الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 20:02

همسة وفاء في اربعينية الحاج المهندس المرحوم نايف عبدالحليم محمود/ بقلم: عكرمة ثابت

كل العرب
نُشر: 03/05/12 09:36,  حُتلن: 21:51

أربعون يوما مضت على ترجل فارس آذار وأفول نجمه الذي طالما اضاء سفح الجبل في بلدة عنبتا الوادعة الهادئة مسقط رأس الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود ، الراحل المناضل المرحوم المهندس نايف عبد الحليم " ابو فراس " ، سوسنة الجبل وزهر اللوز الذي يعبق عطرا وندا .. اربعون يوما مضت ولازالت روح " الحليم نايف " تحلق بالمكان لتحفر معاني إسمه على قمة الجبل فتعلو حروفه بسمو وشموخ لتنبت الصدق والعطاء والخير والمحبة ... نعم فهذا هو " نايف " بكل ما يحمله الإسم من روعة المعاني ... هذا هو المهندس الحاج الذي نستشعره بيننا بقوته وعزيمته وانتمائه الأصيل ... لقد رحل حبيبنا الخالد من دون أن يؤذي أحداَ أو أن يزعج أحداً ، رحل بكل صمت ووداعة تماما كما قضى حياته بكل هدوء ووداعة .

وفي ذكرى الوداع والرحيل التي تصادف الاثنين 7/5/2012 ، يذكر الرجال بصفاتهم وتستحضر الروح مطالعها لتهفو مع رذاذ الحزن على قبر يفوح بالذكريات ، وتقف الأجيال - لا لتبكيه او ترثيه - بل لتفاخر التاريخ بسجله الحافل بالعطاء والتضحيات ولكي تروي للأحياء حكاية " أبي فراس " الفلسطيني الذي عاش لاجئا ومشتتا وفدائيا ، وعايش انتكاسات العرب من هزيمة 1967 الى المجازر والمذابح التي تلتها ، مرورا بإجتياح لبنان عام 1982 وانتفاضة الاستقلال , ووصولا إلى مدريد وأوسلو وانتفاضة الأقصى والإجتياحات الإسرائيلية الوحشية التي رافقتها ، وأخيرا وقوفا عند إعتلاء الروح لباريها ، حيث تتواصل حكاية أبي فراس ولا تجد من يخط لها نهايتها حتى الآن .

كما الشمس أنت " ابا فراس " الغالي ، تطل علينا مع الشروق وترسل في عروقنا حرارة النهار ثم تهجع بنا في لحظات الغروب لتغفو ارواحنا بين يديك الطاهرتين ، ونعود في اليوم الآخر الى ما نحن عليه من وجود ... هكذا هو قدر الفلسطينيين ، ان يعيشوا الحالتين معا : حالة الموت والحياة ، لأنهم يموتون في ظروف ليست كظروف الآخرين ويعيشون في ظروف ليست كظروف الآخرين ايضا ، فالفراق لقاء واللقاء فراق ، ونحن بين الحالتين نعيش الإنشطار كما هي جزيئات الذرة وكما هي الريح في الفراغات تملأ المكان .

نستذكر في هذا اليوم قامتك العالية بين الرجال وشهامتك وطيبتك وحبك للعلم وحرصك عليه .. أو ليس أنت من إمتلأ مكانه بمجالس الفقهاء والادباء والشعراء ؟!!! أو ليس أنت من نبت في منبته النبلاء والأصلاء الذين توردوا إلى حتفهم طائعين ، فكانت الراية الأولى " الشاعر عبدالرحيم محمود " الذي حمل روحه على كفه وألقى بها في مهاوي الردى دفاعا عن فلسطين وعن الأمة العربية التي ينتمي اليها ؟؟!!!!! وها هم الاحفاد يرثون نفس الراية عن أسلافهم ويحتفظون بها .

نستذكر اليوم وطنيتك الخالصة وانتماؤك الصادق لشعبك وارضك ولفلسطين التي إحتضنها صدرك ... نستذكر حرصك عليها كوطن وقضية وحبك لها الذي غرسته غرسا في عروق الأرض وقلوب الطالعين الى العلا ... كيف لا وأنت من تأسس بيتك وتأسست ذكراك على طاعة الله وحب الوطن ؟!!! كيف لا ، وأنت من قرر العودة الى حضن الارض حبا فيها وعشقا لامواج العائدين من بحرهم الى شواطئها الجميلة والقادمين من بّرهم على خيول عمر وصلاح الدين ؟؟!!! كيف لا ، وانت من مضى ثائرا وقضى صامتا على خطى اجداده الذين فجروا ثورة لن تنتهي قبل إسترداد فلسطين وإجتراح النصر العظيم ؟!!!!!

في اربعينية رحيلك ايها الراحل الباقي ، تستذكرك سهول عنبتا وشوارعها وحاراتها التي لا زالت بصماتك المضيئة تنير حلكة ليلها الهاديء ... تستذكرك القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية التي طالما طفتها وجلت في ساحاتها لتلقي عليها نظرة الوداع الأخير ... تستذكرك شجيرات الزيتون التي تحتبس دموع الزيت لتذرفها في يوم ذكراك كي تضيء بها ظلمة المقابر ... في ذكرى الاربعين لرحيلك ايها الوالد والأخ والصديق نذكرك ونستذكر كل يوم وكل لحظة في كل مكان ، حيث كنت معنا في كل حضورك وفي اوج عطائك ونشاطك وتحركك الوطني والمهني والاجتماعي ... إلى جنات الخلد " ابا فراس " ونم قرير العين فإن القلب ليحزن وان العين لتدمع وإنا على فراقك لمحزونون ... إنا لله وإنا إليه راجعون .


إنتهى


موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:
alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة