الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 17:02

تداعيات منظر الجدار الفاصل/ بقلم: عزت فرح

كل العرب
نُشر: 03/09/12 11:29,  حُتلن: 08:48

عزت فرح من كفرياسيف في مقاله:

الافكار الشيطانية العنصرية لم ولن تمنع تحرر الشعوب

اكاد اصرخ بل اكفر كلّما جابهني هذا الجدار المرعب نفسيا اكثر من رعبه المادي

لا يمكن اعتبار الجدار حدودا سياسية بل هو جدار من اجل اعاقة اقامة دولة فلسطينية مستقبلا

احسن فكرة للدفاع عن حدود بلادك تكمن في ارساء السلام والديموقراطية بين مواطنيك اولا وتطوير علاقات جوار مسالمة مع جيرانك

كلما قمت بزيارة القدس وبيت لحم ورام الله وغيرها من مناطق الضفة الغربية صدمني بل قل صعقني منظر الجدار الفاصل العازل الصهيوني وتصوّرت حالة هؤلاء التعساء اقصد الاسرائيليين الموغلين في العنصرية لاّنني ارى تعاستهم في افكارهم الهزيلة: كيف لهم ان يتصوّروا ان هذا العمل الشيطاني سوف يحدّ من طموحات الشعب الفلسطيني ما اتعسهم هلّا فكّروا عندما حوصروا في غيتوات في المانيا وانحاء واسعة من اوروبا، وكيف ان هذا العزل زادهم عزما واصرارا على الحياة. بهذا التصرف الصبياني العشوائي المتهوّر جعلوا الشعب الفلسطيني منعزلا هل لم يفكّروا بما حلّ بهم عندما حشروا بغيتوات الم تكن لهم تداعيات من اتعاس الشعب الفلسطيني.

تعاسة المحتل
كلّما مررت بهذه الجدران راودتني فكرتان: تعاسة المحتل وضيق أفق تفكيره . وتاْثير هذا الجدار على نفسيّة الفلسطينيين الذين سلبت ارضهم وحاول المحتل المستبد ان يقهرهم في طموحاتهم باقامة دولتهم العتيدة والمستقاة، وجعل حياتهم مريرة وليس اصعب ولا اقسى من ان تلغي الاّخر وتحاول ان تمنع تطلّعاته بعمل كولونيالي همجي. اكاد اصرخ بل اكفر كلّما جابهني هذا الجدار المرعب نفسيا اكثر من رعبه المادي. لقد احتار المحلّلون هل يعتبرون الجدار الفاصل حدودا امنية اوحدودا سياسية، وهل يعيد الدولة الى عقليّة ( الغيتو) ام هو امتداد للابارتهد بحق الفلسطينيين؟.

ابعاد سياسية واستراتيجية
إنّ اليمين الاسرائيلي راّ ى في الجدار – في بداية الطريق- تنازلا عن دولة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات. لا يمكن اعتبار الجدار حدودا سياسية، بل هو جدار من اجل اعاقة اقامة دولة فلسطينية مستقبلا. ولهذا فان الجدار العنصري الفاصل له ابعاد سياسية واستراتيجية.
وللجدار في العقلية الصهيونية اذا عدنا للتاريخ قليلا هي فكرة قديمة وقد تعود حتى الى العقلية اليهودية الدينية: فإن اسوار اريحا الحصينة طوّرت الجماعات المتعصبة اليمينية فكرة الاغيار والغيتو. واصبحت الاسوار جزءا من الثقاقة الاجتماعية للوجود الصهيوني حتى في اكثر المجتمعات انفتاحا.

نموذج احتلالي
مجرد طرح فكرة الاسوار والجدران كنموذج احتلالي برزت هذه الفكرة في ادب الحركة الصهيونية عندما طرح هرتسل في كتايه ( الدولة اليهودية): إن دولة اليهود المنشودة ستكون عبارة عن سور فاصل يفصل حضارة الغرب وتتقدّمه عن- بربرة- الشرق. إن خيال شارون منذ 1973 هو الذي ارسى لفكرة العزل العنصري لتكوين حدود يمكن الدفاع عنه، واقامة المستوطنات في الضفة الغربية وتحويلها الى معازل. ولن اناقش ضحالة هذه الفكرة لاّن احسن فكرة للدفاع عن حدود بلادك تكمن في ارساء السلام والديموقراطية بين مواطنيك اولا وتطوير علاقات جوار مسالمة مع جيرانك، هيهات أن يستوعب هؤلاء فكرة ارتباط الاّمن بالسلام. بعد ذلك انتقلت الفكرة- فكرة العزل- الى اجندة الاحزاب الكبرى فمن الليكود انتقلت الفكرة الى اجندة حزب العمال. ففي 1988 طرح حزب العمل فكرة – هالوفيم- وهو اقتراح اقامة سياج بين الضفة الغربية واسرائيل. لقد شكّلت فكرة اقامة جدعر العزل وخطة فك الارتباط استجابة للعقلية الاسرائيلية في الداخل وتنسجم مع متطلبات الحركة الصهيونية خارجيا ودوليا.

في راّيي لماذا قويت فكرة الجدار الفاصل العازل:
1-ضعف الخط الليبرالي وتقوية الخط اليميني والمتدين داخل الحياة السياسية الداخلية في اسرائيل.
2- عدم قدرة الجانب الاسرائيلي على تقديم استحقاقات للفلسطينيين فانعكست الاّية لطالما ادّعت اسرائيل أن العرب والفلسطينيين غير قادرين على تقديم استحقاقات العملية السلمية.
3- ظهرت اّثار سلبية نتيجة الانتفاضة: الوضع الاقتصادي المتدهور وتغير البنية الاجتماعية في المجتمع الاسرائيلي اذ ازداد اقبال اليهود الشرقيين على دخول الجيش.
4- ازداد الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية فقد زاد عدد المستوطنين عن 400 الف مستوطن وزادت البؤرالاستيطانية عن 280 واصبح من مهام الحكومات المتعاقبة المحافظة على المستوطنين والاستيطان لان هذه الحكومات جميعا هي التي شجعت وموّلتها.
5- تقريبا اضمحلّ وجود حزب العمل وضعف كثيرا بعد سقوط حكومة باراك.

كانت هذه اهم الاسباب الداخلية اما الاسباب الخارجية فاهمها:
1- تداعيات الحادي عشر من سبتمبر وانهماك العالم بالحرب على "الارهاب" وتصنيف بعض رموز المقاومة بالحركات الارهابيةو كان هذا هديّة قدمت لشارون.
2- الصعود المتنامي لحركة حماس سواء في سعة الانتشار الجماهيري او في علاقة حماس بفتح ما اشار الى ان حلكة حماس قد تكون جزءا من التركيبة السياسية او هي نفسها التركيبة السياسية المستقبلية.
3- الموقف الدولي من حتمية قيام الدولة الفلسطينية.

ما هي الاهداف المرحلية لاقامة الجدار الفاصل العنصري؟
1- اضافة عنصر جديد لطاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، مما يجعل المفاوض الفلسطيني قد يقدّم تنازلات.
2- لقد بعث الجدار الفاصل رسالة واضحة الى الشعب الفلسطيني عنوان هذه الرسالة: المستوطنات والجدار هما نتيجة المقاومة مما جعل الاسرائيلي يفكر انم طلبة الفلسطينيين ستكون اقل من طموحاته في السابق، وهنا اود أن انوّه ان كل هذه الافكار الاسرائيلية كانت حلم ليلة صيف مؤلمة لان النتيجة كانت على العكس تمام.
3- الضغط الاقتصادي على الشعب الفلسطيني وازدياد البطالة وسوف تصبح الحاجة ماسّة اكثر للعمل داخل الخط الاخضر.
4- محاولة اقناع العالم ان الشعب الفلسطيني هو شعب همجي ولكن خاب ظنهم وخس.

أما من الناحية الاستراتيجية اهمم يهدف اليه اقامة الجدار العازل:
1- الغاء اقامة دولة فلسطينية مستقلة.
2- الغاء حق العودة.
إن الانتفاضة صرعت الاسرائيليين العنصريين واثبتت مما لا يدع مجالا للشك على ان الشعب الفلسطيني على اقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وكاملة السيادة هذه تشكّل عقبة لاسرائيل بمختلف الاطباف والمفاهيم. وبعد الانتفاضة سعى شارون الى ضرب محاور مهمة فلسطينية: ضرب المؤسسات التابعة للسلطة الفلسطينية والمؤسسات التابعة للمقاومة. استهداف النخب بالقتل والاغتيال ، محاولة ضرب الاقتصاد الفلسطيني بشتى الوسائل والصور . واهم من كل ذلك تغيير معالم الاراضي الفلسطينية ببناء المستوطنات العشوائية وشق الطرق الالتفافية التي تلتهم نسبة كبيرة من الاراضي، واخيرا بناء الجدار العازل العنصري ويعتبر اقامة الجدار العازل هذا اخطر مشروع لاقامة الدولة العتيدة اذ يشكّل طول الجدار 660 كم ما يقارب ضعف طول خط الهدنة ويضم الجدار نحو 10.2 بالمائة من الارض الفلسطينية وتعتبر الاراضي المصادرة جرّاء الجدار من اخصب الاراضي نتيجة لاعمال التجريف دمرت كثير من اشجار الزيتون والحمضيات ، كما منع الجدار حق البناء 200 مترا بعيدا عن الجدار.

صمود الانسان الفلسطيني
كل ما ذكر اّلفا يؤدي الى ضرب مقوّمات صمود الانسان الفلسطيني واستنزاف النفسية الفلسطينية وسوف يقطّع اواصر الروابط الاجتماعية مما سيؤدي بالتالي الى الهجرة ، وسوف يمنع الجدار دخول البضائع الفلسطينية الى مناطق ال48 وبالعكس سوف يسهّل دخول البضائع الاسرائيلية. واما الهدف الثاني من اقامة الجدار العنصري فيكمن في الغاء حق العودة مما يجعل الاراضي خلف الجدار لا يسمح باستيعاب التوسع الطبيعي للسكان. الجدار اقيم كذلك ليحافظ على جميع المستوطنات ولا يسمح باقامة مشاريع اقتصادية كبيرة. والقضية الاخطر فهي القدس او ما يطلق عليه غلاف القدس. إن الافكار الشيطانية العنصرية لم ولن تمنع تحرر الشعوب فالى جماهير شعبنا المحاصر الفجر سينبلج وتضمحل كل الخطط الاشتعمارية وسوف تنتصر ارادى الشعوب مهما طال الزمن.
 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة