الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 08:01

بدأت دراسة الطب في السابعة عشرة

محمد محسن وتد
نُشر: 25/08/06 16:44

* بصدد البدء  بالعام الدراسي الرابع وفي منتصف المشوار لتحقيق الحلم
* الانتظار ثلاثة اعوام للتسجيل في  جامعات اسرائيل  هو مجازفة ومضيعة للوقت"



كثيرا ما يكون الجيل وامتحانات البسيخومتري عائقا امام الطلاب والطالبات من الوسط العربي للالتحاق مبكرا ومباشرة بعد انتهاء المرحلة الثانوية بالجامعات ودراسة مواضيع الطب. هناك من يغامر وينتظر ثلاثة اعوام لتتاح له الفرصة للتسجيل في الجامعات على امل القبول، لكن هناك من تمرد على هذه الشروط والعراقيل وابى ان يخسر السنوات في انتظار لربما الفرصة، وتسجل في الجامعات الاوروبية.
ايزيس سيف ابو مخ تبلغ من العمر 20 عاما من باقة الغربية، انهت السنة الثالثة من دراسة الطب في فرع الجامعة الامريكية "سيمر وايز" في هنغاريا، والتي تدرس وفق النظام الامريكي. ايزيس انهت تعليمها الثانوي في المدرسة الارثوذكسية في حيفا، وحققت الامتياز في شهادة البجروت، واعتقدت انها بصدد تحقيق حلمها في دراسة الطب في الجامعات الاسرائيلية. لكن حلمها لم يتحقق وتعرقلت برامجها بسبب شرط الجيل الذي تفرضه الجامعات في البلاد، لكنها اصرت على تحقيق الحلم الذي اصبح حقيقة. فقد سافرت الى هنغاريا - مباشرة بعد انتهاء المرحلة الثانوية - لتلتحق  بالجامعة لتحقيق حلمها، لتكون بذلك اول فتاة عربية تلتحق بهذه الجامعة واصغر طالبة استقبلتها كلية الطب.

وتقول ايزيس: "قررت دراسة الطب بعد استشارة اهلي، لقد حاول والدي اقناعي بالعدول عن القرار لكنني اصررت على تحقيق الحلم، واتضح لي  انه لا يمكنني الالتحاق مباشرة بالجامعات الاسرائيلية - بسب شروط الجيل التعجيزية.
بالنسبة لي فان جميع العلامات والشهادات والبسيخومتري تؤهلني للدراسة، لكن رفضت فكرة الانتظار ثلاثة اعوام وخسارة هذه المرحلة، لذا قررت الدراسة في اوروبا، بحكم عمل والدي كطبيب لديه علاقات مع الكثير من الاطباء ويتمرن لديه الكثير من الطلبة الخريجين من هنغاريا، لذا تسجلت في فرع الجامعة الامريكية وبعد شهر من انتهاء المرحلة الثانوية، سافرت الى هنغاريا".
وتضيف ايزيس: "في السنة التحضيرية باشرت التعليم بمواضيع الطب واللغة اللاتينية الى جانب الدراسة المهنية، وبدأت عملية التأقلم. ما يميز الجامعة انها تدرس وفق النظام الامريكي وتتعامل بجدية، وهي بمثابة حلقة وصل بين العلم والحياة الاجتماعية، تهتم ادارة الجامعة وطاقمها خلال السنة التحضيرية بصقل شخصية الطالب وتكسبه الآليات لاخذ زمام الامور والمبادرة واثبات ذاته من خلال تحمل المسؤولية والاعتماد على الذات، والاهم ان الجامعة توفر للطالب كل الظروف والبيئة التعليمية، ومساكن الطلبة  وجميع  الظروف الحياتية والاجتماعية".



لكن، توضح ايزيس: "في البداية واجهتني عدة صعوبات.. فانا اصغر طالبة في كلية الطب، والاهم انني خرجت لوحدي وانا اول فتاة من عرب الداخل تلتحق بهذه الجامعة. اضافة الى ذلك فان المجتمع في هنغاريا لا يتحدث باللغة الانجليزية، الامر الذي اجبرني على دراسة لغتهم على الرغم من ان لغة التعليم  في الجامعة هي الانجليزية، بعد ثلاثة اعوام من الدراسة في الجامعة، العديد من الفتيات من عرب الداخل ابدين اهتمامهن  بالجامعة ومنهن من انخرطن في الجامعة لدراسة الطب".
تضيف ايزيس: "ترعرعت وتربيت في اجواء حضارية وتربوية وعلمية، الى جانب الحياة المدرسية كان البيت وما زال محفزا على العلم، وعليه فان خروجي وسفري للدراسة في هنغاريا لم يكن امرا مستغربا بالنسبة لي ولاهلي، لذا تشجعت وانطلقت في مشواري ونجحت في التأقلم بسرعة في الحياة الجامعية والتقدم".
توضح ايزيس: "هناك نظام وانتظام تفرضه الجامعة.. ساعات دراسة مطولة وتعليم جدي وامتحانات مكثفة، احيانا استمر في الدراسة والمطالعة في المكتبة على مدار خمس عشرة  ساعة، وانا لا ابالغ في تقدير الوقت."
وتحذر ايزيس: "اذا ما تعاملت مع الدراسة بنوع من الاستهزاء والاستهتار وعدم الجدية عاجلا ام آجلا ستفقد مقعدك الدراسي وستعود الى بلدك، من جهتي تراودني افكار ومخاوف من امكانية الفشل وتحديدا في فترة الامتحانات، عائلتي منحتني الثقة والفرصة لتحقيق حلمي وتصرف علي مبالغ طائلة، كثيرا ما يدخل عامل الخوف ذهني، لكن هذا الخوف لا يكسرني بل على العكس دائما اتغلب عليه وعامل الخوف بالنسبة لي هو العامل المحفز لتحقيق النجاح، ها انا قطعت نصف المشوار وانظر بجدية ومسؤولية لاتمام المشوار والعودة الى بلدي واهلي وقد تخرجت وبامتياز".
ايزيس والجثث البشرية:
توضح ايزيس: "كنت متشوقة للتعمق في موضوع الطب وكنت على احر من الجمر لرؤية جثة على ارض الواقع والتعامل معها من الناحية العلمية، وكان الامر بالنسبة لي امرا اعتياديا وهناك العديد من الطلاب ممن اعربوا عن نفورهم لمجرد رؤية الجثة، كنت احضر الجثة واشرحها واستعرضها لطلبة السنة الاولى، والامتحان النهائي للنجاح في السنة الدراسية الثانية هو تشريح جثة امام طاقم المحاضرين، حيث تتحدث عن كافة مراحل التشريح، ليس هذا فحسب بل هناك عشرات الطلبة ينظرون اليك ويراقبون ما تقوم به، والجزء المهم من الامتحان تقييم مدى تحملك للضغوطات البشرية التي تحوم من حولك وكيف تتعامل مع ذلك، تعتقد انك تنهي عاما دراسيا وتقول في ذاتك بانك تخطيت اصعب المراحل، لكن يتضح لك بان لكل مرحلة صعوباتها، وكل فصل دراسي جديد يكون اصعب من الذي سبقه وكل سنة دراسية بمثابة تحد ومواجهة، وتتغلب على هذه الظروف والعراقيل من خلال تنظيم الوقت والجدية في الدراسة والتواجد المكثف في المحاضرات، اي انك يجب ان تستغل كل لحظة ليتسنى لك عبور الامتحانات بنجاح والانتقال الى المراحل المتقدمة".
تقول ايزيس: "في العطلة الصيفية تعود الى بلدك، ليس للترفيه والاستجمام، ادارة الجامعة تلزمك بالتطوع والتمرن في احد المستشفيات في بلدك وهذا التطوع هو جزء من التعليم، شخصيا اتطوع في مستشفى هيلل يافه في الخضيرة، فالتعليم ليس مجرد نظريات وموسوعات، فهناك اشهر من التمرن والتطبيق اي انه يتم الدمج ما بين النظريات والعمل الطبي".
تؤكد ايزيس: "بالنسبة لي انتهت دراسة السنة الثالثة بنجاح، اولاد جيلي  الذين ارادوا دراسة الطب في الجامعات الاسرائيلية، ما زالوا ينتظرون الفرصة للتسجيل، اعتقد انهم اهدروا السنوات الماضية، بينما كنت في اوج المراحل التعليمية وها انا قد  قطعت  منتصف المشوار لتحقيق حلمي".

مقالات متعلقة