاقتصاد سيرفع الناتج المحلي الإسرائيلي بمقدار يتراوح ما بين 30-40 مليار شيكل في السنة. التفكير بعيد الأمد يتطلب استثناء المواطنين العرب من شرط استنفاذ القدرة على العمل، إلى جانب استثمار حكومي كبير في تطوير المناطق الصناعية، المواصلات العامة والحضانات النهارية في البلدات العربية. يتوجب على الحكومة أن تختار ما بين استثمار استراتيجي في المجتمع العربي- والذي يُشكل واحدا من محركات النمو المركزية للاقتصاد الإسرائيلي- وبين فرض الاقتطاعات الاقتصادية المتساوية التي من شأنها أن توسع الفجوات بين العرب واليهود، وتعمق حالة انعزال الجمهور العربي عن الدولة وتعيد الاقتصاد الإسرائيلي برمته إلى الوراء. 

الكاتبان مديران مُشاركان لجمعية مبادرات صندوق إبراهيم

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة