الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 05:02

مقاومة قانون المقاطعة كنموذج للنضال الشعبي الجماعي/ بقلم: محمد زيدان

كل العرب
نُشر: 07/12/12 10:17,  حُتلن: 10:22

محمد زيدان مدير المؤسسة العربية لحقوق الانسان في مقاله:

المقالة تهدف لطرح نموذج جديد للتعامل مع مثل هذه الحالات التي من المتوقع ان تتزايد مع زيادة الفاشية في الشارع والبرلمان الاسرائيلي

اسرائيل لن تجلس مكتوفة اليدين أمام هذا التصعيد ومن الممكن ان تفعِّل "قانون المقاطعة" من خلال الإيعاز للمستوطنين بتقديم دعاوى مدنية

ادوات النضال المستخدمة منذ اكثر من 60 عاما ورغم التفاوت بتقييمها الا أنها أثبتت فشلها أو على الاقل لم تحقق الأمل المرجو منها


تناقش المحكمة الاسرائيلية العليا هذه الايام قضية "قانون المقاطعة" بناء على التماسات تقدمت بها عدة جهات اسرائيلية ومجموعات حقوقية ضد القانون الذي اقرته الكنيست العام الماضي (2011) . وهذا القانون لا يمنع المواطنين من الدعوة للمقاطعة (مقاطعة اسرائيل او منتجات المستوطنات) ، وانما يفتح الباب أمام استعمال الدعوة للمقاطعة باعتبارها سببا "لضرر مدني" يمكّن المتضررين من تقديم دعوى مدنية والمطالبة بتعويضات عن الخسائر الناجمة عن هذه المقاطعة – حتى بدون الحاجة للربط المباشر بين الدعوة العينية للمقاطعة والخسائر الناجمة عنها!!. وقد جاء هذا القانون لتسليطة كسيفٍ على رقاب منظمات المجتمع المدني التي تتبنى دعوة المجتمع الدولي لمقاطعة اسرائيل والمستوطنات وسحب الاستثمارات منها كسبيل للضغط من أجل انهاء الاحتلال.

إلغاء القانون
من خلال مراجعة سريعة يبدو ان النضال ضد هذا القانون (مثله كباقي القوانين العنصرية التي سنت بالجملة خلال الاعوام الاخيرة) لم يتجاوز بالمرحلة الأولى، البيانات الشاجبة من قبل الجمعيات والاحزاب والخطابات من على منبر الكنيست (التي اقرت القانون بغالبة واضحة!)، وبعض المقالات في الصحافة العربية والعبرية، إضافة لبعض المواقف من مؤسسات دولية لحقوق الانسان وبعض الممثليات الدبلوماسية والبرلمانيين الاوروبيين. اضافة لتقديم التماسات "لمحكمة العدل العليا" لالغاء هذا القانون لمخالفته "قوانين دستورية". ولا اقصد بالطبع التقليل من اهمية هذه الاساليب من النضال بأي حال من الأحوال، ولكن الحقيقة أنها لم تؤدي الهدف المنشود وهو الغاء هذا القانون. ويبدو أن فهم أدوات النضال الممكنة والمتاحة قد جعل الجميع يجلس بهدوء بانتظار لحظة البحث في المحكمة العليا التي جاءت هذا الأسبوع ليعود الحديث عنه ضمن نشرات الاخبار كقضية قضائية قانونية يتحدث المحامون والقضاة بشأنها !!. ومن المثير الإشارة لتركيبة القضاة الجالسين بالمحكمة (رئيس المحكمة المستوطن – أمرأة يهودية – عربي )التي يمكن ان تشير لتاثير هذه التركيبة، الأمر الذي على الاسئلة التي طرحت من القضاة على المحامين الذين شاركوا بالجلسة!.

نموذج نضالي شعبي وسلمي
وبغض النطر عن القرار الذي سيصدر عن هذه المحكمة (الذي كما يبدو يميل لرفض الالتماسات وتشريع القانون)، فإن هذه المقالة تهدف لطرح نموذج جديد للتعامل مع مثل هذه الحالات التي من المتوقع ان تتزايد مع زيادة الفاشية في الشارع والبرلمان الاسرائيلي، وهي تطرح نموذج نضالي شعبي وسلمي يعتمد فكرة الخروج من قواعد اللعبة المفروضة علينا والمتوقعة بشكل دائم، واستعمال الإمكانيات خارج الحيز المتاح "بالديمقراطية الاسرائيلية" من خلال استنباط أسالب نضالية جديدة تتلائم مع حجم التحديات والانتهاكات القائمة والمتوقع تزايدها.

سحب الاستثمارات
ماذا لو قامت 500 جمعية ومؤسسة عربية أو اكثر، وبضمنها الجمعيات الاهلية والهيئات التمثيلية (احزاب واعضاء كنيست ولجنة متابعة ولجنة رؤساء وغيرها) يضاف اليها قائمة بمئات الأكاديميين والمحامين وغيرهم من الشخصيات الإعتبارية، بالتوقيع على بيان الهيئات الاهلية الفلسطينية الداعي لمقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها ( صدر البيان عام 2009 ووقعت عليه 4 جمعيات عربية من منطقة 48 ، منها 3 غير فاعلة!)، وأن يتم هذا التوقيع بصورة علنية، يرافقة إعلام وصحافة عربية وعبرية، وأن يكون هذا التوقيع ضمن خطة لخلق واقع جديد "يخالف" القانون الجائر علانية، ويصرح باسم هذه المؤسسات والشخصيات مجتمعة عن نيتها عدم احترام هذا القانون لكونه ينتهك الحقوق الإنسانية الأساسية، ويشكل وسيلة تستعملها الغالبية لتقييد حقوق الأقلية وحقها بالتعبير بحرية، مستغلة "الادوات الدمقراطية" غير الاخلاقية، التي تعتمد على الغالبية المضمونة دائماً في البرلمان الاسرائيلي لمثل هذه التشريعات.

النضال الفلسطيني
هذا الموقف الجماعي المؤيد للنضال الفلسطيني من اجل الحرية، والمناهض للاستيطان والمستوطنات الذي يدعم المقاطعة الشعبية والرسمية لإسرائيل وللمستوطنات، ويدعو المجتمع الدولي لأخذ موقف فاعل ليس من خلال المقاطعة وعدم دعم اقتصاد الاحتلال فحسب، بل بالمبادرة لسحب الاستثمارات من الشركات التي تقيم علاقات اقتصادية وتدعم هذا الاحتلال وادواته وبرأسها المستوطنات. يذكر أن هذا الموقف قد أخذ يحظى بتأييد شعبي واسع في عدة دول، وهناك توجه واضح نحو تبنيه بشكل رسمي من قبل بعض الحكومات التي بدأت للحديث بشكل واضح عن منتجات المستوطنات باعتبارها منتجات "مخالفة للقانون الدولي" ويجب مقاطعتها، هذا علاوة عن النشاطات المتزايدة لفرض مقاطعة اكاديمية آخذه بالتوسع في مختلف الجامعات والمعاهد الأكاديمية في عدة دول.

الرد الإسرائيلي
الرد الإسرائيلي المتوقع، وهل يمكن استيعابه؟ طبعا اسرائيل لن تجلس مكتوفة اليدين أمام هذا التصعيد ومن الممكن ان تفعِّل "قانون المقاطعة" من خلال الإيعاز للمستوطنين بتقديم دعاوى مدنية، ومطالبة الجهات الموقعة والداعية للمقاطعة بدفع التعويضات لها. عندها سيكون الرد جماعياً وبصوت موحد مسموع أننا لن ندفع الغرامات المفروضة بموجب قانون عنصري نرفضه، وطبعاً لا يمكن أن نتوقع أن تقوم الدولة باغلاق 500 مؤسسة او اعتقال 500 شخصية من الفلسطينيين مواطني الدولة، ويمكن تخيل الإحراج الممكن إحداثه نتيجة لمثل هذا الاجراء الغبي ان حصل، وإن فعلت ذلك فسيكون بمثابة اعلان حرب على كل الحقوق المدنية والسياسية وحق التنظيم بشكل سافر، وأن تكون الخطة جاهزة لتحفيز الجمهور للمشاركة الواسعة بنضالات واسعة ضد هذا الإجراء، بالاضافة لاستغلال ما يمكن من تحركات دولية شعبية ورسمية ضده الامر الذي سثير عاصفة ضد العنصرية والتمييز، ويفتح أبواب النضال ضدها في كل المحافل الجماهيرية الشعبية والدولية.

نقاش جدي
طبعا السيناريو المقترح لا يشمل كل التفصيلات والتوقعات الممكنة، لكنه مجرد اقتراح ومثال لفتح نقاش جدي تشارك به كل الاطراف المعنية (أحزاب ، متابعة، جمعيات وغيرها ) لوضع برنامج جدي لتطوير اساليب النضال من أجل تحقيق انجازات حقيقية وفعلية في محاربة القوانين العنصرية وقرارات المحاكم التمييزية. خاصة وأن ادوات النضال المستخدمة منذ اكثر من 60 عاما، ورغم التفاوت بتقييمها، الا أنها أثبتت فشلها، أو على الاقل لم تحقق الأمل المرجو منها. وبالطبع فإن الاقتراح أعلاه لا يشكل بديلاً عن أي اسلوب نضالٍ آخر، بل يجب النظر اليه كفكرة لليحث عن وسائل نضالية جديدة، تستعمل بالتوافق مع الإمكانات الأخرى القائمة. يجب التأكيد أن بحث هذه الإمكانية يجب أن يتم بإجماع أو على الاقل بقطاع واسع من الهيئات والمؤسسات، دون اغفال الطابع الجماهير الشعبي والسلمي لهذه الوسيلة، التي يمكن تعميمها على الكثير من النضالات الوطنية والحقوقية التي لا تختفي من ساحتنا، آخذين بعين الإعتبار موازين القوى القائمة بين الاكثرية اليهودية المسيطرة والاقلية الفلسطينية المهمشة، من أجهزة الدولة الرسمية (القضائية الحكومية والبرلمانية) وسيطرة اليمين المتطرف – الفاشي على رأسها.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 
 

مقالات متعلقة