الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 14:02

ذهاب صداقة في مهب الريح!/ بقلم: حنيفة سليمان

كل العرب
نُشر: 13/06/12 16:26,  حُتلن: 22:16

علاء وإبراهيم إسمان يلمعان في سماء الطفولة لعبق الألفة الذي يجمعهما دومًا، فروح الصداقة تجري في عروقهما كنهر عذب لا ينضب أبدًا، إنهما لا يفترقان إلا وقت النوم كأنهما أخوين من أم واحدة وروح في جسم واحد أيضًا. لقد كانت ضحكاتهما تجلجل لتصل حدود السماء وهما يسيران في شوارع القرية. إنه منظر لا يستطيع أحد أن ينبذهُ من فكرهِ واهتمامهِ، فهما حالتان نادرتان لأنهما كل من طبقة مختلفة عن الأخرى. فعلاء ينتمي إلى عائلة ميسورة الحال؛ أما إبراهيم فينحدر إلى عائلة بسيطة التي لا تكاد تجد قوت يومها، إلا أن أحلام الطفولة رمت وراء ظهرها كل الفروقات المذكورة محتفظة بشيء واحد ووحيد وهو الصداقة التي لا تقدر بثمن خاصة في هذه الأيام. لقد أحب أحدهما الآخر لسبب مختلف، فعلاء أحب إبراهيم لعزة نفسه التي تصل إلى أبعد الحدود بالرغم من فقره فإنه غير مستعد لأن يتصدق عليه أحد كان، ولو بشيء بسيط يسد رمقه ورمق أخوته، أما إبراهيم فقد أحب علاء لشعوره مع الفقير ومداراته له فقد كان كَيَدٍ حانِيَةٍ مِعطاءة تمسح الدمعة عن خد المحتاج وتمنحهُ عطفًا وحنانا كبيرَيْن. مرّت عشر سنوات وملامح فجر جديد يلوح على القرية الصغيرة، في حين! يجلس الصديقان على الصخرة التي حفر! عليٍها إسمهما ليخبر علاء صديقه إبراهيم الخبر الأليم: "إبراهيم سأسافر اليوم! إن والدي أجبرني على هذا ولا أستطيع إلا أن أنفذ الأمر". إن هذه الجملة قد غيرت ملامح الواقع الوردي في نظر إبراهيم لتقلبها إلى قدر محتوم بغيض سيبقى ملتصقًا به طيلة حياته القادمة أخبره الخبر الذي جرحه بلا سكين في صميم قلبه. وأتت الساعة المشؤومة، وها هو علاء يصعد الطائرة وتصعد روح إبراهيم معه إلى مكان آخر وزمان آخر ربما إلى غير عودة تذكر. أما الصداقة فقد تلاشت في سماء مليئة بالدخان الأسود الذي اِنتشر في تلك اللحظة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة