الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 23:01

كان يما كان/ بقلم: سناء لهب

كل العرب
نُشر: 22/03/13 18:03,  حُتلن: 18:06


كلما توهمت اني حققت النسيان أكتشف كم انا واهمة ، وكلما جئتني طيفا افتراضيا عرفت انك ما زلت تسبحين في دورتي الدموية ، تفاصيل صغيرة تصفعني وجها لوجع اخرس مشلول ، تفاصيل تطاردني داخل الأماكن التي ممدتِ جذورك فيها ، تفاصيل فضاءات الغربة المفرغة منك ، والأشجار الكسيحة العاجزة عن الطيران ، الغربان الناعقة بصمت ، اطفال بلا حناجر ، كلها تذكرني برحيلك الذي احتلني وحولني الى الجدة شهرزاد ، منذ رحيلك أمي وأنا امارس الموت يوميا وأعيش محاولات يائسة لمغادرة كوكب الرماد .
منذ رحيلك وأنا اعيش انتظار اثير هاتف كان يحمل صوتك كل صباح ليعلن انطلاق الحياة ، وأتنفس الخوف من الانكسار معلنا تأخرك عن الحضور . انكسار القلب وانكسار الذات الهاربة من كل شيء الى حضنك .
تعبت امي .. تعبت من الانتحاب الكربلائي الذي اعيشه ، تعبت من الأسود الذي لم يعد يليق إلا بي وبمخالب احزاني .
تعبت من الشوق اليك ، الى عبور النفق الساكن احداقك لكوكب الفرح البريء ، من التجول مع ذاكرتي في زقاق العمر .
ربما لأني لم اولد وفي فمي ملعقة العسل بل كنت كنحل الأسئلة ، طفلة مفخخة بالبحث عن المجهول وربما لأني كل هذا اعيش اليوم رحيلك كأنه لم يكن ، وأعايش عتاب سرب احباءك بعدم مشاركتي لهم بحفل تأبينك ورثاءك بخطبة عصماء فوق مرقدك ، وربما لأنك الأم الأفق ما زلت ارى اصابعك العاشقة اللامرئية تتزلج على جرح قلبي وأعي انك غادرتني دون ان تغادري .
موجعة هي الأحلام ..
ففي كل ليلة يستدعيني صدرك الملجئ فأهيم في جباله وأقطف أزهاره وأعيد عمري هناك كله ، أركض في حقوله حافية الاحلام هربا من كوابيس الانهيارات ، حلما كالعمر السريالي يخلفني في كل صباح لحياة مزورة او غربة عمر مستعار .
وفي غمرة الحزن امد يدي لعناق رائحتك الأرض فأنتقل حيث أشاء ونكاية بالبحر دون اشارة جواز سفر او تأشيرة مرور .
اه ايتها الغريبة كم نسيت ان اقول لك احبك ..... واني ما زلت وبكل الصمت والهدوء وبلا ضوضاء ، عمرا بعد آخر ، موتا بعد موت حتى أبدي وأبدك .
ولن اقول يوما ..... كان يما كان . 

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة