الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 02:01

الطلاق:آفة المجتمع/ بقلم : جميل أبو خلف

كل العرب
نُشر: 03/05/12 22:53,  حُتلن: 12:59

جميل أبو خلف  في مقاله:

الطلاق مشروع إذا وصل الطرفان الى طريق مسدود لا يمكن تجاوزه ولا يمكن بعده الاستمرار بالعيش في منزل آمن يملأه الحب والوئام والسلام

لو رجعنا الى أسباب الطلاق وأمعنا النظر فيها لوجدناها كثيرة ، وفي معظمها غير مقنعة ولا صادقة

الطلاق من وجهة نظري يرسي مبادئ الظلم والخسارة ويجعل الأسرة أيا كانت غير محصنة ولا آمنة من جميع الاتجاهات

من أهم أساليب تفادي الطلاق ومحاربته هو الرجوع الى عملية التوافق بين الطرفين عند الخطوة الأولى من اختيار الزوج أو الزوجة على أساس مبدأ الطيبين للطيبات والطيبات للطيبين

أسباب هذه الآفة عدم التوافق الفكري والعاطفي بين كلا الزوجين  والملل الذي يحصل بين الطرفين وسيطرة حياة الروتين الممجوج على الأسرة  والغيرة البغيضة التي تتحرك في القلوب فلا تفاهم ولا انسجام ولا ترابط ولا محاولة أصلا للتفاهم على كل هذه المواقف

كثيرة هي المشكلات الاجتماعية والأسرية التي ضربت وتضرب مجتمعنا العربي في الصميم ، وهي مشكلات أضحت آفات وأزمات وباتت خطرا قاتلا ينخر في جسد الأسرة العربية .. اعني واقصد الفراق الأسري "الطلاق" !! ذلك الذي يهدد كل بيت بل كل فرد تحت كل سقف ! إذ لا ينحصر ذلك على الوالدين المفترقين بل أن العذاب والضياع الذي يلحق بكل فرد في الأسرة صغيرا كان أو كبيرا !!

يقول النبي الكريم عليه وآله الصلاة والسلام : " ابغض الحلال الى الله الطلاق" وهذا يعني أن الطلاق مشروع إذا وصل الطرفان الى طريق مسدود لا يمكن تجاوزه ولا يمكن بعده الاستمرار بالعيش في منزل آمن يملأه الحب والوئام والسلام !!

مبادئ الظلم والخسارة
أخي القارئ الكريم !.. الطلاق من وجهة نظري يرسي مبادئ الظلم والخسارة ويجعل الأسرة أيا كانت غير محصنة ولا آمنة من جميع الاتجاهات ، الفساد سيصيبها والغدر سينال منها ، والنقمة ستهلكها ، والخيانة ستجد لها سبيلا وتربة خصبة في مستنقع الخلافات والخصومات.. يظهر من كثير من النتائج الرقمية والبحثية ان الطلاق آخذ في التفشي والانتشار ودور القضاء والمحاكم تغص بالمراجعين والمتنازعين صباح مساء ، وكل فريق يبحث عن امهر المحامين والمرافعين الشرعيين حتى يغلب الطرف الآخر الذي كان قبل أيام أو أشهر أو سنين يغار على الخصم اعني الزوج أو الزوجة ، وهو نفسه الذي عاهد الله يوم كتب كتابه على الآخر ان يصون ولا يخون ، ان يحمي ولا يغدر، ان يحترم ولا يفجر ، ان يحفظ ولا يتخلى ، ان وان وان ... يُسألُ السؤال في كل مرة : ما هو الطلاق ؟ وما أسبابه ؟ وما سبل تفاديه أو علاجه ؟

ما هو الطلاق
الطلاق هو عملية فراق تحدث بين الزوجين باتفاق بينهما وعن طيب خاطر ورضا ولا ننفي ان يكون ذلك حقا أو مشروعا لأحد الطرفين فأسباب الطلاق تتعدد وتتنوع ، وقد يكون الطلاق بلا اتفاق وبتأثير لعوامل خارجية أو تدخل من أطراف لا "شبق ولا عبق لهم" بل ان همهم الأساسي هو بث الفرقة والتشرذم بين إفراد الأسرة الواحدة والانتصار للذات والهوى المتبع !!! وغالبا ما يكون تدخل أهل الزوجة أو أهل الزوج له الدور الكبير في حسم قضية الطلاق أو الوفاق فالذكي والحكيم من انتفع بما يفيده ويحفظ له بيته ويبعده عن الخطر الجسيم الذي قد يحرق له بيته وأسرته الى ابد!!

أسباب الطلاق
لو رجعنا الى أسباب الطلاق وأمعنا النظر فيها لوجدناها كثيرة ، وفي معظمها غير مقنعة ولا صادقة ..فمثلا نجد أن من أسباب هذه الآفة عدم التوافق الفكري والعاطفي بين كلا الزوجين ، والملل الذي يحصل بين الطرفين وسيطرة حياة الروتين الممجوج على الأسرة ، والغيرة البغيضة التي تتحرك في القلوب فلا تفاهم ولا انسجام ولا ترابط ولا محاولة أصلا للتفاهم على كل هذه المواقف أو الخلافات عن طريق الحوار والحديث .. وفي المقابل نجد أسبابا صادقة ومقنعة تكون بالتراضي والتوافق كما أسلفنا فعندما يكون احد الزوجين عاقرا أو عقيما ،جاز للآخر ان يطلب الفراق، ليجد له سبيلا آخر بهدف التناسل والاستمتاع بزينة الحياة الدنيا وهو الولد كما قال الله تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا".. وربما يكون ذلك ناتجا عن الفقر وضيق العيش في الأسرة ،فلا يقدر الزوج أو الزوجة على التعايش مع الواقع الصعب، وقد يكون ذلك متعمدا من احدهما ،فتجد بعض الزوجات من يطلبن التبذير وصرف المال على غير وجهه وهذا يبث روح الخلاف بين الأطراف ،خاصة إذا كان الزوج مقتصدا أو عقلانيا وكانت الزوجة خلاف ذلك ، وقد يكون الزوج مبذرا تائها ضائعا يبذر ماله في غير مصلحة الأسرة ،كلعب القمار والتبذير غير المشروع ،مما يجعل الزوجة تطلب الفراق عن زوجها ،لتحفظ أولادها وأبناءها من الضياع !! وفي أحايين ليست قليلة ،يكون الطلاق نابعا عن لحظة غضب شديد لسبب ما ، يؤدي الى طلب الفراق الفوري من احدهما أو كليهما ..  كما ان هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث عملية الطلاق ، ولعل أهمها هو طلاق الدين ، وطلاق الأخلاق ، وطلاق العلم ، وطلاق الوعي ، وطلاق الضمير وغيرها من عمليات الطلاق التي قد تؤدي بنا الى التهلكة والهاوية وإذا تصرفنا بحكمة وروية ووعي كامل فإنها تؤدي بنا الى بر الأمان والاطمئنان الذي يقودنا الى جنة الرحمن سبحانه وتعالى ..

تفادي الطلاق

إن من أهم أساليب تفادي الطلاق ومحاربته هو الرجوع الى عملية التوافق بين الطرفين عند الخطوة الأولى من اختيار الزوج أو الزوجة على أساس مبدأ الطيبين للطيبات والطيبات للطيبين ، وليس من منطلق تزويج الفتاة هروبا من العبوسة أو تمشيا مع عادات المجتمع بالتزويج المبكر عن غير وعي ولا هدى ، ان مثل هذه الاعتبارات بالضرورة توصلنا الى طريق مسدود هو الطلاق بعينه وخلال فترة وجيزة .. ثم ان التوافق الفكري والتفاهم بين الطرفين وإرساء قواعد التسامح بين الزوجين أمر هام جدا يطيل عمر الأسرة ويجعلها أكثر نموذجية لتصنع نسيجا اجتماعيا حقيقيا ومنطقيا ، إذ لا يوجد نجاح بلا فشل ولا توجد أسرة من غير مشاكل ، ولا يوجد تقدم من غير تذوق طعم التراجع ، فهذه سنة الحياة منذ خلق الله آدم ، وان بيت القصيد هنا ،هو كيفية التعامل مع هذه المشكلات وهذه الزلات الصغيرة التي تجعلنا أحيانا نغضب ولا نفكر مليًّا فننطق بكلمة الطلاق أو نقرر بتسرع عجيب غريب ان الفراق هو الحل الوحيد لسلامة الطرفين !!! لا عزيزي القارئ ،ليس بهذه السهولة ننظر الى الأمور ،بل ان الأمر اعقد وأعمق من ذلك بكثير لان مصير الأسرة ومصير الأبناء ومستقبلهم يجب ان يبنى ولا يهدم، وان كل الخلافات تتحطم على صخرة البناء والنسيج الأسري السليم ،فالأسرة تكون متينة وقوية ،إذا تحكم العقل بإدارتها ،ولم يكن للعاطفة السريعة والعقلية الجاهلة سيطرة عليها ، امن وأمان الأبناء هو الهدف الاسمي ،لأن تربيتهم على قواعد التفاهم والحوار كفيلة ان تصلح مجتمعا كاملا بدل ان تدب الخلافات وسط تهديدات وكلام ينافي الخلق الكريم على مرأى ومسمع من الأبناء !فكيف سيكون الحال بعد ذلك ؟ ان على الزوجين ان يفكرا بروية وهدوء وفي حوار بناء وهادف في مصلحة الأطراف وخاصة الأولاد ، وحتى لو لم يكن هناك أولاد فيجب على الزوجين ان يتفاهما كيف تحل الخلافات في اقل الأضرار الممكنة ابتداء من الهدوء النفسي لكليهما..

الصبر والمرونة
حريّ بنا أن نتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يفرُك مؤمن مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلُقاً أحَبَّ فيها آخر" ؛ وأن يعتمد الزوجان على نفسيهما في حل المشاكل وعدم اللجوء إلى الأهل عند حدوث اقل المشاكل ،لأن تدخلهم قد يزيد المشكلة تعقيداً على تعقيد!!.. وعليه ، فان الصبر والمرونة ومراجعة الذات والاعتراف بالخطأ يدل على نضوج وإدراك للعلاقة الأسرية فإذا اخطأ الزوج فليعتذر لشريكة حياته ،ويطلب مسامحتها والعكس صحيح لان الحياة الصحيحة والعلاقة الكريمة يجب ان تبنى على أساس الحب والاحترام وليس على التعنت والكبرياء وإتباع الهوى والانتصار للذات... وختاما ، أرجو ان أكون قد نصحت نفسي وإياكم ، وسلطت الأنوار على همّ من الهموم الجسيمة التي تهدد كياننا وبقاءنا وتقضّ مضاجعنا وتقلق بالَنَا صباحَ مساء... 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة