الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 14:02

ثورة 23 يوليو هي أساس الثورات العربية الوطنية/ بقلم: زياد شليوط

كل العرب- تصوير:
نُشر: 30/07/12 14:02,  حُتلن: 14:07

زياد شليوط في مقاله:

يقظة الضباط الأحرار وتصدي عبد الناصر لنوايا ومؤامرة الاخوان أعادتهم الى أماكنهم الضيقة

اليوم للأسف نشهد أن هناك من لم يتعلم من دروس التاريخ ويعمل على سرقة مكتسبات ثورة 25 يناير وتجييرها لصالحه

الثورات التي تصنعها الإرادة الشعبية الحقيقية والمعبرة عن طموحاته الصادقة لن تسمح لأي عابث أن يحرفها عن مسارها ولن تسمح لأي مزور أن يطمس مبادئها ومطالبها العادلة

"إن أعظم ما في ثورة 23 يوليو سنة 1952 أن القوات التي خرجت من الجيش لتنفيذها، لم تكن هي صانعة الثورة وانما كانت أداة شعبية لها." هذا ما أعلنه قائد ثورة 23 يوليو جمال عبد الناصر في "الميثاق"، والتي نحتفل هذه الأيام بمرور ستين عاما على قيامها بقيادة تنظيم "الضباط الأحرار" وعلى رأسه القائد الفذ الخالد جمال عبد الناصر. وفي ذكرى هذا العام هناك أكثر من درس ومن عبرة يمكن لنا أن نستنتجها، على ضوء ما مرت به مصر في العام ونيف الأخير، وخاصة ما يعرف باسم "ثورة 25 يناير" وما تلاها من تطورات منها انتخابات برلمانية ورئاسية أدت الى سيطرة الاخوان المسلمين وحلفائهم من الأصوليين على سدة الحكم في مصر.

التاريخ يعيد نفسه
لقد قال ماركس بأن التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى على شكل مأساة وفي الثانية على شكل مهزلة. وهذا ما حصل في مصر للأسف، فقد سعت حركة الاخوان المسلمين، التي لم تشارك في ثورة 23 يوليو الى الانقضاض عليها بعد فترة وجيزة من نجاحها وثباتها، وحرف مسارها بما يخدم عقيدتها ورؤيتها، لكن يقظة الضباط الأحرار وتصدي عبد الناصر لنوايا ومؤامرة الاخوان أعادتهم الى أماكنهم الضيقة، وبعد محاولتهم الفاشلة في اغتيال القائد جمال عبد الناصر عام 1954، لجأوا الى تخزين السلاح عام 1965 لكن عبد الناصر كان لهم بالمرصاد مرة أخرى، ومنذ ذلك الوقت وهم يحقدون على عبد الناصر ويكنون له الضغينة والعداء، التي لم تتوقف حتى بعد رحيل ووفاة الزعيم.
وما فشلت فيه حركة الاخوان المسلمين مع ثورة 23 يوليو، نجحت فيه للأسف مع ثورة 25 يناير، وتحققت مقولة ماركس حيث نرى أن استعادة حركة الاخوان المسلمين لمحاولتها السيطرة على الثورة تم على شكل مهزلة.

الوقوف موقف المتفرج والمترقب
الحركة كما هو معروف لم تشارك في الثورة الثانية أيضا منذ البداية، وفضلت الوقوف موقف المتفرج والمترقب، حتى ترى الى أين تتجه الرياح، ولما رأت أن الرياح تهب كما تشتهي سفن الحرية والديمقراطية، تحرك الاخوان وانقضوا على الثورة وبدأوا يوجهون الدفة وفق مصلحتهم، إلى أن تم لهم بالمراوغة السياسية والألاعيب الانتخابية القذرة السيطرة على الحكم، وتم لهم في عام 2012 ما فشلوا فيه قبل ستين عاما. وبدل أن يثبت د. محمد مرسي الرئيس المنتخب لمصر أنه فعلا رئيس لكل المصريين كما وعد وقال وصرح، وكل ذلك كان مجرد ضريبة كلامية علنية، لم يستطع اخفاء مدى عدائه للقومية ولثورة 23 يوليو وقائدها عبد الناصر، وأدلى بأقوال غريبة تنم عن عداء واضح، ورغم استقالته العلنية من حزب العدالة والحرية التابع للاخوان ليثبت أنه رئيس لكل المصريين، لم يتمكن من التراجع عن فئويته وحزبيته واخوانيته، وأراد أن ينتقم من الثورة الأساس. وأمام الغضب الشعبي تراجع عن أقواله تلك في خطابه يوم الاحتفال بالعيد الستين للثورة، وثبت أنه لا يمكن لأحد مهما كان أن يزور التاريخ ويلغي مكتسبات وانجازات ثورة يوليو، وكما سبق وفشل السادات وبعده مبارك في هذه المهمة، رغم ما امتلكاه من نفوذ وسيطرة شبه مطلقة على الحكم، فلن يكون حظ مرسي أفضل منهما.

ثورة وطنية
إن ثورة 23 يوليو ثورة وطنية جاءت لتلبي مطالب وحاجات الشعب المصري، ومع أن الشعب لم يشترك في التخطيط والتنفيذ، لكن الضباط الأحرار كانوا خير معبر عما يجيش في نفوس ابناء الشعب المصري، لذلك لم يخرج أحد ليدافع عن النظام الملكي الفاسد وانحاز الشعب بكليته فيما بعد الى جانب الثورة بعد التعرف الى مبادئها، وبعدما رأى الشعب بدايات انجازاتها وأعمالها. وخاصة تأميم الشركات الأجنبية وتوزيع الأراضي على الفلاحين وتأميم قناة السويس ونشر التعليم وبناء المساكن الشعبية وغيرها وغيرها من المطالب الشعبية. وهكذا فان الثورة الحقيقية تقاس بمدى تلبيتها مطالب وطموحات الشعب، كما قال الرئيس الخالد عبد الناصر في الميثاق: " إن قيمة الثورة الحقيقية بمدى شعبيتها، بمدى ما تعبر به عن الجماهير الواسعة وبمدى ما تعبئه من قوى هذه الجماهير لإعادة صنع المستقبل وبمدى ما يمكن أن توفره لهذه الجماهير من قدرة على فرض إرادتها على الحياة".

دروس التاريخ
واليوم للأسف نشهد أن هناك من لم يتعلم من دروس التاريخ، ويعمل على سرقة مكتسبات ثورة 25 يناير وتجييرها لصالحه. لكن كما فشل من حاول وسعى لإلغاء ثورة 23 يوليو من تاريخ مصر ومن ذاكرة الشعب المصري وبالتالي الشعب العربي بأسره، هكذا سيفشل من يعمل على سرقة منجزات ثورة 25 يناير. لأن الشعب له بالمرصاد وأن تشكيل التيار الشعبي المصري خير دليل على ذلك. فالثورات التي تصنعها الإرادة الشعبية الحقيقية والمعبرة عن طموحاته الصادقة، لن تسمح لأي عابث أن يحرفها عن مسارها، ولن تسمح لأي مزور أن يطمس مبادئها ومطالبها العادلة. وثبت اليوم أنه لولا ثورة 23 يوليو لما هب الشعب على الظلم والفساد في ثورة متجددة أعادت الحياة والاعتبار للثورة الأم.
 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة