بينما كنت اتناول العشاء مع مجموعة كبيرة من "الاصدقاء" من مدينة الطيبة وطولكرم في احدى المطاعم الأجنبية في ايطاليا،
مرّ علينا رجل شديد السواد، يحمل زهور حمراء جميلة بين يديه ليبيعها بمبلغ زهيد (2 يورو)، وقد بدا عليه علامات الفقر.
حينها كُنت أتحدث مع أحد الاصدقاء هُناك، فسمعني، اقترب مني ومدّ يديه قائلاً:
"السلام عليكم، أنا فلان بن فلان من دولة بنجلاديش".
(من المعروف عن بنجلاديش انها دولة مُعتدلة، اسلامية من الدرجة الاولى في جميع أنحاء العالم)
التفت اليه قائماً عن الكرسي ثم صافحته بابتسامة: "عليكم السلام، وأنا علاء حاج يحيى من الطيبة".
فقال: "اين تقع الطيبة؟"
فقلت له: "في اسر___".
حينها انتابني شُعور غريب، لم أستطع لفظ الكلمة فتظاهرت بالسُعال لكي أجمع أفكاري.
(حاولت الاختصار في الرد لأنني خططت أن أكذب عليه، لا أعرف لماذا)
فقُلت بصوت هافت ومُختصر: "في القدس".
(لم يسمعني بوُضوح فطلب مني اعادة ما قُلته)
أخذت شهيقاً عميقاً وقُلت له مُسرعاً: "الطيبة، القدس، في فلسطين".
ظهرت عليه علامات البهجة والسرور، فصافحني بشدة ورحّب بي مرة أُخرى
ثم أشار بيده الى أحد "الاصدقاء" عن الطاولة المُجاورة وسألني: "ومن اين أصدقائك؟"
(نظرت اليهم، ورأيت 4 أشخاص منهم يتضاحكون ويشربون الخمر)
صُعقت واحمّر وجهي خجلاً وتلعثمت في الرد عليه.
(طأطأت رأسي خزياً، محاولاً اختراع كذبة أُخرى)
تشجّعت، أشرت عليهم جميعاً وبصوت شاحب: "انهم من لبنان".
حينها ردّ علي مُبتسما وقال لي: "اقبل مني هذه الزُهور كهدية، اننا في بنجلاديش نحترم ونعشق اخواننا المُسلمين في فلسطين، لأنهم من أكثر الشُعوب المُناضلة والمُتمسكة في ديننا الاسلامي وأنا أفتخر بهم جميعاً وأتمنى ان أعيش معهم".
(هُلعت من قوله وشعرت بالحُزن الشديد لجهله الحقيقة المُؤلمة)
سارعت برفض الهدية،
ثم نظرت اليه نظرة حادة ومسكت أحد كتفيه، وبنبرة حزينة أجبته:
"بيعها ب 2 يورو أشرفلك".

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.co.il