الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 09:02

لا تلوموا الجماهير التي صنعت الإحباط واللامبالاة والمقاطعة/بقلم:عبده بدارنة

كل العرب
نُشر: 28/01/13 22:17,  حُتلن: 14:35

عبده بدارنة في مقاله:

لست ممن قبض مالا أو قبل رشوة من جهة عميلة أو أجنبية من اجل الكتابة وأنا لست كاتبا ولا ناقدا سياسيا

هذه الأحزاب التي تلصق التهم بالجماهير التي لم تنزل لصناديق الاقتراع عليها أن تراجع نفسها وتتهم نفسها من المذنب؟

لاقبل ولا نفهم وليس هناك أي مبرر يستطيع أن يقنعنا أن يقوم نوابنا بالهجوم والاستهتار أو التوبيخ او الإدانة ل 40 % من الجماهير الفلسطينية التي رفضت النزول إلى صناديق الاقتراع

الجماهير التي قاطعت الانتخابات ولدت من رحم المعاناة والاضطهاد من القرى والمدن العربية إنهم الناس الفقراء والبسطاء الذين فقدوا أرضهم يعيشون واقعهم اليومي الصعب ويركضون وراء لقمة عيشهم

أسفرت نتائج الانتخابات ما أسفرت عليه هذه الانتخابات ونتائجها فيما يتعلق بالأحزاب العربية وخصوصا الجبهة الديمقراطية للسلام والتجمع الوطني الديمقراطي ، إذ تسود أوساط هذين الحزبين وخصوصا الكوادر الشبابية حالة من الإحباط بسبب النتائج المخيبة للآمال وتدني نسبة المصوتين في الوسط العربي. لست من هواة الكتابة أو النقد البناء أو غير البناء، ولست من أصحاب الأقلام المأجورة الذين يغزون مواقع الانترنت والصحف ويزمرون ويطبلون لهذا الحزب أو ذاك، لست ممن قبض مالا أو قبل رشوة من جهة عميلة أو أجنبية من اجل الكتابة، وأنا لست كاتبا ولا ناقدا سياسيا، لكنني أجد نفسي الآن مضطرا أن اكتب هذه المقالة وخصوصا إنني وعائلتي ممن امتنعوا عن التصويت، ورغم الامتعاض والغضب الجياش فإن هذا لن يعكر علاقاتي مع الحزبين، ولا زلت أحظى بعلاقة طيبة وحميمة مع العشرات من الرفاق في هذين الحزبين.

البرلمان الصهيوني
امتنعت عن التصويت ليس لأنني "لا اعترف بالبرلمان الصهيوني البرجوازي ويجب تدميره وتحويل السلطة لطبقة العمال وفقا للنظرية الماركسية اللينينية " وليس لأنني لا اعترف بالكيان الصهيوني ومؤسساته" ، بل لأنني على قناعة إن قضايا الناس الذين يقبعون تحت نير العنصرية الإسرائيلية في الجليل والمثلث والنقب لم ولن تحسم قضاياهم في الكنيست الإسرائيلي وخصوصا بكل ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية للناس.

قضية مصيرية واحدة
أعطوني قضية مصيرية واحدة تخص الجماهير الفلسطينية في الداخل تم حسمها في الكنيست الإسرائيلي: قضايا الأرض، يوم الأرض، أراضي الدوحة، أم السحالي، أراضي البدو في النقب، القرى الغير معترف بها في النقب، قرية العراقيب، مشاكل الري للمزارعين العرب في سهل البطوف، شهداء أكتوبر، الأسرى والمعتقلين من عرب إل 48، حرمان المواطنين العرب من السفر بسبب ضريبة التلفزيون، أسعار الارنونا الملتهبة، قضايا البطالة، التصنيع والمصانع في الوسط العربي وقضايا العمال العرب الذين يعملون في ظروف عمل عبودية في المصانع في المجيدل ومناطق "مسغاف وترديون " ، قضايا العاملات مساعدات الحاضنات في رياض الأطفال التي تنتهك حقوقهن يوميا على أيدي السلطات المحلية العربية المحسوبة بأنها تنتمي للجبهة أو التجمع، الخصم في مخصصات التامين الوطني لمستحقي مخصصات البطالة للذين لا يخدمون في الجيش....... ( المعلومات من نقابة العمال العرب في إسرائيل ) والقائمة ما زالت طويلة على غياب كامل من مسمع ومرأى النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي الذين ينحدرون من هذه القرى العربية البائسة والتعيسة التي تحولت منذ زمن طويل إلى "غيتوات" فقر وبطالة.
 

التهجم على من امتنع عن التصويت:
في مقالتين متزامنتين، منفردتين، ربما بالصدفة أو بغير الصدفة، نشرتا بفارق ساعة واحدة في موقع "العرب" للنائبين محمد بركة وجمال زحالقة يوم 25.1.13 يتبين إن النائبين اتهما الجماهير العربية التي امتنعت عن التصويت بالسبب في عدم تصاعد قوة هذين الحزبين، وانه على الرغم من الارتفاع الطفيف ( الاثنان اكدا على هذه الجملة) في نسبة المصوتين العرب فان هذه النتائج هي مفخرة للاعتزاز!!.النائب محمد بركة كان الأكثر هجوما وحدة على جماهير الناس التي لم تنزل الى الصناديق وقال في مقالته :" نعتز في الجبهة بانجازنا بان الجبهة هي القوة الأولى في المجتمع العربي......... نتنياهو تولى رئاسة الحكومة بفضل صناعة الإحباط واللامبالاة والمقاطعة التي يمارسها البعض في المجتمع العربي..... يجدر بنا اان إرسال برقيات التهنئة لأصحاب صناعة الإحباط واللامبالاة بمناسبة فوز مرشحهم برئاسة الحكومة السيد بنيامين نتنياهو وربما أيضا يجدر بنا أن ننصح هؤلاء بالوقوف قليلا أمام المراه والتمعن في وجوههم عند كل موجة غلاء..........." ( لماذا هذا الاستهتار بفئة من شعبنا اختارت أن لا تصوت).
النائب جمال زحالقة لم يكن بعيدا في تحليله لنتائج الانتخابات عن زميله في البرلمان محمد بركة، في مقالته المنشورة، بدا مفرطا في التفاؤل ، متفائلا ويعيش نشوة الانتصار لكنه لم يكن قاسيا في لهجته على من امتنع عن التصويت، يقول زحالقة في مقالته: " كان بالإمكان الناخب العربي أن يزيد عدد القوائم العربية لكنه لم يفعل ذلك وبقيت الأمور على ما كانت عليه رغم ارتفاع طفيف لكنه مهم في نسبة التصويت......... التجمع في طريقه الواثقة والواعدة لتتحول إلى القوة المركزية على الساحة السياسية العربية في البلاد، هذا هو المعنى الحقيقي لنتائج الانتخابات الحالية".!!!


مقالات لا تحترم عقول 40% من المقاطعين
إذا كانت المقالتين المنفردتين التي وقعتا باسم النائبين محمد بركة من الجبهة الديمقراطية للسلام وجمال زحالقة من التجمع الوطني الديمقراطي فعلا تعبر عن استنتاجات وتحليلات لقيادة هذين الحزبين فان الجماهير العربية تعيش في أزمة قيادة حقيقية تفرض على من تبقى من غيورين ومخلصين في هذه الجماهير بالتفكير مليا لخلق قيادة ثورية بديلة لهذه القيادات، أمر صعب لكنه ليس بالمستحيل. لا نقبل ولا نفهم، وليس هناك أي مبرر يستطيع أن يقنعنا أن يقوم نوابنا بالهجوم والاستهتار، أو التوبيخ او الإدانة ل 40 % من الجماهير الفلسطينية التي رفضت النزول إلى صناديق الاقتراع، أليس من الحري على هذه الأحزاب ونوابها وقياداتها ان تقف وقفة طويلة في لحظات تأمل ومراجعة لتكتشف وتستوعب أين كان الخطأ، كان من الأجدر إن يتم إجراء فحص علمي وشامل وموضوعي عن السبب في تراجع عدد المصوتين العرب وأيضا السبب في عدم ازدياد مقاعد النواب، وللعجب إنهم يخرجون بعد كل جولة انتخابية فخورين بنشوة الانتصار لان كتلتهم البرلمانية حظيت بثقة الجماهير ولا زالت تحافظ على قوتها وقواعدها!! كان من الحري بقيادة هذين الحزبين، وطبعا لا استثني أبدا القائمة العربية الموحدة والتي هي عبارة عن خليط فكري وربما ربما إيديولوجي لم افهمه حتى اليوم، والكثير مثلي في أوساط جماهيرنا في الداخل.

نشوة الانتصار
لست بحاجة ان اذكر النواب العرب بان هناك الكثير من القيادات السياسية والأحزاب البرلمانية في أقطار عديدة من العالم استخلصت عبر من كبواتها وفشلها وأعطت دفة القيادة لأجيال وقيادات جديدة، وهذا لا يحصل في أوساط أحزابنا إلا بعد أن يغادر النائب مقعده عنوة بعد إن عاش نشوة الانتصار لساعات قصيرة لكن فرز صناديق الجنود والمستشفيات قد أخرجه عنوة عن الكرسي التي التصق بها في الكنيست على عشرين عاما. إن هذه الأحزاب التي تلصق التهم بالجماهير التي لم تنزل لصناديق الاقتراع عليها أن تراجع نفسها وتتهم نفسها، من المذنب؟ هل يعقل أن 40% اخطأوا في قرارهم، هل هذه الجماهير "مسلحة ومشربة بايدولوجيا العداء للبرلمان الصهيوني"، هل كلها تقاطع لان اليهود " احتلوا أرضنا وشردوا شعبنا عام 1948" ، هذه مبررات مفهومة واحترمها بعد اضطهاد وتنكيل وعنصرية جاثمة على صدورنا منذ 68 عاما ويحق لهؤلاء المقاطعة لان هذا رأيهم وهذا موقفهم، إنهم لا يريدون التصويت ولهم كل الحق في ذلك وليس لأحد مهما كانت مرتبته أو منصبه أن يضعهم ويصنفهم في خانة " دعم اليمين ونتانياهو".

بيانات
في جانب أخر ولا أريد أن أخوض في ذلك الآن، هل حقا أن بيانات الحزبين حول الانتصار وتعزيز القوة في أوساط الجماهير فعلا حقيقة، هل فعلا زادت أو ازدادت قوة الحزبين وضربت ورسخت جذورهما في الأرض وهل كمية عدد المصوتين في الصناديق في هذا الحزب أو ذاك هي التي تحسم مدى أصالة وامتداد ورسوخ وتحذر هذا الحزب في أوساط الجماهير.؟؟ أليس هذا الأمر وحده كفيل بمراجعة النفس واستخلاص العبر بأخطاء الحزب وكوادره ، مراجعة مؤلمة وقاسية في صفوف قيادات هذه الأحزاب لا احد يريد أن يخوض بها حتى هذه اللحظة، لكنها مهمة لحزب يريد إن يوسع كوادره في صفوف الجماهير. إن الجماهير التي قاطعت الانتخابات ولدت من رحم المعاناة والاضطهاد من القرى والمدن العربية ،إنهم الناس الفقراء والبسطاء الذين فقدوا أرضهم، يعيشون واقعهم اليومي الصعب ويركضون وراء لقمة عيشهم ويفهمون في السياسة والاقتصاد أكثر ما قد يفهمها أي نائب عربي في الكنيست، إنهم خبراء في فهم وقراءة فواتير الارنونا وضرائب الأرض وضريبة الأملاك، إنهم يفهمون تهديدات الخصم في مخصصاتهم الاجتماعية أكثر مما يفهمها أي نائب عربي، إنهم يقاطعون الكنيست الإسرائيلي ليس لأنهم يكمنون العداء للأحزاب العربية أو النواب العرب، إنهم لا يتبنون بتاتا الرواية الصهيونية لأعضاء الكنيست الصهاينة الذين يروجون :" إن النواب العرب لا يفعلون شيئا من اجل جمهورهم، إنهم مشغولون في فلسطين والمقاطعة في رام الله....."، إنهم ببساطة يقاطعون الانتخابات لأنه فيش حدا بعبرهم، لان أحدا من كوادر الأحزاب وقادتها لا يزورهم في إحيائهم وبيوتهم ومواقع عملهم، إنهم مهمشين مرتين، وقضاياهم المركزية والملحة ليست على جدول أعمال احد، إنهم جماهير بدون قيادة، ولكن هناك قيادة تهاجمهم وتلومهم لأنهم لم ينزلوا إلى صناديق ليست العنوان التي تحل مشاكلهم الملحة والملتهبة.
وإزاء هذا الموقف المأساوي الذي لا نحسد عليه يقول الكثيرون ممن قاطعوا وحتى الذين لم يقاطعوا : " هم قاعدين على الكراسي ويقبضوا وإحنا ما حدا بطلع علينا"، انا لست ممن يروج لهذه الأمور ولكنني أتساءل وبكل صدق،وأمل أن أجد الجواب: هل تستطيع الأحزاب العربية كلها الاستمرار وتمويل المكاتب والمعاشات بدون التمويل من الكنيست؟؟

حركة شعبية للمقاطعة
في مراجعة سريعة لنتائج الانتخابات في الدورتين الأخيرتين للكنيست، ووفقا لمزاج الجماهير الذي ازدادت قناعتها بمقاطعة انتخابات الكنيست الإسرائيلي كنتيجة مباشرة لحالة الإحباط بسبب عدم طرح وإيجاد حلول لقضاياه الملتهبة عبر الكنيست، وإحباطهم من النواب العرب في الكنيست، فان الحاجة لتأسيس حركة مقاطعة شعبية للكنيست الإسرائيلي أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى، هذه الحركة يجب أن تستند في برنامجها إلى المقاطعة مسألة القضايا الملحة والملتهبة للجماهير الفلسطينية في مناطق إل 48 على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وان تدل وتبرهن وفقا لدراسات وأبحاث علمية إن قضايا الناس الفلسطينيين الذين يعيشون في دولة إسرائيل لم ولن يتم حلها عبر الكنيست الإسرائيلي. من دون الدخول في التفاصيل الكثيرة، على ما يبدو فان هذه الحركة بدأت تتبلور من اجل بناء هيكلها التنظيمي، ومؤسسيها سيكونون من الناس البسطاء والفقراء والمثقفين،وستعكس الانتخابات القادمة مدى نجاح ونجاعة هذه الحركة الشعبية وقد تكون فعلا المفاجئة الكبرى في الانتخابات القادمة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان:alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة