الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 15:02

المحامي علي حيدر:فن الخطابة وتكتيكات المراوغة والتضليل

كل العرب
نُشر: 27/05/11 14:04,  حُتلن: 07:47

حول خطاب نتنياهو والمجتمع العربي

المحامي علي حيدر:

أجرى رئيس الحكومة مقارنة غير ممكنة إطلاقاً بين مواطنين في دولة يدَّعي أنها "الديمقراطية الوحيدة في المنطقة" وبين مواطنين آخرين في دول غير ديمقراطية

من جانب آخر هنالك عدد من الباحثين، يؤكد على أن نظام الحكم في إسرائيل هو غير ديمقراطي

تناسى رئيس الحكومة، بأن الحكومة التي يقف على رأسها هي الحكومة الوحيدة، التي لم تشمل في خطوطها الأساسية أي ذكر لحقوق المجتمع العربي، أسوة بالحكومات السابقة

لقد استطاع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، سحر أعضاء الكونغرس الأمريكي، بفصاحته وبلاغته، وتمكّنه من اللغة الإنكليزية وتفهمه العقلية الأمريكية. حتى أن خطابه لقي تأييداً كبيراً وتصفيقاً حاراً، وبالرغم من أن رئيس الحكومة تكلّم كثيراً، إلا أنّ خطابه كان يمكن تسميته بخطاب "اللا شيء"، خالٍ من أيّ أفق سياسي، أو برنامج عملي، أو خطة مستقبلية، بل كان مليئاً بعبارات إخافة الشعب الأمريكي، واتهام الشعب الفلسطيني، وتكرار كليشهات ومقولات قومجية رثة وبالية، أضِف إلى ذلك أنه خطاب استعلائي، استكباري ومتغطرس.

ديمقراطية ليبرالية
وفي معرض خطابه تفاخر نتنياهو أمام أعضاء الكونغرس بأن في إسرائيل أكثر من مليون مواطن عربي يتمتعون بحقوق ديمقراطية على مدار عشرات السنوات، وأضاف نتنياهو وأكّد على أنه "من بين 300 مليون عربي يعيشون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقط عرب إسرائيل يتمتعون بحقوق ديمقراطية حقيقية". ودعا نتنياهو أعضاء الكونغرس للتوقف لبرهة والتفكير في ذلك. "من بين هؤلاء 300 مليون عربي، أقل من نصف الواحد في المائة أحرار بشكل حقيقي وكلّهم مواطنو إسرائيل".
ما من شك بأن أقوال نتنياهو رسمت ابتسامة ساخرة على وجه كل من يعرف حقيقة الأمر، وكل من يعرف بأن هنالك فرقاً هائلاً بين صورة إسرائيل المُتَخَيَّلة في عقول الأمريكيين وبين الواقع، وأن هنالك فجوة عميقة بين الأقوال التي تُقال في القارة الأمريكية وبين الممارسات الفعلية على أرض الواقع.

استكمال النظام الديمقراطي
بداية وقبل كل شيء، لقد أجرى رئيس الحكومة مقارنة غير ممكنة إطلاقاً بين مواطنين في دولة يدَّعي أنها "الديمقراطية الوحيدة في المنطقة" وبين مواطنين آخرين في دول غير ديمقراطية. كان من المفروض أن يقارن نتنياهو بين العرب واليهود الذين يعيشون في نفس الدولة، وخصوصاً أن العرب الفلسطينيين هم مجموعة أصلانية، وبأن بقية الشعب الفلسطيني إما يعيش تحت الاحتلال، أو أصبح لاجئاً، وفي جميع الحالات هذا أسوأ من العيش تحت أنظمة غير ديمقراطية، وإذا كان أجرى نتنياهو هذه المقارنات فكان سيصل، على ما يبدو، إلى نتائج واستخلاصات معاكسة تماماً لما قاله.
أضف إلى ذلك، يدور في الأكاديميا الإسرائيلية منذ سنوات، وخصوصاً عقب حدوث "الثورة الدستورية"، والتي كان بمركزها تأكيد هوية إسرائيل "اليهودية والديمقراطية" نقاش واسع وجدّي حول نوع نظام الحكم في إسرائيل، هل هي دولة ديمقراطية حقاً؟ وإذا كانت كذلك أي نوع من النظم الديمقراطية هي؟ "ديمقراطية ليبرالية" "ديمقراطية مع بقع"، "ديمقراطية خاوية"، "ديمقراطية يهودية"، "ديمقراطية شكلية"، وجميع هذه النظريات تشير إلى أن هنالك عطوب في الديمقراطية الإسرائيلية وانعدام لأسس ومركبات جوهرية لاستكمال النظام الديمقراطي.
من جانب آخر هنالك عدد من الباحثين، يؤكد على أن نظام الحكم في إسرائيل هو غير ديمقراطي، مثل النظام "الإثنوقراطي" والذي يمنح امتيازات لمجموعة الأغلبية على حساب الأقلية ولكون وجود احتلال، وعدم وجود حدود للدولة، وعدم وجود دستور، ومحاولة الدولة تهويد الحيّز والتمييز ضد المجتمع العربي وتعريف الدولة على أنها يهودية، وهنالك من يدّعي بأن نظام الحكم هو "سيكيوقراطي"، بمعنى أن مفهوم الأمن يحتل مكاناً مركزياً في نظام الحكم.

حقوق المجتمع العربي
لقد تناسى رئيس الحكومة، بأن الحكومة التي يقف على رأسها هي الحكومة الوحيدة، التي لم تشمل في خطوطها الأساسية أي ذكر لحقوق المجتمع العربي، أسوة بالحكومات السابقة، (بالرغم من أن الحكومات السابقة لم تحقق حقوق المجتمع العربي إلا أنها على الأقل اعترفت بوجود تمييز) وبالمقابل منحت الشرعية لحزب يسرائيل بيتينو اليميني المتطرف، الذي يبثّ أيديولوجية تعمل على سحب مواطنة العرب، وربط الولاء بالمواطنة، وتهجير العرب، وقد دعمت الحكومة مشاريع القوانين العنصرية مثل قانون لجان القبول الذي يهدف إلى منع العرب من السكن في التجمعات السكنية الصغيرة، والقانون الذي يمنع إحياء النكبة وقانون المواطنة، وأخيراً صادقت لجنة الدستور والقانون والقضاء على قانون يمنح أفضلية لمن خدم في الجيش بالقبول للعمل في الوزارات الحكومية، وهذا مشروع قانون عنصري بامتياز وغير ديمقراطي يسعى إلى المسّ بحقوق العرب الأساسية وهي العمل والعيش الكريم. وهنالك العديد من مشاريع القوانين التي أعدّت من أجل عرضها على الكنيست في دورتها الحالية تسعى للمسّ بالعرب.
إن الأمثلة للخروقات لحقوق المجتمع العربي كثيرة، من فترة الحكم العسكري، حتى مصادرة الأراضي، وقتل المواطنين في يوم الأرض وانتفاضة الأقصى، استمراراً بهدم المنازل، وعدم الاعتراف بالقرى العربية غير المعترف بها بالنقب، وسلب الأراضي، سياسة هدم البيوت، حرمان لاجئي الداخل من العودة إلى قراهم. وتشير المؤشرات إلى اتساع الفجوات بين العرب واليهود في مجالات الصحة، والعمل، والمسكن والرفاه وإلى تردّي مستوى التعليم، وكل ذلك نتيجة لسياسات الحكومات المنهجية والمميزة.
بعد أن توقفنا لبرهة، وفكرنا في ما قاله نتنياهو في واشنطن، وبعد أن فحصنا الحقائق والمعطيات الحقيقية، وتأملنا في المشهد الماثل أمامنا في بلادنا هنا، تأكدت لنا الحقيقة مرة أخرى بأن العرب لا يتمتعون بحقوق ديمقراطية حقيقية.
المطلوب من قيادات المجتمع العربي وضع وثيقة مفصّلة حول أوضاع العرب وإرسالها للإدارة الأمريكية وعرضها على الكونغرس وتعميمها على وسائل الإعلام الأمريكية، والالتقاء بالسفير الأمريكي في تل أبيب وإطلاعه على واقع المجتمع العربي.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: 
alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة