الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 23:02

غياب القيادات الاجتماعية /بقلم:د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 09/04/13 16:00,  حُتلن: 16:28

د.صالح نجيدات في مقاله:

التعصب مرفوض دينيا واجتماعيا وحضاريا لأنه مقيت ومضر ومسبب للخلافات والتشرذم ويعيق تقدم المجتمع الى الأمام

الغيرة والانتماء للمثقف العربي لمجتمعه ضعيفة وعطاءه قليل لأنه يقف متفرجا على ما يجري في مجتمعنا ولا يبادر بتحسين الأوضاع في مجتمعه

ابتعادنا عن القيم الدينية وضعف الوعي الديني وابتعادنا عن عاداتنا الاصيلة وإهمال تربية الأولاد من قبل الأهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع جعلت شبابنا يتأثرون بما تبثه محطات التلفزيون الهابطة

 للشجارات العائلية نتائج مدمرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على الأفراد والجماعات لأنها تضر بتطوير البلد والمجتمع واقتصاده بالاضافة إلى ذلك لها تأثير كبير على نفسية الأطفال

 مجتمعنا للأسف يفتقر إلى قيادة اجتماعية واعية تضع في أول سلم أفضلياتها حل المشاكل الاجتماعية والخلافات العائلية المزمنة وحل لمشاكل الشباب ومعالجة انتشار المخدرات والمشروبات الكحولية بين أوساط الشباب وانتشار فوضى السلاح غير المرخص وغيرها من ظواهر سلبية في مجتمعنا التي لا تلق أي اهتمام او حلول من قبل مجالسنا المحلية أو مؤسسات الدولة.

 الغيرة والانتماء للمثقف العربي
وأقصد بالقيادات الاجتماعية، الأب في البيت قائد لعائلته، المعلم ومدير المدرسة قائد لتلاميذه، رئيس المجلس المحلي قائد لبلده، رجال الدين في المسجد والكنيسة والخلوة قادة لمجتمعهم ، موظفي الشؤون الاجتماعية قادة، النواب في البرلمان قادة وهكذا وهكذا، هذه القيادات اليوم شبه مغيبة، لأنه لو كانت هنالك قيادات واعية لما نشبت كل يوم شجارات عنيفة بين الأفراد والعائلات في قرانا، وانطباعي إن الغيرة والانتماء للمثقف العربي لمجتمعه ضعيفة وعطاءه قليل لأنه يقف متفرجا على ما يجري في مجتمعنا ولا يبادر بتحسين الأوضاع في مجتمعه.
فللأسف كل أسبوع تطالعنا الصحف والتلفاز بأنباء عن وقوع شجارات عائلية في قرانا ومدننا من الجليل وحتى النقب يذهب ضحيتها شباب ورجال ونتيجة لذلك ترمل النساء وتيتم الأطفال وتحرق البيوت والسيارات ويدمر الاقتصاد وتشتت العائلات ويعيش من يقع في دائرة الجريمة حياة الجحيم وتأت لجان الصلح بعد وقوع الجريمة لتعالج النتائج.

الشجارات والجرائم
من خلال معرفتنا للأسباب لحدوث الشجارات والجرائم فان معظمها يحصل نتيجة لأشياء تافة أو لأسباب لا تستحق حدوث هذه الجرائم، ولو كان تسمح وتروي والعد الى العشرة ووعي عند شبابنا لما حصل هذا القتل والشجارات المدمرة.
إن ظاهرة الشجارات والنزاعات والقتل في مجتمعنا اليوم تعيد الى ذاكرتنا ما كان يحصل في العصر الجاهلي عندما كانت القبائل المتناحرة على الزعامة ومصادر المياه والكلأ تقتل وتأخذ بالثأر، فلا قانون يحكمها ولا قاعدة، والقوي كان يأكل الضعيف وكان استعمال القوة أسلوب حياة عندهم ، أما اليوم فتطور المجتمع وأصبحت قوانين تنظم العلاقات بين الأفراد والجماعات والدولة ، فإذا حصل خلاف بين إثنين وعسر الحل بينهما يجب أن يحتكما إلى القانون أو إلى أهل الخير والإصلاح ولا يلجأن إلى أسلوب استعمال القوة في حل المشكلة لان القوة ولا مرة تحل مشكلة بل تعقدها وتزيد الطين بلة، لذا يجب علينا أن نرتقي بعلاقاتنا مع بعضنا البعض إلى الأساليب الحضارية التي تليق ببني البشر في حل مشاكلنا وتعاملنا مع بعضنا البعض.
الديانة المسيحية والاسلامية تدعوان إلى المحبة والتسامح، فأين نحن من تعاليم سيدنا المسيح عيسى إبن مريم عليه السلام من التسامح "من ضربك على خدك الأيمن فحول له الأيسر " وأين نحن من أحاديث رسولنا الكريم " صلعهم " " لعند الله أهون أن تهدم الكعبة من قتل إنسان مؤمن " و" لزوال الدنيا اهون على الله من قتل مؤمن بغير حق " "ومن مات منا على عصبيه فهو ليس منا " .
فالتعصب مرفوض دينيا واجتماعيا وحضاريا لأنه مقيت ومضر ومسبب للخلافات والتشرذم ويعيق تقدم المجتمع الى الأمام.
إن ابتعادنا عن القيم الدينية وضعف الوعي الديني وابتعادنا عن عاداتنا الاصيلة وإهمال تربية الأولاد من قبل الأهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع جعلت شبابنا يتأثرون بما تبثه محطات التلفزيون الهابطة وتعلمهم منها أنماط تصرفات لا تتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا وهذا احد ألأسباب المهمة للفوضى والانفلات الموجود في مجتمعنا.

نتائج مدمرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية
كما هو معروف فإن للشجارات العائلية نتائج مدمرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على الأفراد والجماعات لأنها تضر بتطوير البلد والمجتمع واقتصاده بالاضافة إلى ذلك لها تأثير كبير على نفسية الأطفال والأجيال الصغيرة لان الانفعال والتوتر والقلق والحزن التي تعيشه العائلة في فترة الشجار ينعكس سلبا ويؤثر تأثيرا كبيرا على نفسية الأطفال وشخصيتهم وتطويرهم النفسي وعلى تصرفاتهم مستقبلا ويكتسبون نمط استعمال القوة والعنف كأسلوب حياة من أهلهم منذ الصغر وبهذا ينتقل العنف من جيل إلى آخر ونبقى في دوامة.
مع تقدم الحياة تطورت أساليب القتل في مجتمعنا ففي الماضي كانت العائلات تستعمل العصي والحجارة والآلات الحادة في " الطوشات " ولكن حصل تطور خطير في مجتمعنا في السنوات الاخيرة فاستبدلنا العصا بالسلاح فأصبحت النتائج قاتلة.
يا أهلنا أذا بقي الوضع على ما هو عليه اليوم وذا لم نغير ما في أنفسنا وعقليتنا ومفاهيمنا وتصرفاتنا فسوف نغرق ونعيش كلنا في الجحيم ، فحتى نضع حدا لهذه الظواهر السلبية علينا أن نعود الى رشدنا ونطبق عقيدتنا السمحة ونجمع شملنا ونوحد صفنا في قرانا ومدننا ونعيد المحبة والاحترام والتسامح بيننا ونكرس كل جهودنا الى تعليم أولادنا قيمنا وعاداتنا لنضمن لهم مستقبلا أفضل خالي من تعقيدات الماضي وأحقاده ورواسبه.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة