الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 12:02

موقف خطير/ بقلم: رون چيرليتس وباتيا كالوش

كل العرب
نُشر: 17/10/12 12:59,  حُتلن: 07:56

رون چيرليتس وباتيا كالوش في مقالهما:

التحريض ضد أعضاء الكنيست والقيادة العربية متواصل ويحظى بتعزيز من أطراف متطرفة بالحكومة

ما يثير القلق بدرجة أكبر هو ظاهرة إحراق المساجد وتصاعد العنف في الشارع ضد العرب وغيرها من الأمور

المساعدات الخيرية تشكل بدورها أداة ضاغطة على الدولة وتدفع الحكومة إلى توسيع نشاطاتها في مجال التطوير الاقتصادي

مجتمع عربي قوي يمكنه أن يواجه الأغلبية اليهودية في المسائل الصعبة المتعلقة بتعريف الدولة والحقوق القومية وحق العودة

وزارة الرفاه الاجتماعي تقلص بشكل منهجي الفجوة القائمة بين ميزانيات الرفاه الاجتماعي للبلدات العربية وتلك الخاصة بالبلدات اليهودية بل وتقوم بتفعيل وتطبيق جملة من المشاريع والخطط التي تنطوي على تمييز إيجابي

سياسة الحكومة والكنيست الحالية بالتعامل مع المواطنين العرب تتضمن جوانب مفرّقة، مميِّزة وخطرة. التحريض ضد أعضاء الكنيست والقيادة العربية متواصل ويحظى بتعزيز من أطراف متطرفة بالحكومة. لكن كل التصريحات والتصرفات القاسية من قبل الوزراء في الحكومة لا تمنع المجتمع العربي عن العمل بشكل منهجي للتصدي للظواهر هذه والتقدم بالمواطنين العرب. هذا النشاط يحظى أحيانا لأذن صاغية لدى الموظفين الحكوميين. رغم هذا، يمكن لمن يقرأ الانتقادات الموجهة لسياسة الحكومة تجاه المواطنين العرب، أن يعتقد أن الحكومة بكل نشاطاتها وموظفيها موجهة ضد المواطنين العرب وأن كل جهود الدفع باتجاه سياسة متساوية قد فشلت. لكن الأمر ليس كذلك.

التطوير الاقتصادي
إذا جمعنا الظروف المختلفة وفي مقدمتها الضغوط التي مارسها المجتمع العربي ونشاط الجمعيات العربية والجمعيات المشتركة، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والأحزاب العربية والشباب وأطراف أخرى نجد أنها نجحت في التأثير! في مجال تقليص عدم المساواة القائمة، وتحقيق التطوير الاقتصادي وتحسين التشغيل داخل المجتمع العربي- فقد بدأت الحكومة في العقد الأخير بتحريك عمليات وسيرورات مهمة جديدة ومثابرة. نود هنا تقديم عدة أمثلة، ليس من باب التلهف من النشاط الحكومي إنما من باب الرغبة بدراستها لزيادتها.

خدمة الدولة
كان تمثيل العرب في سلك خدمة الدولة 5% في العام 2003، وطرأ منذ ذلك الوقت ارتفاع مستمر إذ وصلت النسبة في العام 2011 إلى 7.8% (أي زيادة بأكثر من 50%!) ارتفع عدد الموظفين العرب في السلك الحكومي في تلك السنوات من 2800 موظف في العام 2003 إلى 5000 في العام 2011- أي ارتفاع كبير بنسبة 78% مقارنة بارتفاع قدره 12% فقط في عدد العاملين اليهود. إننا نتحدث عن ارتفاع حاد (وخلافا للادعاء السائد- فالارتفاع ليس نتيجة استيعاب موظفين عرب دروز) نتيجة لسياسة موجهة تهدف لزيادة تمثيل العرب في سلك الدولة. بعد سنوات طويلة من الإهمال سلكت وزارة المواصلات مسار عمل لإدخال حافلات النقل العام إلى البلدات العربية ونجحت في تحقيق ذلك في رهط، كفر قاسم وفي بلدات أخرى.

الرفاه الاجتماعي
تقلص وزارة الرفاه الاجتماعي بشكل منهجي الفجوة القائمة بين ميزانيات الرفاه الاجتماعي للبلدات العربية وتلك الخاصة بالبلدات اليهودية، بل وتقوم بتفعيل وتطبيق جملة من المشاريع والخطط التي تنطوي على تمييز إيجابي لصالح البلدات العربية. تعمل وزارة البناء والإسكان على تسويق أراض في البلدات العربية وقد نجحت في ذلك في الناصرة وأم الفحم وبلدات أخرى.
تطبق الحكومة في مجال التشغيل عدة برامج لتشجيع تشغيل عرب وتحرك الآن أيضا عملية واسعة النطاق لإقامة مراكز تشغيل في 22 بلدة عربية. نتحدث هنا عن عملية واسعة النطاق رصدت لها ميزانية وبدأ العمل في تطبيقها.

العلاقات بين السلطة والمواطنين العرب
ممنوع أن نتجاهل الصورة العامة لشبكة العلاقات بين السلطة وبين المواطنين العرب، التي تمتاز في السنوات الأخيرة أيضا بعمليات تشريع قوانين عنصرية، ومحاولات للمس بمواطنة العرب وبتصريحات عنصرية تصدر عن شخصيات عامة. وما يثير القلق بدرجة أكبر هو ظاهرة إحراق المساجد وتصاعد العنف في الشارع ضد العرب وغيرها من الأمور. يعمل الموقّعان أدناه، ليل نهار، سوية مع شركاء عرب، ضد هذه الاتجاهات السلبية، ومن أجل الوصول إلى مجتمع متساو ومشترك. واضح أيضا أن التقدم الذي أنجز في رصد الموارد غير كافٍ. فهو لا يسد الفجوات العميقة، ولا يزال الطريق طويلا. لكننا نعمل في السنوات الأخيرة، وبشكل مكثف، على تحليل سياسة الحكومة تجاه المواطنين العرب وفي النضال من أجل المساواة. وبالاعتماد على بحث معلوماتي ومن خلال المعرفة العميقة التي تربطنا بالموظفين ومعرفتنا للسياسة الحكومية فإننا نستطيع أن نكتب، وبمسئولية أننا لا نتحدث عن حالات فردية، أو بالتصريحات فقط، بل إن قسما كبيرا من موظفي الدوائر والوزارات الحكومية، وعلى مستويات رفيعة، يتبنون ويطبقون سياسة تهدف لسد الفجوات في توزيع الموارد بين اليهود والعرب.

تحسين وضع المجتمع العربي
وبالإضافة للحكومة فإن متبرعين- من إسرائيل والعالم ويهود الولايات المتحدة- يستثمرون في تحسين وضع المجتمع العربي وخاصة في مجالي التعليم والتشغيل. نتحدث عن استثمار كبير وطويل الأمد يفضي إلى تحقيق نجاحات تثير الانطباع مثل ازدهار صناعات الهايتيك في الناصرة في السنوات الأخيرة (أكثر من 300 عربي يعملون حاليا في صناعات الهايتيك في الناصرة مقارنة بأقل من 30 شخصا في العام 2008)، كما نجح معهد الهندسة التطبيقية "التخنيون" وبدعم المنح والمساعدات بخفض نسبة تسرب طلاب الجامعات العرب من 28% إلى 12%. كما أن المساعدات الخيرية تشكل بدورها أداة ضاغطة على الدولة وتدفع الحكومة إلى توسيع نشاطاتها في مجال التطوير الاقتصادي.

تطوير المجتمع
هناك أسباب كثيرة تدفع الحكومة إلى العمل لتطوير المجتمع العربي وتقليص الفجوات. فالضغط الذي يمارسه المجتمع العربي، طبعا، (جمعيات، أحزاب، شباب وآخرون) يؤثر. بالإضافة لذلك، فإن كثيرين من متخذي القرارات يعملون مدفوعين بالمصلحة الاقتصادية للدولة المتمثلة بتطوير المجتمع العربي ودمجه في اقتصاد الدولة. إذ نجد عند الكثيرين أن مفاهيمهم المهنية والأخلاقية تقول بواجب تقليص التمييز والدفع نحو المساواة. الانتقادات التي توجهها منظمات دولية مثل OECD تؤثر هي أيضا (مع أن الادعاء القائل بأن ضغوطها هي العامل الرئيسي لسياسة الحكومة ليس صحيحا).
ولكن أيا كانت الأسباب والعوامل، فإن بيت القصيد هو أن حكومة إسرائيل، عبر موظفيها الحكوميين، تقلص الفجوات في مجالات كثيرة. في المقابل فإن أصواتًا كثيرة في الوسط العربي تنكر وجود هذا التوجه الحكومي، وتدعي بحدوث تدهور عام في كافة المجالات وأن ما تحقق هامشي للغاية.

المس بالمواطنين العرب
فالشاب العربي الذي يسمع أن كل جوهر الحكومة والمجتمع في إسرائيل هو المس بالمواطنين العرب، لن يبذل جهدا للقبول في وظيفة حكومية أو في شركة هايتيك. المهنيون في السلطة المحلية الذين يسمعون هذه الادعاءات لن يجدوا القوة اللازمة للنضال من أجل الحصول على ميزانيات حكومية. هذا يعني أيضا أن الادعاء بأن هنالك توجها سلبيا أيضا بمجال الاقتصاد ورصد الموارد، هو ليس ادعاء خاطئًا فحسب بل يؤدي أيضا إلى اليأس. اليأس هو ربما أشد عدو للمجتمع العربي في إسرائيل. هذا ادعاء خطير يضعف المجتمع العربي، ويضعف عزيمة العاملين في هذا المجال- في وزارات الحكومة وفي المجتمع المدني- ويضر بهذه الطريقة بالنضال من أجل المساواة.
التطوير الاقتصادي، دفع التعليم والتشغيل ليست أمورا هامشية في النزاع القومي بين اليهود والعرب في إسرائيل. فمجتمع عربي قوي يمكنه أن يواجه الأغلبية اليهودية في المسائل الصعبة المتعلقة بتعريف الدولة، والحقوق القومية وحق العودة. الأصوات التي تتنكر لتطورات إيجابية، تمس بالمواطنين العرب وبقدرتهم على النضال من أجل هذه المسائل الوطنية.

* رون ﭽيرليتس هو مدير عام مشارك في جمعية سيكوي، جمعية عربية يهودية تعمل لتحقيق المساواة. باتي كالوش هي مديرة هبات صندوق موريا ومستشارة لصناديق دعم خيرية في إسرائيل تموِّلُ نشاطات لتحقيق المساواة للمجتمع العربي

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة