الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 14:02

تراب البلاد على طاولة المزاد/ بقلم: د. سامي ميعاري

كل العرب
نُشر: 28/03/13 10:15,  حُتلن: 13:27

د. سامي ميعاري في مقاله:

يجب أن نفهم أن الأرض مهد الوطن والوطن رئة الإنسان التي لا يعيش بدونها

مثل حاجة الإنسان للغذاء والماء والهواء تكون حاجته للأرض حتى يبني عليها حضارته

بعض رجال الأعمال المنتفعين لعبوا دوراً من خلال المنافسة على الشراء ومن خلال تحكمهم بسعر الأرض والعقار وهذه سياسة سحقت طموحات الشباب وحدَّت من سقف تطلعاتهم وأمنياتهم

الأرض عنوان الإنسان، والشرط الأول لوجوده وارتقائه، ومنذ الأزل قرر الله أن تكون الأرض مهداً لرسالاته الموجهة للبشر، قال تعالى:" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة". فمثل حاجة الإنسان للغذاء والماء والهواء، تكون حاجته للأرض حتى يبني عليها حضارته، وينشر فيها رسالته، ويؤسس فيها كيانه، ويتبلور فيها فكره وتراثه المحفوظ للأجيال التالية.

 معركة الوجود
ونحن في هذه البلاد بالذات نعيش معركة الوجود المرتبط بالأرض منذ فجر القرن المنصرم، وقد انجبل الوجدان بها، وانتظم نبض القلوب على حبها والانتماء إليها. حتى إن الإيمان يقتضي حب الوطن، والنبي محمد – عليه الصلاة والسلام – حينما هاجر من مكة إلى المدينة، ألقى نظرة على بلده قائلاً: والله إنك أحب البلاد إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت.
وقد كابدنا في هذه البلاد معاناة سلب الأرض، وانتهاك حقنا فيها، وهذه سياسة إسرائيلية ممنهجة، وطريقة متبعة، وأسلوب سيء، يهدف لتجريد المواطن العربي من أرضه وسلخه عن ترابه، واقتلاعه من جذوره وعزله عن روحه وتركه كالأقليات التي لا حق لها في الوطن سوى الإقامة كالأغراب والأجانب.

مصادرة الأرض وبناء المستوطنات
وقد تمحورت تلك السياسات وارتكزت على مصادرة الأرض وبناء المستوطنات على أنقاض القرى الفلسطينية المطهرة والمدمرة والمقتلعة والمسواة بالأرض. وكان هذا العمل من قبل دائرة أراضي إسرائيل ذا أوجه عديدة:
أولها: تجنيد السماسرة الذين باعوا أنفسهم للمال، وتجردوا من كل قيمة وتعروا من كل غطاء.
يقومون بتبديل أراضٍ وعقارات يمتلكها عرب خارج المدن والبلدات العربية مقابل أخرى محشورة داخل المدن، فيعزلون المواطنين عن أراضيهم الزراعية وشيئا فشيئا ينخلع المواطن من الصلة العميقة بالأرض وتنتهي علاقته بذلك التراب الذي نهب السماسرة هويته وألبسوها ثوباً غير ثوبها الذي ألفته عبر القرون.
ثانيها: كما يجري نهب الأرض العربية خاصة الزراعية الفسيحة من خلال افتتاح وتعبيد الطرق الطويلة العريضة كالأوتوستراد، وعلى سبيل المثال نستذكر هنا الشارع رقم 6.
ثالثها: هذا يتزامن مع سياسة عنصرية تستبعد من اهتماماتها توسيع مناطق نفوذ داخل القرى العربية رغم ملكيتهم لتلك الأراضي.

الإنسان أغلى ما نملك
وإذا كان السائد في الفكر الإنساني المستقيم وفي التفكير القويم أن الإنسان أغلى ما نملك، وهو القيمة الحقيقية للوجود، فإن الوضع في إسرائيل مختلف جداً، فالأرض أغلى من الإنسان، ولا قيمة للإنسان أمام الأرض. الحديث عن الأرض ذو شجون في وجداننا وذاكرتنا وتاريخنا فليست أحداث العام 1976 عنا ببعيدة وليس غريباً أن تكتسي باسم ( يوم الأرض) إنه يوم الشهداء ويوم الانتماء ويوم الكرامة. هكذا يجب أن نفهم أن الأرض مهد الوطن والوطن رئة الإنسان التي لا يعيش بدونها. لقد أدى هذا النهج الذي يستهدف أرضنا إلى ارتفاع سعر المتر من أرضنا إلى أرقام فلكية، داخل المجتمع العربي.

سلب الأرض
ولك – أيها القارئ الكريم – أن تتخيل أن سعر دونم الأرض في بلدة ( سخنين) على سبيل المثال، يصل إلى مليون ونصف المليون شيقل، وهو أغلى من نظيره في لندن مثلاً. بعض رجال الأعمال المنتفعين لعبوا دوراً من خلال المنافسة على الشراء، ومن خلال تحكمهم بسعر الأرض والعقار، وهذه سياسة سحقت طموحات الشباب وحدَّت من سقف تطلعاتهم وأمنياتهم ودفنت أحلامهم في سراديب العزوبية والفقر وعدم التقدم. إن هذا الحال يتطلب تدخلاً فعلياً من الجماهير العربية ومن اللجان المُهتمة بقضايا الأرض. قبل فوات الأوان وقبل أن نجد أنفسنا على قارعة الطريق.
وليس أدل في التعبير عن دور السماسرة في سلب الأرض وبيعها من نداء الشاعر الكبير الراحل إبراهيم طوقان وهو يحذر من شرهم قائلاً لهم مستهزئاً:
ما جحدنا أفضالكم غير أنّا لم تزل في نفوسنا أُمنيّة
في يدينا بقية من بلاد فاستريحوا كي لا تضيع البقية. 

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net  

مقالات متعلقة