الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 00:02

من شعراء فلسطين : الشيخ علي الأحمد الشجراوي وثورة 1936 / بقلم:سعيد فالح بكارنه

كل العرب
نُشر: 12/07/12 18:56,  حُتلن: 08:25

عرفت قرية الشجرة الفلسطينية في التاريخ الفلسطيني الحديث بازدهارها الثقافي والعلمي ، فهذه القرية الواقعة بين الناصرة وطبريا والتي اشتهرت بالمعركة التي سميت على اسمها عام 1948 ، عرف أبناؤها بإقبالهم على العلم وحبهم للثقافة حتى أن أهلها يروون  أن عدد الأميين عشية عام 1948 كان أقل من عشرين شخصا فقط من عدد سكانها الذي كان يقارب تسعمائة نسمة . وكما نعلم فقد نبغ من هذه القرية عدة شخصيات شهيرة : مثل الفنان ناجي العلي ،والفنان إبراهيم محمد الصالح (أبو عرب )والأستاذ فؤاد ياسين وغيرهم .


ولعل من أهم الشخصيات الثقافية التي ارتبطت بهذه القرية ، والذي لم يكتب لقصائده أن تجمع في ديوان مطبوع هو الشاعر الشيخ علي الأحمد بكارنة المعروف بالشجراوي .
 

ولد شاعرنا - الذي ذكره كتاب معجم العشائر الفلسطينية بأنه من فحول شعراء فلسطين - في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي في قرية الشجرةلعائلة بكارنة والتي ترجع أصولها إلى عشيرة السلايمة ثم قبيلة شمر وتلقى العلم الديني على يد مشايخ من الأزهرقدموا إلى فلسطين أيام الانتداب البريطاني وأخذ ينظم الشعر منذ صغره ، ثم خدم فيالجيش العثماني التركي برتبة ضابط ، وعايش شاعرنا فترة الانتداب البريطاني وخلد فيها كثيرا من الوقائع التاريخية بقصائده . وبعد عام 1948 هجر إلى مدينة الناصرة ، بعد أن نزح معظم أفراد عائلته إلى خارج البلاد و مقتل ولده سعد في معركة الشجرة واستمر ينظم الشعر إلى أن توفي في الناصرة عام 1960م . 


في هذا المقال سأحاول تسليط الضوء على عدد من قصائد الشاعر التي تسنى لنا جمعها من مخطوطات العائلة ورواية عدد من كبار السن والتي يسطر فيها الشاعر أحداثا تاريخية من الثورة الفلسطينية التي نشبت بين الأعوام 1936 – 1939 ، مع العلم أنني لن أتطرق إلى حرب عام 1948 وما أثرته على نفسية الشاعر والتي خلدها شاعرنا بعدة قصائد لعل أشهرها قصيدته المشهورة في عتاب الزعماء العرب والتي يحفظها كثير من كبار السن من أهل الشجرة ومن القرى المجاورة والتي مطلعها :


لله عان حالف الأحزانا مذْ فارق الأوطان والخلانا
يأوي لناصرة الجليل مشردا يبكي الجماد لحاله أشجانًا


لقد نظم شاعرنا قصيدتين في رثاء اثنين من قادة الثورة هما :عبد الرحيم الحاج محمد وعبد الله الأصبح .
الأول : عبد الرحيم الحاج محمد وهو من سكان قرية ذنابة قرب طولكرم ، والذي يعتبره كثير من المؤرخين القائد العسكري للثورة ، والذي استشهد عام 1939 قرب قرية صانوربعد معركة مع الانجليز :

نَاحَتْ فِلَسْطِيْنُ عَمَّ الْنَّوْحُ وَادِيها......... أَمْصَارَهَا أَضْرَبْتُ , حَدَّتْ بَواديها
تهيم في الأرض وجدًا لا أنيس لها تسائل الركب هل شهمٌ يلبيها ؟
يا منْ رأى أكحل العينين متشحا صفين من بندق المرتين شاكيها
يجيبها هاتف في الجو مرتفع رأيته في جنان الخلد يبغيها
عبد الرحيم الذي قد كان يحرسها من كل آت أتى في الظن يبغيها


أما الثاني فهو عبد الله الأصبح من الجاعونة واستشهد عام 1938 في معركة مع الانجليز قرب سحماتا ودفن في سعسع :


خطبٌ ألم بنا فحط رحالا أدمى القلوب وقصر الآجالاً
يا راحلين إلى الشمال تريثوا حتى أصوغَ من الرثاء مقالاً
وإذا وصلتمْ جانبا من سعسعٍ وصعدتمُ بعد الهضاب جبالاً
عوجوا بقبرٍ ضم طودا شامخا من باسل مفضالاً
حيوه ألف تحية من أثكل جعل السواد لحزنه سربالاً
فلنندبنك بالبنادق صدحاً مستلقحات بالرصاص حبالى


إضافة إلى ذلك فقد استطعنا العثور على عدد من الأبيات لقصيدتين يذكر شاعرنا معركتين من معارك الثورة ويرثي شهدائهما وهما معركة على شارع عكا- صفد قرب الرامة ، ومعركة "كبشانة" قرب كفركنا .
أما المعركة الأولى فكانت كما يبدو عام 1938 واستشهد فيها ثمانية من الثوار يبدو أن معظمهم من سخنين :


نَاحَتْ فِلَسْطِيْنُ عَمَّ الْنَّوْحُ وَاديها .أمْصَارَهَا أَضْرَبْتُ , حَدَّتْ بَوَاديها
يَاوَيْحَهَا أَعْوَلَتْضَاقَتْ مآتُمُهَا بَالنَّادَبَات ِ الْثَّكَالَىْ مِنْأَهاليها
يَنْدُبْنَ غَرّا مَيَامِيْنَاغَطَارِفَةً بَاعُوْا نُفُوْسَا أَبِيَّاتٍلِبَارِيهَا
مِثْلَ الْأَشَاوِس مِنْ سَخِنِينَ إِذْ نَهَضوا .. لَسَّاحَةِ الْحَرْبُ لَمْ يَخْشوا عَوَادِيهَا
كَأَنَّهُمْ أُسْدُ غَابٍهَاجِهِمْ ضَبُعٌ يَحُوْمُ بِالْغَابِ كَيْ يَرْعَىْمَراعيها
رُغْمَا عَلَىَ كَثْرَةِ ٍبالخصم مَعَعُدَدٍ وَطَائِرَاتٌ عَلَتْ تَرْمِيْ مَراميها
أَصَّلُوا الْعُدَاةَ قِتَالِا كَادَ يَهْزِمَهم. لَوْلَا الْشَّهَادَةُ جَاءَتْ فِيْ تهاديهَا
فَاسْتَأْثَرَتْ بِثَمَانٍمِنْ سَرَاتِهُم نَالُوْا الْشَّهَادَةَ وَالْرَّحْمَنُمُعْطيهَا
طُوَبَىْ لَهُمْ فِيْ جِنَانِ الْخُلْدِمَسْكَنِهِمْ بَاعُوْا الْنُّفُوْسُ فَكَانَ الْلَّهُ شَارِيِهَا
يَاحَسْرَةً خُلِّفُوْا مِنْ بَعْدِهِمْ خَلَفَا مِثْلَالزَغَالَّيلَ لَيْسَ الْرِّيش كاسيها


وأما معركة "كبشانة " والتي وقعت قرب كفركنا عام 1938 واستشهد فيها أربعة عشر من الثوار فلم نستطع أن نعثر إلا على بيتين من قصيدة طويلة يخلد فيها شاعرنا هذه المعركة :


صوتُ النوائح في الدجى أبكاني وبكا الثواكل في الدجى أشجاني
عشرٌ وأربعةٌ سمت أرواحهم لمعارجِ الفردوس والرضوانِ


نرجو أن نكون قد وفقنا في هذه العجالة أن نلقي الضوء على شاعر لم يأخذ حقه من الشهرة ولم يكتب لقصائده أن تجمع في ديوان ....

الناصرة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة