الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 09:02

حاتم حزان:الفسيفساء تولد من الإحساس قبل ولادتها من الحجارة

تقرير: روزين عودة
نُشر: 04/07/11 08:04,  حُتلن: 17:44

ترصيع كرسي البابا بالنسبة للفنان حزان كان تبرعاً ولم يشهره كفنان محلي

الفنان حاتم حزان:

شعرت في تقصير معين لتقدير عملي وإشرافي فقررت السعي نحو التغيير

الفن والذوق الرفيع ليسا حكراً على طبقة معينة أو على فئة مجتمعية خاصة

ترصيع كرسي البابا بالفسيفساء هو عمل حطم الأرقام القياسية من ناحية وقت

هناك بلدة يهودية في المنطقة أطلقت عليّ لقب "مقاول البلدة" لأمانتي في العمل وإتقاني إياه

إتقان أي عمل في فن الفسيفساء يتطلب جهداً كبيراً وتركيزاً عميقاً في العمل وأيضاً وقتاً ثميناً

صممت لوحة لامرأة شبه عارية وعرضتها في صالة العرض إلا أنني أخفيتها احتراماً للمكان الذي أتواجد فيه

لكل حصان كبوة، فليس كل عمل ينجح، وهذه هي قوانين الحياة، وإن وقع أي خطأ في التصميم، فهو يقع على مسؤوليتي

آيات جميلة من الفسيفساء علّقها حاتم شفيق حزّان (52 عاماً) ابن قرية أبو سنان على جدران صالة عرضه التي افتتحها في مدينة عكا القديمة. لوحات فنية أجمل ما فيها تفاصيلها الصغيرة وإتقانها المميز، لوحات صُممت بالحسّ الفني والذوق الرفيع قبل أن تُصمم بالفسيفساء والمواد الإضافية، فتولد اللوحات الفسيفسائية من عمق الإبداع والخيال الجريء الذي يتمتع به الفنان حاتم حزان.


الفنان حاتم حزان

الحب العميق للفن
حاتم حزان مقاول ترميمات بناء وهو جزء لا يتجزأ من كل ما يخص الفسيفساء. حاتم شخص متفائل جداً، يحب الحياة، يحب الطبيعة، يحب العمل والتقدم، ويعتبر نفسه ظلاً للفن تقديراً لحبه العميق لها بكل أنواعه كالرسم والنحت، التصميم، الموسيقى وغيرهم... فيقول الفنان حاتم حزان عن مجال عمله:" قررت أن أتخصص بفن الفسيفساء لأنه يجمع ما بين الرسم والنحت والتصوير".

القبطان يغير دفة السفينة
تعلم حاتم في ثانوية كفرياسيف، وتخصص في المواضيع الأدبية، وبعد دراسته الثانوية، انضم إلى سوق العمل كعامل مثابر يسعى للتطور المهني ليبني مستقبلاً ملوناً بالفن والإبداع، وعندما بلغ 28 ربيعا، قرر حاتم أن يُحدث الإنقلاب حيث توجه إلى مدرسة الهندسيين – التخنيون لينضم لصفوف الهندسة المعمارية، يضيف حزان:" فترة تعليمي الأكاديمي كانت من الفترات التي لا تُنسى في حياتي، لا تقل تميزاً عن الإثارة والحياة، والشيء الخاص آنذاك أنه كان عمري 28 عاماً في حين لم تتجاوز أعمار زملائي على مقاعد الدراسة الـ 18 والـ 19 عاماً، وأقلاء جداً من كانت أعمارهم 22 أو 23 عاماً"، ويقول ضاحكاً:" لم أكن أرتدي الزيّ الرسمي وربطة العنق لأنني أكبر منهم بل العكس تماماً لم أشعر بالفرق في الأعمار، وكنت أشاركهم في كل اللحظات".
ويردف قائلاً:" قبل تعليمي عملت في البناء 11 عاماً، فالأمر كان متعباً بالنسبة لي إلاّ أنني آمنت بالتقدم وأردت دائماً معرفة الأسباب قبل النتائج، لماذا نضع قطعة الحديد هنا؟ لماذا زاوية هذه النافذة هكذا؟ لماذا يجب أن تكون مساحة هذه القطعة هكذا؟ وأسئلة كثيرة كانت تراودني خلال العمل والتي لم أكن أعرف الإجابة عنها، حتى أن أحداً لم يجبني! والإجابة المعهودة ""هكذا!"".

تعليم أكاديمي يبعث الراحة بالنفس
شعر حاتم حزان بالنقص في المعلومات، وشعر أنه يجب أن يؤسس البناء نظرياً قبل أن يكون عملياً، فمن هنا انطلق نحو التعليم الأكاديمي ليصنع التغيير، لأنه آمن أنه لا يمكن أن يقترب للكمال دون الأساس النظري، فيقول:" إجتهدت في دراستي ونجحت في امتحاناتي في مدرسة الهندسيين، علماً أنني لم أقدم مشروعي النهائي في الدراسة الأكاديمية، لكن الأهم من ذلك كله، أنني واقف الآن على أسس علمية وعملية متينة في الموضوع الذي أحب، وذلك جعلني أشعر براحة نفسية كبيرة ورضا كافٍ".

"مقاول البلدة"
عمل الفنان حاتم حزان مديراً ومشرف عمل ميداني لمدة 12 عاماً في شرك يهودية وعربية، وحول هذا الخصوص يقول حزان:" شعرت في تقصير معين لتقدير عملي وإشرافي، وبما أنني أحب الحياة والتجديد، قررت السعي نحو التغيير، فمنذ 12 عاماً حصلت على شهادة "مقاول مسجل" تقديراً لجهودي ومهنيتي في العمل وخبرتي العميقة، ومنذ 6 أو 7 سنوات أصبحت مستقلاً في البناء، حتى أن هناك بلدة يهودية في المنطقة أطلقت عليّ لقب "مقاول البلدة" لأمانتي في العمل وإتقاني".
ويضيف:" منذ عدة سنوات عملت في مصنع للفسيفساء، وتقدمت به كثيراً علماً أني حصلت على ثقة كبيرة من إدارة المصنع، وبعد فترة قصيرة اقترحت أن نُدخل هذا المجال للوسط العربي إلاّ أنهم قابلوني بالفرض، وحينها قررت أن أبدأ مسيرتي لوحدي وأن أحقق هدفي بإدخال فن الفسيفساء للوسط العربي، وذلك منذ 5 سنوات، ورغم كبر سني إلا إنني آمنت أنّ افتتاح المصلحة الخاصة والمشوار الفني لا يتعلق بالعمر".

تطوير نقاط ضعف الآخرين
ويحدثنا الفنان حزان عن تجربة العمل في مصنع الفسيفساء، قائلاً:" أكثر ما ضايقني في المصنع الذي عملت به، أنهم لا يمنحون الزوار المعرفة الكاملة عن المجال، ففي ذلك المصنع لا يُسمح للزوار أن يدخلوا إلى المشغل حيث تُصمم اللوحات، ولذلك طورت نقاط الضعف لديهم في معرضي ومشغلي، الفن لا يجب أن يكون جزءً من الظلام حتى لو كانت اللوحات غير جاهزة للعرض أو للبيع، فمن الجميل جداً أن يتطلع الزائر على مراحل صنع اللوحة، فهنالك متعة خاصة في النظر إلى اللوحة قبل انتهائها، ومتعة أكبر بالغوص في تفاصيل اللوحة المبعثرة قبل الإكتمال".

الفن ليس حكراً على أحد
يقول الفنان حزان أن كل الأشخاص من كل الطبقات المجتمعية يحصلون على اللوحات الفسيفسية ، فالفن والذوق الرفيع ليسا حكراً على طبقة معينة، أو على فئة مجتمعية خاصة، فيقتني اللوحات سائحي البلاد والعرب من مختلف الطوائف واليهود، فلوحات الفسيفساء تتميز بتنوعها وتلونها ومضمونها ورسالتها السامية".

طريق البداية
لم يتوقف الفنان حاتم حزان بعد الدراسة الأكاديمية إنما كانت هذه فقط طريق البداية، سافر إلى الأردن، وتعرف إلى عامل مخضرم يعمل في فن الفسيفساء، ويضيف:" تعلمتُ لديه فن تصميم لوحات الفسيفساء، حيث كان لديه إلماماً في الصب والبناء على الشبك، وزرت معهداً للفسيفساء واجتمعت بعميد المعهد، وتعلمت هناك أيضاً، ولكن واجهتني مسألة مصاريف السفر رغم أنني نزلت في مساكن تابعة لكنيسة ما لأخفض المصاريف إلا أن الأمر لم يكن بهذه السهولة، فالسفر في فترات متقاربة يتطلب أساساً مادياً متيناً، قررت أن أستأجر مشغلاً لأقتصد أكثر، وبالفعل قمت باستئجار المشغل، ووضعت لائحة طويلة لأسماء لوحات عالمية ومميزة، مثل شجرة الحياة، الموناليزا، العشاء الأخير، والطفل الباكي".
إتقان أي عمل في فن الفسيفساء يتطلب جهداً كبيراً وتركيزاً عميقاً في العمل وأيضاً وقتاً ثميناً، وخلال 3 سنوات من الزيارات المتواصلة للأردن والعمل بالفسيفساء، جمع الفنان حزان عدداً كبيراً من اللوحات الفنية وأفتتح صالة عرض خاصة به، رغم أنه لم يلقى التشجيع من أحد بشكل خاص.


الطفل الباكي

لكل حصانٍ كبوة
ويحدثنا الفنان حزان عن اللوحات، قائلاً:" تتنوع اللوحات في متطلباتها، أحياناً أصمم لوحات تستغرق 4 أيام، وهناك لوحات تستغرق 10 أيام، وذلك وفقاً لأحجام الحجارة التي استعملها ومساحة اللوحة، فكلما كان الحجر الذي أستعمله في اللوحة صغيراً يستغرق العمل مدة أطول، لكن في في نهاية العمل نحصل على لوحة متكاملة التفاصيل، وحقيقية بألوانها وإتقانها".
ويقول حاتم حزان:" لكل حصان كبوة، فليس كل عمل ينجح، وهذه هي قوانين الحياة، وإن وقع أي خطأ في التصميم، فهو يقع على مسؤوليتي، وأنا أعمل جاهداً ليكون العمل متقناً وكما هو مطلوب تماماً. اللوحات تتطلب حساً فنياً عالياً وخيالاً واسعاً، فإن لم نرى الصورة قبل انتهائها في خيالنا فمن المستحيل إتقانها، والفنان يجب أن يكون لديه هذا الخيال والحسّ الفني".

ترصيع كرسي البابا لم يمنح الشهرة لحاتم حزان
ترصيع كرسي البابا بالفسيفساء الزجاجية في زيارته الأخيرة للبلاد كان من أهم وأبرز الإنجازات التي عملها الفنان حاتم في حياته، ويضيف:" كرسي البابا شيء تاريخي بالنسبة لي، فأعتبر أن ترصيع كرسي البابا بالفسيفساء هو عمل حطم الأرقام القياسية من ناحية وقت، فاستطعت ترصيع الكرسي والطاولة في ثلاثة أيام فقط".
ترصيع كرسي البابا بالنسبة للفنان حزان كان تبرعاً علماً أنه لم يشهره كفنان محلي، يضيف:" أنا بطبيعتي لا أسعى للشهرة، وأعتبر أن إتقان العمل هو من يمنحني الشهرة، علماً أنّ ما يشجعني وجود جمهور واسع يقدر هذا الفن الفريد من نوعه".

اللوحات ورسالتها السامية
يحمل الفنان حاتم حزان في لوحاته رسالة سلام سامية، فعندما نتجول في صالة عرضه في مدينة عكا القديمة نرى اللوحات المتآخية تصطف بروحها الصافية على الرفوف، علماً أنه عرض لوحاته في عدة معارض منها في صالة عرض في مدينة تل أبيب، وفي كلها حافظ على رسالة السلام من خلال اللوحات. ويقول حزان:" بالنسبة لي كل اللوحات مميزة لما فيها من إتقان وروح غنية، وتفاصيل دقيقة تبهر الأعين بحقيقتها، وإن أردت أن أكون متحيزاً للوحة معينة فسأكون متحيزاً للوحة شجرة الحياة، لأنها معبرة جداً، وقصر هشام في ديوان الخليفة في أريحا، حيث أنها لا زالت محفوظة منذ أعوام طويلة، فهذه أعمال أعتز بها".
صالة عرض لوحات الفسيفساء هي شيء خاص وفريد من نوعه وكل من تردد إليها تفاجأ من الروح الفنية المترجمة في اللوحات، حيث يتلقى الفنان حزان إطراءات جميلة وردود فعل إيجابية جداً، وبهذا يكون قد استقطب السواح الداخليين أيضاً، لأنه يشعر أن هذا المجال سوف يحقق نجاحاً كبيراً ويستحق أن يكون له مستهلكاً على الدوام.

زوبعة المرأة شبه العارية
ويحدثنا حاتم حزان عن اللوحة التي أثارت زوبعة في صالة العرض في عكا، قائلاً:" صممت لوحة لإمرأة شبه عارية وعرضتها في صالة العرض، إلاّ أن هنالك من انتقد وجودها علماً أن محل صالة العرض والمشغل في مدينة عكا يقع في الطابق الأرضي لجامع الجزار، ورغم أنها جزء لا يتجزأ من الفن إلا أنني أخفيتها احتراماً للمكان الذي أتواجد فيه".

الإنتقالات النوعية وخطورتها
ويقول حزان عن أحد العراقيل التي واجهته:" من الصعب أن يتقبل الوسط العربي شيئاً جديداً، ومن الصعب أن ينتقل شخص لاسيما أنه كبير في السن إلى مجال عمل آخر، نحن معتادون على أن نبقى طوال حياتنا في العمل ذاته، وبطبيعتنا لا نحب المخاطرة والانتقالات النوعية". ويضيف:" وذلك باعتبار أن الشخص عندما يعتاد على مصدر دخل ثابت وعلى روتين حياة فمن الصعب تغييره، مع أني تعرضت لانتقادات شديدة حول هذا الموضوع، فلم يحثني أحد على تغيير مجال عملي خوفاً من مخاطره الإقتصادية وغيرها، لكن إيماني في التغيير كان أقوى في هذه المرحلة، أيضاً كانت لي نقلة نوعية عندما قررت أن أتعلم، فأنا عملت منذ جيل 15 عاماً حتى 27 عاماً، فالأمر لم يكن سهلاً، لكن بالإرادة والإيمان والقناعة نحقق الكثير". ويضيف:"عرفني الجميع أنني العامل الذي يستيقظ باكراً لعمله، وفجأة أصبحت الطالب النشيط الذي يستيقظ باكراً لتعليمه".
ويقول:" حدث مرة والتقيت بمقاول بناء في طريقي للتعليم، وسألني إلى أين أنت ذاهب وفي يدك حقيبة؟ فأجبته بأني ذاهب للتعليم، فسألني عن موضوع تعليمي، فأجبته هندسة معمارية، وعندما استوضح مني عن الأمر، قال لي بأن له الحرية الكاملة كيف يبني.. وأين يضع النوافذ وكيف يُقسم المساحات وإلى آخره، فقلت له: أنت تعرف، وأنا لا زلت أتعلم هذه الأمور لكي أعرفها"".

إمتياز
امتاز الفنان حاتم حزان بالتقدم السريع، فهو تعلم في جيل متأخر نوعاً ما، لكنه خاض معارك حياته العملية بشكل سريع وناجح، ويتحدث حزان عن مشاريعه الحالية قائلاً إنه يُصمم لوحات مغرية فنياً، ويتجلى فيها حسّاً فنياً راقياً، علماً أنه وضع قائمة لوحاته ليباشر تصميمها.


شجرة الحياة


القدس


الموناليزا


العشاء الأخير


عكا


العذراء















مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.76
USD
4.01
EUR
4.67
GBP
250290.34
BTC
0.52
CNY