الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 01:01

الدروز كمن ليسوا عربا/ بقلم: راسم ناطور

كل العرب
نُشر: 15/02/12 11:34,  حُتلن: 13:43

 راسم ناطور في مقاله:

العلاقة البارزة في انفصال الدروز عن العرب هو الخدمة العسكرية

هل طالب الدروز بهذه الخدمة أو هل فرضت عليهم؟ يبدو اليوم للجميع أن هذه الصفقة لم تكن في صالح الدروز ولم تأتِ بالنتيجة المرجوة من الدولة

ما لم يعرفه الدروز حتى الآن أن مكانتهم ومكانة كل من ليس يهوديا لا يقدر ويتقرر حسب انتمائهم التاريخي أو ثقافتهم أو انعزاليتهم أو خدمتهم في الجيش

الدروز ليسوا فقط عربا في كل شيء في حياتهم العادية بل حتى في كل ما شاهدوه من مسرحيات المهرجين السياسيين الاسرائليين لهذه العلاقة وما زالوا عربا في المشاكل الأساسية

المؤسسة الإسرائيلية وباحثون أكاديميون كثيرون رأوا في الدروز، مجموعة مختلفة من الكيان اليهودي ومن المجتمع العربي. وقد فسروا هذا الاختلاف على أساس تاريخي تراثي كمنتج عفوي لزمن طويل فيه أصر الدروز على الانعزالية وعلى تعاضد داخلي بينهم. السياسة الإسرائيلية رأت أن العمل على عزل الدروز من المجتمع العربي أثر رغبة عند الدروز في إيجاد "مكانة" خاص بهم في الدولة المستحدثة فرصة لإرضاء الدروز. ويكون من الصعب عدم الاعتراف بأن الدروز أبدوا هذه الرغبة أو على الأقل الزعماء وأصحاب المكانة الدينية والدنيوية، أصحاب المصالح مع الكيان المتجدد.

الانعزالية والانفصال
ولكن هذه الانعزالية والانفصال الذي تم كان وما زال انفصالا إداريا وسياسيا وهو الذي أعطى الترخيص لهذه العملية. منذ ستين عاما ما زال قسم من الدروز يعتبرون هذا الانفصال عملا إيجابيا. وفي كل محطة زمنية ظهر لهم أن هذا الانفصال ما هو الا وهم وسراب وضباب على حقيقتهم، تاريخهم، ووجدانهم. قالوا.. وتأملوا.. أن التغيير الجذري والمساواة والظروف الحياتية المطلوب تغييرها قادمة وأن الدولة قريبا سوف تغير من معاملتها لنا، وعلى الأقل اعتبروا أن الاسوء من هذا لن يكون بعد. ما لم يعرفه الدروز حتى الآن أن مكانتهم ومكانة كل من ليس يهوديا لا يقدر ويتقرر حسب انتمائهم التاريخي أو ثقافتهم أو انعزاليتهم أو خدمتهم في الجيش ، بل يتقرر نتيجة الطبع والوضع الغريب والمختلف لدولة إسرائيل التي لم تبدي حتى الآن شللا وعدم قدرة في تقرير طبيعة العلاقة بينها وبين الأقلية التي تعيش معها بمن فيهم الدروز.

عروبية الدروز
صحيح أن الدولة استعانت بعدة أسباب تاريخية لدعم العلاقة المميزة مع الطائفة الدرزية مثل قصة النبي شعيب والأوضاع السياسية آنذاك لكن من العيب أيضا أن نطرح نقاشا حول عروبية الدروز ، يكفي أن نقول أن الدروز ليسوا فقط عربا في كل شيء في حياتهم العادية بل حتى في كل ما شاهدوه من مسرحيات المهرجين السياسيين الاسرائليين لهذه العلاقة وما زالوا عربا في المشاكل الأساسية : الارض،مستوى المعيشة، العلم،البينة التحتية،مستوى الأجور والتعليم العالي، وأكثر فوز لهم عند اليهود هو عدد موتاهم وعدد المقعدين عندهم للأسف ....

الخدمة العسكرية
لذلك يمكن القول أن العلاقة البارزة في انفصال الدروز عن العرب هو الخدمة العسكرية.
بدون الخوض هل طالب الدروز بهذه الخدمة أو هل فرضت عليهم؟ يبدو اليوم للجميع أن هذه الصفقة لم تكن في صالح الدروز ولم تأتِ بالنتيجة المرجوة من الدولة، ويمكن القول أن المؤسسة الإسرائيلية غير معنية اليوم بهذه الصفقة وأن آخرين يمكن أن يحلوا مكان الدروز الذين بقوا بدون علم وبدون عمل، وإن كل ما بقى لهم من هذه الانعزالية والانفصال، هو شيء واحد نريد أن نعرضه بصورة موضوعية لعل الإخوة الذين ما زالوا يتأملون خيرا من هذه الدولة أن يفهموا الأمر وعلى شبابنا أن لا يمروا بنفس التجربة التي خضناها وخسرناها.

فرق تسد
العلاقة التي بنيناها مع الدولة اعتمدت على الانعزالية الطائفية وسياسة فرق تسد، حيث استغلت على يد الدولة وأبقت في كل قرية ومكان تنظيمات عائلية طائفية ودعمت ذوي المصالح في الإدارة العامة في الدولة . انقسامنا الى أشلاء متعددة وتصويتنا الى مجموعة كبيرة من الأحزاب اليهودية وانشغالنا في الخدمة العسكرية وتأكيدنا الدائم لرفض انتمائنا الى الأقلية العربية وقلة معرفتنا الطبع والرأس السياسي وتعقيدات يهودية الدولة خلق عند كل درزي فكرا سياسيا كاذبا بسبب اجتهادات الدولة في خلق طبقة من الإداريين ورجال الدين وقياديين رجعيين، يقوم بتفعيل هذا الفكر السياسي الكاذب وتفعيل "تلاعب" حتى ضد أنفسهم من حيث لا يدرون. رافعين علم الهوية الجديدة ورفض تاريخنا.هذا الوضع أعطى الدولة فرصة في التعامل معنا كعرب أو كمن لا عرب .
وما دام الدروز يرون في الطائفية مُنتج تاريخي خاص وثقافة درزية خاصة تلائم الإستراتجية الإسرائيلية ناسية أو تتناسى طبيعة دولة إسرائيل السياسية ، هذا يخلق ضبابا حول الفعاليات الداهية من قبل الدولة التي تخلق الفكر السياسي الكاذب الذي نعيشه.

مرآة الكذب
في خلاصة هذه المقالة أريد أن أقول أن الوصول الى هذه الحقيقة ليس بالهين لجميع الدروز وكثيرون سوف يقفون أمام مرآة الكذب ويرفضون أن يصدقوا أن من أمامهم عربي وأن شركاؤهم في الصفقة يرون بهم عربا ... رفض الحقيقة يمكن أن يزيد من الأزمة أو من ما يسمى التباعد الذهني أي " زيادة الطين بلة" بالعامية لهذا المصطلح . إن محاكمة المشايخ الستة عشر وعلى رأسهم عضو البرلمان سعيد نفاع وصورتم في المحكمة وأحداث البقيعة والجلمة والحصار التخطيطي ووضع المجالس الذي نستطيع أن نقول يشبه الحكم العسكري ولكن بواسطة المحاسبين المرافقين ووضع التعليم وانعدام المناطق الصناعية تثبت أن هذه الدولة يمكن أن تغلط وأن قيادي هذه الدولة يمكن أن يكونوا كذابين وسارقين ومغتصبين وليسوا بقديسين ، ولك الخطورة أن يستمروا في الغلط، والأخطر أن نتقبل مرة أخرى هذا الغلط على حساب تاريخنا ووجداننا ومستقبل أولادنا. ما يجب أن نطالب به بعضنا البعض هو المطالبة بإعادة النظر في هذه الوثيقة المزيفة التي كتبناها في دماء أولادنا وليس لها قيمة عند أحد .  ليس أصعب من أن تتعاون مع شخص يعتبرك في النهاية صاحب مصلحة يمكن شراءه متى يشاء. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة