الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 16:02

الدولتان في ذمة الله وأوساط يسارية صهيونية تنعى إتفاق أوسلو/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 01/09/12 11:58,  حُتلن: 13:56

وديع عواودة في مقاله:

 انشغال مصر وبقية العالم العربي في شؤون داخلية سيستبعد استعادة اللحمة الفلسطينية

الانقسام بين فتح وحماس يتعمق والمسافة بين رام الله وغزة تتسع وهما لا يقويان على تحديد موعد انتخابات عامة

إسرائيل لم تكن يوما معنية بتسوية الدولتين وحتى حينما كانت تقول إن دولة فلسطينية مصلحة إسرائيلية لم يكن ذلك سوى ضريبة شفوية

المستوطنون في العام  2012 باتوا مختلفين تماما زادوا كما وكيفا تساندهم لوبيات سياسية قضائية ومالية محلية وفي الولايات المتحدة والأهم أنهم جزء لا يتجزأ من التيار المركزي الإسرائيلي


يبعد الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني اليوم فكرة " الدولتين" عن أرض الواقع وفي الأفق تلوح مؤشرات كثيرة بتبددها وتحولها لغير ذي صلة ومستحيلة التطبيق. الانقسام بين فتح وحماس يتعمق والمسافة بين رام الله وغزة تتسع وهما لا يقويان على تحديد موعد انتخابات عامة، فهل يتوافقان على رؤية سياسية تتعلق بما يعرف بـ " الحل الدائم"؟ ولا شك أن انشغال مصر وبقية العالم العربي في شؤون داخلية سيستبعد استعادة اللحمة الفلسطينية.

الشرخ النكبوي
الأهم أن الشريك الإسرائيلي منذ توقيع أوسلو عام 1993 قائم على الورق فقط . قبل الانقسام الكبير خاضت السلطة الفلسطينية بقيادة رئيس " غير إرهابي" المفاوضات مع إسرائيل وظلت النتائج كما كانت من قبل، طحن ماء". لكن ومنذ زلزلت الأرض بهذا الشرخ النكبوي (من نكبة) وهو يصب الماء على طاحونة الدعاية الإسرائيلية ويخدم سياستها المعلنة القائمة على فرية " اللا شريك". في خطاب بار إيلان أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قبوله هو أيضا بالدولة الفلسطينية غير أن الأهم ما تصنعه يداه لا ما يله جبه لسانه. ولجانب " اللاشريك" نتاج وزير الأمن إيهود براك يستثمر نتانياهو منذ بدء ولايته إيران فزاعة لطي الملف الفلسطيني مثلما يستغل " الربيع العربي" للزعم الديماغوغي أن التسويات اليوم أشبه ببناء على رمال متحركة.

ضريبة شفوية
هو سلام بالهواء واستيطان على الأرض يقطّع أوصال الضفة الغربية ويخنق القدس ويهّودها بمستوطنين ضاعفوا أعدادهم منذ أوسلو بست مرات،وهم اليوم نحو نصف مليون نسمة يقيمون في 200 مستوطنة لم يعد ممكنا مبادلتها بأرض أخرى نتيجة سعة انتشارها. يبدو أن إسرائيل لم تكن يوما معنية بتسوية الدولتين وحتى حينما كانت تقول إن دولة فلسطينية مصلحة إسرائيلية لم يكن ذلك سوى ضريبة شفوية.
لم يكن بمقدور الاستيطان النمو والتبلور لولا الدعم الرسمي السخي من قبل كل الحكومات المتعاقبة التي طمعت بالمزيد من الأرض وتوافقت على كون دولة الجوار تهديدا لإسرائيل. هذه هي إرادة السواد الأعظم من الإسرائيليين قبل اغتيال رابين. والمتّمعن بالتحولات الباطنية لدى الإسرائيليين الذين يتحّولون تدريجيا لمجتمع أكثر تطرفا قوميا ودينيا (ومعهم الصراع لذي طابع ديني) يعي أن فكرة " الدولتين" في ذمة الله وهناك أوساط يسارية صهيونية مؤيدة للتسوية نعت أوسلو منذ سنوات وأقرت بوفاة " الدولتين". " بيت إيل ويتسهار أهم من عكا وحيفا " يقول زعماء وحاخامات المستوطنين. في الواقع هم يعبرون عن رأي أغلبية الإسرائيليين.

الحلبة السياسية
حتى لو كان الصراع متغيرا وتتدفق مجرياته بتغيّر الظروف وقبلت أغلبية عددية في إسرائيل تسوية الدولتين فإن المستوطنين باتوا قادرين على سد الطريق أمامها وسط استغلال لمعطيات الحلبة السياسية . المستوطنون في العام 2012 باتوا مختلفين تماما زادوا كما وكيفا تساندهم لوبيات سياسية، قضائية ومالية محلية وفي الولايات المتحدة والأهم أنهم جزء لا يتجزأ من التيار المركزي الإسرائيلي.

فشل الدولتين
وعلى ضوء ما يبدر بالأفق هل نبقى نحن العرب في إسرائيل أسرى فكريا وسياسيا لرؤية فقدت معظم صلاتها بالواقع؟ رغم أن مجرد التفكير بسقوط " الدولتين" اليوم يبدو ضربا من العبث أو الخيال أو اليأس سيما أن البعض يعتقد أن فشل الدولتين يعني فوريا استحالة العيش بدولة واحدة .
سقوط " الدولتين" لا يعني فورا ولادة " الدولة الواحدة " فالمساحة بينهما تتسع لسيناريو آخر،يعرفّه العالم بالآبرتهايد وهو الاحتمال المرجح في العقدين القادمين وللمرحلة الجديدة خلف عتبة الباب يجب أن نبدأ بالاستعداد. بالطبع لا تعني الدولة الواحدة تنافس " فتح" مع " الليكود" في انتخابات الكنيست،بل الحديث عن صيغة كونفدرالية.

الأفكار المعلبة
ومهمة الخروج من إسار المألوف والأفكار المعلبة لن تكون مهمة الأحزاب العربية بداية، فهي عالقة، كل لدوافعه، بما تطرحه وتؤمن به. الجبهة (الحزب الشيوعي) لن تسارع للتفريط بفكرة قام عليها الحزب منذ نحو القرن وبالنسبة لها ستبقى " عنزة ولو طارت ". ونتيجة تجاذبات داخلية وغيرها من المرجح أن تتعامى قياداتها خاصة أتباع الحرس القديم عن سرقة الأرض من تحت أقدام " الدولتين"،حتى " دولتين لشعبين". ويبدو أن إعادة نظر حقيقية ليست مهمة سهلة على التجمع أيضا طالما ظل ممثلا في الكنيست. والحركة الإسلامية خاصة " الشمالية" لا تبدي ما يؤشر نحو إمكانية الخروج من المعلبات العقائدية التقليدية ومن رؤية الدولة الإسلامية المطلقة.

ساعة العمل حانت
هذه هي مهمة المثقفين أولا فالتطورات والمؤشرات بل الغيوم المتلبدة في الأفق تستدعي تقييم هادئ وصريح لمجمل مسيرتنا السياسية نحو جعل دورنا أكثر فعالية بعدما صرنا رقما لا يمكن تجاهله بأي معادلة. لقد حانت ساعة العمل لكل من قاد وشارك في التصورات الرؤيوية من أجل البدء بتسمية الولد بإسمه،بالتصريح بـ" الدولة الواحدة " لا بالتلميح. هذا يعني قيادة المبادرة لتقييم وإعادة نظر شامل بما تم حتى اليوم واستشراف ما هو آت، من خلال طرح الموضوع على الأجندة العامة، تعويمه والخوض بنقاشات حقيقية حوله لشق الطريق أمام المستوى السياسي وبذر بذور جديدة في أرض قديمة. وبخلاف المرة السابقة ينبغي طرح فكرة النصوص المستقبلية دون تهديد الشارع الإسرائيلي ومن خلال رؤية مدنية ديموقراطية تستحق تقديم تنازلات من طرفنا.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة