الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 20:02

مسألة الديموقراطيّة والوطن العربيّ/ بقلم المحامي: جريس بولس

كل العرب
نُشر: 08/10/12 09:42,  حُتلن: 13:39

المحامي جريس بولس في مقاله:

نقف ضد القمع في كل مكان إذن ولكن مع حريَّة الوطن أولاً أي مع مصلحة الامَّة فلا بد من ترتيب واضح للأولويّات أيضاً لان حريَّة الوطن مقدّمة ضروريَّة لحريَّة المواطن / الفرد

عندما تتوقف مصلحة البشريَّة بأسرها على نتائج حروب المواقع التي تخوضها قوى المقاومة والعوائق الموضوعيَّة ضد الطرف الامريكيّ – الصهيونيّ وأذنابه يجب ان نحسم أولاً في أي المعسكرين نقف

لو أخذنا كل حالة انتهاك لحقوق الانسان في الوطن العربيّ أو العالم باعتبارها حالة انتهاك لحقوق الانسان فحسب، وتعاملنا معها هكذا كأنها تقع في فراغ بغض النظر عن أي اعتبارات إستراتيجيَّة أو سياق سياسيّ، فاننا سنسقط بالضرورة وبكل حسن نيَّة في الفخّ الذي وقع فيه كثيرون عندما رفعوا ابّان المواجهة في وجه القيادة العراقيَّة سابقاً، والقيادة السوريَّة والسودانيَّة حالياً، شعار: لا للديكتاتوريَّة ولا للاحتلال، فكانت النتيجة الموضوعيَّة لذلك الموقف متساوي الاضلاع المساواة العمياء بين الحليف والعدو .....

أخطاء وتجاوزات
لو قسنا اخطاء وتجاوزات طرف عربي مستهدف في حالة مواجهة مع المشروع الامريكي – الصهيوني على قدم المساواة بالضبط مع السياسات القمعية لجهة متحالفة مع المشروع الامريكي – الصهيوني، فاننا سنسقط حتماً في براثن رؤيا فرديَّة تسطيحيَّة لمشكلة الديموقراطيَّة، هي بالضبط رؤية قوى الهيمنة الخارجية التي تربط ما بين حريَّة الفرد وحريَّة الاستثمار وحريَّة تحويل كل قيمة اجتماعيَّة أو معنويَّة إلى سلعة، باختصار، وعملياً حريَّة الشركات متعديَّة الحدود واللوبي الصهيوني بنشر هيمنتهما على بلادنا. فقبل تحديد أي موقف من تجاوزات وأخطاء حزب البعث في العراق أو في سوريا، أو حتى من تشدد طالبان المفرط في افغانستان، أو كيم جونغ إيل في كوريا الشمالية، يجب أن نتساءل: هل تتحدَّد الديموقراطيَّة فقط بنوعيَّة العلاقة ما بين الفرد / المواطن من جهة والدولة من جهة أخرى، وهي وجهة النظر الغربية التقليديَّة كما نعلم، ووجهة نظر من يساوي نظرياً ما بين اعتقال مقاوم للتطبيع في منغوليا مثلاً واعتقال صاحب رأي مخالف في سوريا أو العراق سابقاً؟ أم أن حريَّة ومصلحة الامَّة ككل تقتضي عدم المساواة ما بين الحالتين، وبالتالي عدم تجريد أي حالة قمع عن سياقها العام؟

الحرية
فمن وجهة نظر جمعيّة، وجهة النظر الوطنية إذا شئتم، مقابل وجهة النظر الفرديَّة المجرَّدة، لا يمكن ولا يجوز أن تتساوى معارضة موالاة أمريكا سياسياً مع معارضة معارضة أمريكا حتى مع افتراض حسن النيَّة، فالاولى ديموقراطية موضوعياً من منظور اجتماعيّ ووطنيّ وعالميّ، أما الثانية فتقف دوماً على منزلق خطر في أحسن الأحوال إن لم تدخل في دائرة الشبهة ... والعدو نفسه يدرك هذه المعادلة ويستفيد منها للحدّ الأقصى. والفرق هو السّياق، وهل نتناوله من منظور فردي (اللاسّياق) أم اجتماعي (مصلحة الامَّة ومعاداة الامبرياليَّة) .... فعندما تتوقف مصلحة البشريَّة بأسرها على نتائج حروب المواقع التي تخوضها قوى المقاومة والعوائق الموضوعيَّة ضد الطرف الامريكيّ – الصهيونيّ وأذنابه، يجب ان نحسم أولاً في أي المعسكرين نقف، لأن لا رماديَّة في الموقف، فليس هناك من خيار ثالث أو حل وسط ما بين الامبرياليَّة والمقاومَة، وعندما نحسم، وفقط بعد ان نحسم تماماً، اين نقف إزاء الوطن، وبعد أن نصطفّ بشكل لا يقبل اللبس مع القوى المقاومة للسيطرة الامريكيَّة – الصهيونيَّة، يمكن ان نعطي انفسنا حريَّة الاختلاف مع الحليف الموضوعيّ من هذه الارضيَّة الواضحة وضوح الشمس.... نقف ضد القمع في كل مكان إذن، ولكن مع حريَّة الوطن أولاً، أي مع مصلحة الامَّة، فلا بد من ترتيب واضح للأولويّات أيضاً، لان حريَّة الوطن مقدّمة ضروريَّة لحريَّة المواطن / الفرد .....

لحظة انقضاض
ومع هذا، تبقى لحظة انقضاض الطرف الامريكيّ – الصهيونيّ على عائق موضوعي ما، ليست اللحظة الأمثل لفتح معركة الديموقراطيَّة مع حليف مستهدف خارجيّاً .... ولذا لا نملك إلا ان نطرح ألف علامة استفهام على توقيت ممارسات المعارضة اللبنانيَّة والسوريَّة، وقبلها العراقيَّة، لو افترضنا حسن النيَّة .... فمن ناحية سياسيَّة محضة، يصبح اختيار لحظة الاستهداف الحرجة لطرح قضية الديموقراطيَّة الداخلية ذريعة، لتدخل قوى الهيمنة الخارجيّة، تماماً ككلام الحق الذي يراد به باطل، ومن وجهة نظر الامَّة ككل، لا يجوز ان نهاجم الحليف الموضوعيّ في لحظة المواجهة الحرجة مع الطرف الامريكيّ – الصهيونيّ إلا في حالة تهاونه وتقديمه لتنازلات جوهريَّة تمس مصالح الامَّة.

الرؤية الاجتماعيَّة للديموقراطيَّة
إذن الرؤية الاجتماعيَّة للديموقراطيَّة ليست كالرؤيَة الفرديَّة للديموقراطيَّة، بل يجب ان تخضع الحقوق الفرديَّة بالضرورة للمصلحة الاجتماعيَّة إذا تعارضا، دون ان يعني ذلك انهما متعارضان مسبقاً، ولكن لانغفل ان راية الرأسماليَّة العالميَّة اليوم هي راية الحريَّة الفرديَّة على حساب الاستعباد الجماعيّ، فحريَّة سعد الدين إبراهيم نقيض لحريَّة مصر، وحريَّة الشركات متعديَّة الحدود نقيض لحريَّة الامَّة في التنميَة، وعندما تصبح "الديموقراطيَّة" ذريعة الاستعمار، يجب ان نقول بملىء الفم: "تباً لهكذا ديموقراطيّة! وقبل ان يرخي الليل سدوله على هذه المقالة وفي نفس السّياق أقول: يكاد يفلقني "المفكر" حين ينظِّر عن أهمية الديموقراطيَّة في سوريا ولا ينبس ببنت شَفَة عن الديموقراطيَّة في قطر والبحرين والسعودية ودول الخليج، هذه هي الديماغوغيَّة بامتياز. وشكراً مرة اخرى د. إبراهيم علّوش، كما شكرك د. رفعت سيد أحمد في مقاله "......" المثقف .... أن فسدَ!! 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة