الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 03:02

انتشار الشجار والانفلات بمجتمعنا بقلم:د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 17/10/11 11:30,  حُتلن: 14:50

د.صالح نجيدات في مقاله:

مجتمعنا يفتقر إلى قياده اجتماعية واعية تضع في أول سلم أفضلياتها حل المشاكل الاجتماعية والخلافات العائلية المز منة

الغيره والانتماء للمثقف العربي لمجتمعه ضعيفة وعطاءه قليل لأنه يقف متفرجا على ما يجري في مجتمعنا ولا يبادر بتحسين الأوضاع

الانفعال والتوتر والقلق والحزن التي تعيشه ألعائله في فترة الشجار ينعكس سلبا ويؤثر تأثيرا كبيرا على نفسية الأطفال وشخصيتهم وتطويرهم

 يجب إلقاء محاضرات من قبل ذوي الاختصاصات لتوعية وتثقيف المواطنين في كل بلد عن مخاطر استعمال العنف واستعمال المخدرات والمشروبات الكحولية ومحاربة كل الظواهر ألسلبيه في المجتمع

هنالك مثل عربي بقول : "جهال بدون عقال راحوا قطايع وعقال بدون جهال راح حقهم ضياعه". معنى المثل أن أي مجتمع بدون قياده اجتماعية واعية وحكيمة سوف تتقطع أوصاله ويتشتت ويهلك أفراده،والشطر الثاني من المثل معناه أن أي حق لا تدعمه قوه لا يسترد . وما يهمنا هو الشطر الأول من المثل، لأنه ينطبق كثيرا على مجتمعنا ويعكس أحواله، فمجتمعنا للأسف يفتقر إلى قياده اجتماعيه واعية تضع في أول سلم أفضلياتها حل المشاكل الاجتماعية والخلافات العائليه المز منة وحل لمشاكل الشباب وانتشار المخدرات والمشروبات الكحولية بين أوساط الشباب وانتشار فوضى السلاح غير المرخص.

الأب قائد لعائلته
وغيرها من ظواهر سلبية في مجتمعنا التي لا تلق أي اهتمام او حلول من قبل مجالسنا المحلية او مؤسسات الدولة. واقصد بالقيادات ألاجتماعيه، الأب في البيت قائد لعائلته، المعلم ومدير ألمدرسه قائد لتلاميذه، رئيس المجلس المحلي قائد لبلده، رجال الدين في المسجد والكنيسة والخلوة قادة لمجتمعهم،موظفي الشؤون ألاجتماعيه قاده، النواب في البرلمان قاده وهكذا وهكذا، هذه القيادات اليوم شبه مغيبه، لأنه لو كانت هنالك قيادات واعية لما نشبت كل يوم شجارات عنيفة بين الأفراد والعائلات في قرانا، وانطباعي أن الغيره والانتماء للمثقف العربي لمجتمعه ضعيفة وعطاءه قليل لأنه يقف متفرجا على ما يجري في مجتمعنا ولا يبادر بتحسين الأوضاع في مجتمعه.
فللأسف كل أسبوع تطالعنا الصحف والتلفاز بأنباء عن وقوع شجارات عائليه في قرانا ومدننا من الجليل وحتى النقب يذهب ضحيتها شباب ورجال كما حصل عند أهلنا في طمرة وقرى اخرى ونتيجة لذلك ترمل النساء ويتيتم الأطفال وتحرق البيوت والسيارات ويدمر الاقتصاد وتشتت العائلات ويعيش من يقع في دائرة الجر يمه حياة الجحيم وتأت لجان الصلح بعد وقوع الجر يمه لتعالج النتائج.

القوي يأكل الضعيف
من خلال معرفتنا للأسباب لحدوث الشجارات والجرائم فإن معظمها يحصل نتيجة لأشياء تافه أو لأسباب لا تستحق حدوث هذه الجرائم، ولو كان تروي والعد الى العشرة ووعي عند شبابنا لما حصل هذا القتل والشجارات ألمدمره. إن ظاهرة الشجارات والنزاعات والقتل في مجتمعنا اليوم تعيد الى ذاكرتنا ما كان يحصل في العصر الجاهلي عندما كانت القبائل المتناحرة على الزعامة ومصادر المياه والكلأ تقتتل وتأخذ بالثأر، فلا قانون يحكمها ولا قاعدة، والقوي كان يأكل الضعيف وكان استعمال القوة اسلوب حياة عندهم،أما اليوم فتطور المجتمع وأصبحت قوانين تنظم العلاقات بين الأفراد والجماعات والدولة، فإذا حصل خلاف بين اثنين وعسر الحل بينهما يجب أن يحتكما إلى القانون أو إلى أهل الخير والإصلاح ولا يلجأن إلى اسلوب استعمال القوه في حل ألمشكله لان القوة ولا مره تحل مشكله بل تعقدها وتزيد الطين بله، لذا يجب علينا إن نرتقي بعلاقاتنا مع بعضنا البعض إلى الأساليب ألحضاريه التي تليق ببني البشر في حل مشاكلنا وتعاملنا مع بعضنا البعض .
الديانة المسيحية والاسلامية تدعوان إلى المحبة والتسامح،فأين نحن من تعاليم سيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام من التسامح "من ضربك على خدك االايمن فحول له الأيسر" وأين نحن من أحاديث رسولنا الكريم "صلعهم" "لعند الله أهون أن تهدم ألكعبه من قتل إنسان مؤمن" و"لزوال الدنيا اهون على الله من قتل مؤمن بغير حق" "ومن مات منا على عصبية فهو ليس منا". فالتعصب مرفوض دينيا واجتماعيا وحضاريا لأنه مقيت ومضر ومسبب للخلافات والتشرثم ويعيق تقدم المجتمع الى الأمام .
إن ابتعادنا عن القيم الدينية وضعف الوازع الديني وابتعادنا عن عاداتنا الاصيله وإهمال تربية الأولاد من قبل الأهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع جعلت شبابنا يتأثرون بما تبثه محطات التلفزيون الهابطة وتعلمهم منها أنماط تصرفات لا تتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا وهذا احد ألأسباب المهمة للفوضى والانفلات الموجود في مجتمعنا .
كما هو معروف فإن للشجارات العائلية والاقتتال نتائج مدمره من الناحية ألاجتماعيه ولاقتصاديه والنفسية على الأفراد والجماعات لأنها تضر بتطوير البلد والمجتمع واقتصاده بالاضافه إلى ذلك لها تأثير كبير على نفسية الأطفال والأجيال ألصغيره لان الانفعال والتوتر والقلق والحزن التي تعيشه ألعائله في فترة الشجار ينعكس سلبا ويؤثر تأثيرا كبيرا على نفسية الأطفال وشخصيتهم وتطويرهم النفسي وعلى تصرفاتهم مستقبلا ويكتسبون نمط استعمال القوه والعنف كأسلوب حياه من أهلهم منذ الصغر وبهذا ينتقل العنف من جيل إلى آخر ونبقى في دوامه.
مع تقدم الحياة تطورت اساليب الاقتتال في مجتمعنا ففي الماضي كانت العائلات تستعمل العصي والحجا ره والآلات ألحاده في " الطوشات " ولكن حصل تطور خطير في مجتمعنا في السنوات الاخيره فاستبدلنا العصا بالسلاح فأصبحت النتائج قاتله. يا أهلنا أذا بقي الوضع على ما هو عليه اليوم وذا لم نغير ما في أنفسنا وعقليتنا ومفاهيمنا وتصرفاتنا فسوف نغرق ونعيش كلنا في الجحيم،فحتى نضع حدا لهذه الظواهر ألجاهليه والسلبية علينا أن نعود الى رشدنا ونطبق عقيدتنا السمحة ونجمع شملنا ونوحد صفنا في قرانا ومدننا ونعيد ألمحبه والاحترام والتسامح بيننا ونكرس كل جهودنا الى تعليم أولادنا قيمنا وعاداتنا لنضمن لهم مستقبلا أفضل خالي من تعقيدات الماضي وأحقاده ورواسبه .

وحتى نقلص قدر الإمكان الحد من هذه الظواهر ألسلبيه في مجتمعنا اقترح البرنامج التالي :
1 –إلقاء محاضرات من قبل ذوي الاختصاصات لتوعية وتثقيف المواطنين في كل بلد عن مخاطر استعمال العنف واستعمال المخدرات والمشروبات الكحولية ومحاربة كل الظواهر ألسلبيه في المجتمع .
2 – تكثيف البرامج غير المنهجية في المدارس الاعداديه والثانويه لتشمل محاضرات حول موضوع العنف،دوافعه،ونتائجه على الفرد والمجتمع وكذلك فتح نوادي وملاعب لإشغال الشباب في وقت الفراغ .
3 –تدريس القانون الجنائي بشكل مبسط في المدارس الاعداديه والثانويه لتوعية الطلاب وتثقيفهم حتى يتعرفوا على فحوى القانون ويعرفوا ما الممنوع والمسموح به، وما العقاب لكل مخالفه وجريمة ليتجنبوا التورط بارتكاب مخالفات وجرائم حاضرا ومستقبلا .
4 –تشخيص الطلاب الذين يعانون من عصر التعليم في المدارس ألابتدائه( لأنهم كثر ) ووضع برنامج خاص لهم لكي نمنع تسربهم مبكرا من المدارس وكذلك منع تسرب الطلاب العاديين، لان حسب الأبحاث التي أجريت في دول عدة نسبه عاليه ممن ارتكبوا الجرائم الخطيرة هم من الذين تسربوا مبكرا من المدارس .
5 – التركيز في المدارس على ألتربيه، فاليوم المدارس تركز على التعليم وقليل من التركيز على ألتربيه، لذا يجب تغيير هذا النهج والبدء بالتركيز أيضا على ألتربيه والتثقيف من اجل بناء الأجيال القادمة وعلى ألمدرسه أيضا أن تقوم بدور الأهل في ألتربيه لان هنالك للأسف عائلات كثيره لا تملك ألقدره ألعلميه والتربوية لتربيه أبنائها، فعلى ألمدرسه أن تسد محل الاهل وتلعب دورا رئيسيا وقياديا في التغيير الاجتماعي .
6 –تعيين أخصائيين اجتماعيين ومستشارين تربويين في كل مدرسه من اجل حل مشاكل الطلاب ومنعهم من التسرب لكي لا نزيد نسبة الجهل في مجتمعنا .
7 – دعم مكانة المعلم وتحسين ظروفه وجعل المدرسه صرح تعليمي وتربوي خاليه من العنف والفوضى .
8–تعيين لجان شعبيه -محكمين -،في كل قرية ومدينه مكونه من رجال قانون وأخصائيين في مجالات مختلفة وظيفتها حل المشاكل لكي نمنع التوتر وتراكم المشاكل واستعمال العنف في حل المشاكل .
9–تعزيز وتقوية الانتماء الوطني والغيره عند المواطن العربي على مصلحة بلده ومجتمعه من خلال المحاضرات، وخطبة الجمعه في المسجد، والصلوات في الكنيسه والخلوة .
10 – توعية المواطن على المحافطه على الأملاك العامه كملكه الخاص لكي نمنع العبث بها وسرقتها .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة