الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 22:02

لن تعودوا لبيوتكم حتى يأذن لكم الكلب/ بقلم: رياض هبرات

كل العرب
نُشر: 09/08/12 15:48,  حُتلن: 14:20

الساعة الثالثة بعد الظهر ،الموافق للسابع عشر من رمضان ،يوم شديد الحرارة ،المكان معبر الجلمة خروجا من مدينة جنين .طابور من السيارات ينتظر بالدور على معبر الجلمة، أجواء رمضانية رائعة ، سيارات تحمل اطفالا فرحين بقرب الافطار وفرحين بملابس العيد الجديدة والتي قد تم شرائها من جنين . ربات بيوت يردن الوصول على جناح السرعة للناصرة وكفركنا والرينة وطرعان كي يحضرن وجبة الافطار .

ولكن طابور السيارات لا يتحرك ولا يتقدم خطوة الى الامام ،مكيفات السيارات تعمل بنشاط ،اصوات زمامير بدأت تتعالى ،غضب شديد من المنتظرين بالدور على المعبر ، لا ماء ولا دخان ...انتظار وانتظار وبكاء بعض الاطفال هنا وهناك.

ها قد تم فتح الحاجز ، الطابور يتقدم كالسلحفاة وقد تم ادخال عشر سيارات دفعة واحدة . خمسة من الميمنة وخمسة من الميسرة وقد تم اغلاق المعبر بعد ذلك، وكانت سيارتي الاولى والتي ستدخل بالمرة القادمة. يا الهي ماذا يفعل هؤلاء الجنود ،ينزلون الصائمين من سياراتهم بالحر الشديد ويتوجه الصائمون الى غرفه من الزنك يدخلون من الجهة الشرقية ويخرجون الى الجهة الغربية لينتظروا المرحلة القادمة وهم معلقون بين السماء والطارق. انتظار وانتظار وبكاء اطفال وبعض التمتمات الخجولة من قبل بعض الاشخاص. انتظرت نصف ساعة اراقب ماذا يحدث ولم افهم شيئا سوى التحرش بهؤلاء الصائمين العزّل. الحمد لله ها قد فتح الحاجز مرة ثانية وتقدمت حوالي عشرون مترا ،أوقفتني مجندة اثيوبية وطلبت مني ان افتح شباك سيارتي ،فتحت الشباك وطلبت مني بطاقة الهوية ونظرت الى الهوية تارة والى وجهي تارة اخرى وسألتني بالعبرية هذه هويتك ؟فقلت نعم سالت مرة اخرى هذه هويتك فلم اجبها فاجابت بنبرة عالية وماذا فعلت بجنين ؟؟ فأجبتها الا تعتقدين ان سؤالك به شيء من الوقاحة ؟هذا ليس من خصوصياتك ، فطلبت مني وكأنها تريد الانتقام "اخرج من السيارة وخذ عربة وافرغ حمولة سيارتك بالعربة وادخل عبر غرفة الزنك ريثما يتم تفتيش سيارتك ،فضحكت وقلت لها لا شيء معي بالسيارة حتى اسحب عربة لن ادعك تتمتعين بمعانا تي. وكالمرة السابقة خمس سيارات من الميمنه وخمسة من الميسرة للتفتيش ،والتفتيش يتم بواسطة ادخال انبوب بلاستيكي الى السيارة بعد اغلاق شبابيكها واخراج الركاب منها واحيانا يتم اخراج البضاعة من السيارة ،فيتم وضع اسفنجة براس هذا الانبوب ويتم ادخال الاسفتجة الى السيارة ويتم نفخ غاز خاص بداخل السيارة ليختلط هذا الغاز بمحتويات السيارة فتمتص الاسفنجة جميع الروائح الموجودة بالسيارة وبعدها يتم اخراج الاسفنجة من راس الانبوب وملائمتها مع رقم السيارة وادخالها الى غرفة جانبية. وبالفعل هذا ما حدث للعشرة سيارات ومن ضمنهم سيارتي وقد دخلنا جميعا عبر غرفة الزنك من الشرق الى الغرب وانتظرنا بين السماء والطارق تحت اشعة الشمس المحرقة انتظرنا قرار الاسفنج !!!! .

طال الانتظار هذه المرة واوشكت الساعة قريبة من اذان العصر فتوجهت الى ضابط المعبر وقلت له الم تسمع بشهر رمضان ؟الا تعلم اننا الان برمضان وان جميع هؤلاء صائمون يتذمرون من سوء المعاملة والانتظار على المعبر ،الا تخجلوا من انفسكم هنالك اطفال ونساء وشيوخ ينتظرون ولا يدرون لماذا ينتظرون ؟ متى ستحرروننا الى بيوتنا؟ وقد ارتفع صوتي بعض الشيء فسمعتني المجندة الاثيوبية فتقدمت نحوي وأشارت بإصبعها "لن تعودوا لبيوتكم حتى يأذن لكم الكلب ". ورجعت ادراجها فقلت للضابط هل سمعت وقاحتها ؟ فضحك هو ايضا وكرر نفس الجملة وفال لي بمنتهى الادب اذهب واجلس مكانك حتى يأذن الكلب بذلك. رجعت لمكاني انتظر مع عشرات الاشخاص وكان بيننا حارسا روسي الاصل يحفظ النظام فتقدمت منه وسالته الى اين يأخذون هؤلاء الحراس الاسفنجات ؟فقال لي يدخلونها الى غرفة الكلاب كي تشمها الكلاب فان كانت نظيفة يأذن الكلب بالعودة وان كانت غير نظيفة يبدأ الكلب بالنباح وبعض الاسفنجة وهذا يعني ان شيئا ما بالسيارة فعندها يتم ليقاف السيارة والقبض على صاحبها. انتظرنا وانتظرنا لاكثر من نصف ساعة وها هو الحارس يخرج من غرفة الكلاب ويبشرنا بان الكلب قد اذن لمجموعتنا بالمغادرة والعودة الى بيوتنا فدخل كل الى سيارته شاكرين الكلب الامين على حسن المعاملة،والسؤال الذي قد يطرح نفسه ماذا لو رفض الكلب ان يشم الاسفنجة ،او دخل وقت غذاء الكلاب ،هل سيبقى الصائمون تحت رحمة الكلب؟؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة