الناصرة كانت على ميعادها السنوي مع المظاهرة التقليدية الكفاحية التي طغى على حضورها الجيل الشبابي

محمد نفاع:

لم ننحرف يوما ولا ننحرف اليوم في موقفنا الواضح من الامبريالية والصهيونية والرجعية

محمد بركة:

نحن نقرر متى ترفع الرايات الحمراء ولن يكون من يقوى على طيها بل ستبقى منتصبة شامخة

كانت الناصرة اليوم السبت على ميعاد مع مظاهرة الاول من ايار السنوية، لتحتضن الآلاف من كوادر الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية والشبيبة الشيوعية ومؤيديهم والجماهير الواسعة، ينطلقون من شارع توفيق زياد ليخترقوا الشارع الرئيسي على طوله، وصولا إلى بناية بيت الصادقة حيث أقيم المهرجان الخطابي.

وقد تقدمت المسيرة الحاشدة فرق من حملة الأعلام الحمراء وفرقة الأوركسترا التي كانت على مقطعين ضما أكثر من 100 قارع طبل، وبينهم وبعدهم الجمهور الحاشد الذي تقدمه قادة الحزب والجبهة على المستويات المختلفة، واعضاء الكنيست الجبهويون ورؤساء سلطات محلية جبهوية ونقابيون جبهويون وغيرهم.

الحناجر الثورية تصدح
وسار آلاف المتظاهرين تظللهم آلاف الرايات الحمراء التي رفعتها الزنود الفتية، وحتى نزود الأوائل، في مشهد رهيب أصيل على طول مئات الامتار، تعانقت فيه الرايات الحمراء وأعلام فلسطين، مع الأشجار التي تزهو في ربيعها، وتتقدم في مسيرتها، تطرق بهتافاتها الثورية الوطنية أبواب الظلم والاستبداد وتنذر بحتمية انهياره.
وصدحت آلاف الحناجر تهتف للعمال والفلاحين وللشعب الفقير، وتهتف لفلسطين وحتمية سقوط الاحتلال، وتهتف للشعوب العربية وتنذرها من مؤامرات الامبريالية والصهيونية والرجعية، هذا الثلاثي الدنس وحلفاؤه الجدد البائدين، وتغني للوطن للجميل وعن أرضنا التي ما نرحل عنها لو هبطت سابع سما، وعن جليلنا ما لك مثيل وترابك أغلى من الذهب.
وكانت المسيرة قد قسمت إلى عدة مقاطع، حاشدة في كل واحدة منها، وكان الأمل يشع من جمهرة الأطفال، الذي "أنصاعوا" ليسيروا في مجموعة، عدا المئات منهم الذين "تمردوا" وساروا مع جماهير الشبيبة تهتف واصواتها أعلى من غيرها، في مشهد يؤكد أن جيلا يهز الجيل القادم.

زفة ايار المجيد
وفي مداخل بيت الصادقة اصطفت ألاوركسترا على طرفي الشارع تستقبل آلاف المتظاهرين ليعلوا التصفيق وترتفع اصوات الهتافات وتمتزج كلها مع بعض لتولد حالة من أرقى المشاعر الانسانية والفرح والابتهاج سيد الموقف، لتكتمل زفة ايار المجيد في ساحة بيت الصادقة الرهبة، التي احتلها المئات من اعضاء الشبيبة الشيوعية بعد أن انتشر الآلاف في الممرات والقاعة المظللة، وليزيد الفرح.

المهرجان
وافتتح المهرجان الخطابي سكرتير منطقة الناصرة للحزب الشيوعي وعضو المكتب السياسي منصور دهامشة، الذي قال في كلمته الافتتاحية، هذا هو حزبنا وهؤلاء هم رفاقنا نعتز ونفخر بهم فالف تحية لهم وأننا هنا باقون نملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات، ونملأ السجون كبرياء ونصنع الأطفال جيلا ثائرا وراء جيل.
وحيا دهامشة المئات من كوادر الشبيبة والحزب الشيوعي والجبهة، التي وصلت الليل بالنهار وهي تعمل على الاستعدادات لهذه المظاهرة الجبارة، التي نعتز بها تقليدا سنويا نضاليا مستمر لأجيال وسيستمر لأجيال أكثر.
وقال دهامشة، إن السواعد الجبارة هي التي خططت ورسمت كل هذه اللوحات السياسة المعبرة، التي ترسم مواقف الحزب والجبهة المبدئية.

الثلاثي الدنس
وكانت الكلمة الأولى للسكرتير العام للحزب الشيوعي الكاتب محمد نفاع، فوجه تحياته إلى كوادر الحزب والشبيبة الشيوعية والجبهة، وخص كوادر الشبيبة الشيوعية الحارس الفتي للحزب، والشباب الذين يتدفقون على صفوف الشبيبة رغم كل المغريات في الخارج، فها هي تتشبث وتتمسك بالطريق النضالي الصادق والامين.
وقال نفاع إن حزبنا الشيوعي لم ولن ينحرف، ولم يفقد البوصلة في أي يوم في مسيرة نضاله المتواصلة ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، مواقفه الصادقة اثبتت على مدى التاريخ مصداقيتها، وايضا في هذه المرحلة ونحن نرى الكثير من الأطر والجهات تتخبط وتغوص في مواقفها المتقلبة. ووجه نفاع تحياته إلى شعبنا الفلسطيني في نضاله العنيد ضد الاحتلال والجدار والاستيطان، وحيا العمال الفلسطينيين، وقال، إننا نحيي الأسرى الذي اشتغلوا بأقدس عمل، اشتغلوا وانشغلوا في النضال ضد الاحتلال والظلم والطغيان ومن اجل الحرية والدولة وعاصمتها القدس. وحذر نفاع من المؤامرات التي تحكيها اسرائيل والصهيونية مع الامبريالية والرجعية بهدف شن الحروب الاقليمية وايضا لسرقة إرادة الشعوب العربية، وقال إن رؤيتنا الثاقبة والواضحة، تقودنا إلى تصعيد النضال والكفاح ضد هذا الثلاثي الدنس.

دعم الجبهة نقابيا
والقى النقابي الجبهوي جميل ابو راس، رئيس مجلس عمال الطيبة كلمة أكد فيها على أن الجبهة تبقى رأس الحربة في النضال من أجل حقوق الشرائح الفقيرة والضعيفة، التي غالبيتها من جماهيرنا العربية، خاصة في الوقت الذي تتكاثر فيها المؤامرات السلطوية وبتواطؤ قيادة الهستدروت، على هذه الشرائح لتحرمها من فرص العيش الكريم والعمل المناسب.
وقال ابو راس، إننا نحيي الاول من ايار ونصعد كفاحنا ضد الرأسمالية الخنازيرية، وسياسة اغناء الأغنياء وافقار الفقراء، وشدد على أن صوت الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية هو الصوت الواضح والنقي في الدفاع عن حقوق المسحوقين، داعيا إلى أوسع التفاف حول الجبهة في الانتخابات الهستدروتية، من خلال دعم قائمة الشراكة التي تحافظ الجبهة فيها على استقلاليتها.

اللقاء السنوي
والقى سكرتير الجبهة في تل ابيب يوآف غولدرينغ كلمة، عبر فيها عن فرحته بهذا اللقاء السنوي الذي يجمع الرفاق من كافة انحاء البلاد، وقال، "في الصيف الماضي وعلى وقع الشعارات التي سمعناها في ميادين الدول العربية التي نادت بالعدالة الاجتماعية، انطلقنا بحملة الاحتجاجات الشعبية في تل ابيب والبلاد كافة".
وتابع غولدرينغ يقول، "حينما شعر نتنياهو بضيق، حاول نقل ميزانيات من هنا إلى هناك دون تقديم حلول جذرية، لأنه غير قادر على تطبيق سياسة العدالة الاجتماعية، وحينما اشتد الضيق عليه، قال إن الوضع من دون العرب والحريديم يكون جيدا، وحينما اشتد الضيق أكثر فأكثر لوح بالحرب".

سياسة التمييز العنصري
وكانت الكلمة لرئيسة مجلس نعمت في لواء الناصرة ردينة جرايسي، فقالت إن الأول من ايار يأتي هذا العام، وقد شددت السياسة الاقتصادية خناقها على الشرائح الفقيرة والضعيفة، ونحن نرى كيف أن سياسة الخصخصة تشتد، وباتت تطال خدمات اجتماعية كثيرة، وبدلا من أن تكون مخصصة لخدمة الشرائح الضعيفة والفقيرة، حولتها الحكومة إلى سلعة تجارية تعود بالأرباح على أصحاب رأس المال.
ولفتت جرايسي إلى ارتفاع نسبة البطالة بين العرب، وانخفاض معدلات الأجور لديهم بفعل سياسة التمييز العنصري، وقالت، إن الجبهة تقود مجلس نعمت في الناصرة منذ ار من عقدين من الزمن، وقد حققنا مكتسبات، ونحن نريد لهذه القيادة، التي وصلت ايضا إلى مجلس نعمت في الطيبة ان تتواصل وتتسع إلى مجالس اخرى.

التحية الاخيرة
وكانت التحية الحماسية للسكرتير العام للشبيبة الشيوعية أمجد شبيطة، الذي وزعها على الحزب والشبيبة والجبهة وفلسطين وشعبها، إلا أنه خص المرأة العربية، ومن أم الفحم بتحية خاصة.
وقال شبيطة، إن التحية الاخيرة لامرأة حدثتنا عنها اساطير الجدات.. عملت بالسنديان والزيتون والبلوط فاعتاشت من تفحيم الحطب وبيعه.. كانت تجتاز مرج بن عامر وتتجاوز كل القراصنة وقطاع الطرق، فإن خبت المدافئ انتظرها الاطفال، وان اطلت بقامتها الفارعة ووجهها الذي لوحته الشمس.. رقص الاطفال هاتفين: اجت ام الفحم اجت ام الفحم.. هذا هو الوجه الحقيقي لام الفحم لشعبنا كله بنسائه السافرات والمحجبات، ونحن وان كنا لا ننتظر الكثير من ام الفحم الا اننا مطالبها بالاعتذار لشعبنا كلها فأوجه النساء جزء اصيل ملامح وجهنا كشعب.

الحزب الشقيق
وكانت تحية خاصة بحرارتها ودفئها، من الحزب الشقيق شطر البرتقالة حزب الشعب الفلسطيني (الشيوعي سابقا) القاها الرفيق خالد الاشهب من القدس المحتلة، فحيا الجماهير المحتشدة، واستعرض بعضا من جرائم الاحتلال وجشع الامبريالية التي تنهب مقدرات الشعوب ورواتها.

"يوم الأرض والعودة"
وكانت الكلمة الأخيرة للنائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الذي افتتح كلمته قائلا، لقد رأيتكم أغلبية في مسيرة يوم الارض الخالد، ورايتكم أغلبية في مسيرة العودة قبل يومين، واليوم أراكم 100% مناضلين ضد الاحتلال والاستبداد، ومن أجل الحرية والعدالة الاجتماعية. وقال بركة، هناك من يريد أن يقرر لنا كيف نسير وماذا نحمل، وهم لا يسيرون ولا يشاركون، وباسم الحزب الشيوعي والجبهة، أحيي من هناك كوادر الشبيبة والحزب والجبهة، رافعة الرايات الحمراء، واقول ايضا كلاما واضحا للجميع، بأننا نحن من نقرر لأنفسنا متى نرفع العلم الأحمر ولا يوجد لا في الماضي ولا في الحاضر من هو قادر على إنزاله، فهذه راية جيل يقاوم تهز الجيل القادم.

الحرية والاستقلال
وبعث النائب بركة بتحياته لآلاف الاسرى الفلسطينيين الذين يقاومون المحتل والسجان بالاضراب عن الطعام من أجل الحرية والاستقلال. كما وجه بركة تحياته إلى الشعوب العربية المنتفضة ضد الظلم والطغيان، وقال إننا من الطبيعي أن نكون مع هذه الشعوب، ولكن في نفس الوقت نحذرها من ان التحرر لا يمكن ان يكون بأدوات أميركية وصهيونية ورجعية، وقال نحن مع الشعوب ضد الاستبداد ولكن ايضا نحذرها كي لا تقع في فخ الاستعباد. وبعد تحذيره المؤامرة على سورية، دعا بركة إلى اطلاق سراح السجناء السياسيين ومن بنهم من اعتقل في الايام الاخيرة، الرفيق الماركسي الفلسطيني سلامة كيلة. وختم بركة واضعا ثلاث مقاييس للحملة الشعبية الاجتماعية إذا ما نشبت من جديد، وقال، إن على هذه الحملة كي تنجح وتثبت مصداقيتها أ تعبر عن مطالب الشرائح الفقيرة المسحوقة وغالبيتها عربية، وليس فقط الشرائح الوسطى، وثانيا، أنه لا يمكن لحملة كهذه أن تستمر باقصاء العرب منها، وثالثا ضرورة الربط بين القضية السياسية والعدالة الاجتماعية.