الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 16:02

حازم القواسمي يكتب:إمتدح السلطة.. تُصبح وزيراً

كل العرب
نُشر: 22/02/11 08:58,  حُتلن: 15:10

 حازم القواسمي في مقاله:

ترتكز هذه الوصفة على مفهوم الولاء الأعمى للنهج السياسي القائم، مع مزيج من النفاق والتملّق والتأييد المطلق والتصفيق المدوي للرئيس ولرئيس الحكومة

أصبح موقع الوزير مرضاً يصيب الكثير من الفلسطينيين المهووسين بالشهرة والجاه، بالرغم من الصلاحيات المحدودة لهذا المنصب كون الشعب الفلسطيني ما زال يقبع تحت الاحتلال

هذه هي الوصفة السحرية البسيطة حتى تصبح وزيراً أو وزيرة في حكومة د. سلام فياض هذه الأيام. فكل شخص في موقع قيادي في فتح أو في إحدى المؤسسات الفلسطينية طموحه أن يصبح وزيراً في الحكومة القادمة عليه أن يمتدح ليلاً ونهاراً القيادة الفلسطينية ممثلة برئيسها ورئيس وزرائها، أما باقي المؤهلات الأخرى فتصبح عملياً غير ضرورية. وترتكز هذه الوصفة على مفهوم الولاء الأعمى للنهج السياسي القائم، مع مزيج من النفاق والتملّق والتأييد المطلق والتصفيق المدوي للرئيس ولرئيس الحكومة. هكذا كان المبدأ في اختيار حكومة تسيير الاعمال السابقة، وهذا هو المعيار الواضح لاختيار الحكومة القادمة، مما جعل بعض الفلسطينيون يتمادون في التملّق الفاضح لقيادة السلطة ويتسابقون في مديح أي شيء يتعلّق بشخص رئيس الوزراء وبالتأكيد رئيس السلطة.
هذا النهج هو النهج الذي تريده قيادتنا. فهي تريد معها أتباعاً، على غرار صمّ بكم عمي فهم لا يفتون ولا يجتهدون. تريد وزراء يبصمون للرئيس ولرئيس الوزراء مهما كانت القرارات وبغض النظر عن السياسات التي يتبعونها. تريد وزراء من نوع الببغاء يقول ما يقولون ويرفض ما يرفضون، ويردد عباراتهم وجُمَلهِم بالحرف وبالنقطة دونما حياد. أما الوزير الذي قد يكون له رأي أو اجتهاد، فهو لا يصلح لأن يكون في الوزارة وعليه تقديم استقالته، تماماً كما حصل مع حاتم عبد القادر عندما أراد أن يجتهد للعمل من أجل القدس بطرق خلّاقة.

مهووسون بالشهرة
وأصبح موقع الوزير مرضاً يصيب الكثير من الفلسطينيين المهووسين بالشهرة والجاه، بالرغم من الصلاحيات المحدودة لهذا المنصب كون الشعب الفلسطيني ما زال يقبع تحت الاحتلال. إلا أنها أصبحت موضة هذه الأيام أن يتمنى الأهل لإبنهم أن يصبح وزيراً في أي حكومة قادمة. وما أكثر الإشاعات عن المئات من الأسماء المرشحة لأن يكونوا وزراء عند كل تشكيلة جديدة للحكومة. ونسمع في أروقة رام الله دعاء الصديق لصديقه "إن شاء الله بتصير وزير" وكأنه يقول له "إن شاء الله بتدخل الجنة". فلا شكّ أنّ الامتيازات والراحة التي يتمتع بها الوزير في السلطة الفلسطينية، تجعل من هذا المنصب موقعاً مغرياً يتسابق عليه الطامحون في المناصب والشهرة. فالوزير له طريق خاصة غير الطرق المزدحمة التي يسلكها المواطن الغلبان، وله بطاقة خاصة كشخص مهم يستطيع التحرك والسفر كيف يشاء ومتى يشاء بتذكرة في المقاعد الأولى بالطائرة تكلّف خزينة السلطة آلاف الدولارات. وللوزير سيارة جديدة ومُرافق يفتح له الباب وحرسٌ يحرسه أينما تحرك. وله نفوذه في تعيين كل أقاربه في الوزارات والمؤسسات الحكومية والغير حكومية دونما حسيب.
أما من له رأي واجتهاد فلا يصلح لأن يكون في الحكومة أو في صفوف القيادة. فكل من لا يعجبه الطريق السياسي المسدود الذي وصلت إليه عملية التسوية، وكل من عنده القدرة على الانتقاد البنّاء – أو غير البنّاء في نظرهم – فهو مغضوب عليه ويجب عدم الإصغاء إليه وعدم إعطائه أي فرصة للحديث أو التفوه بكلمة على إذاعة أو تلفزيون فلسطين. وحتى لو لم يكن حمساوياً، وكان علمانياً ليبرالياً، فالاجتهاد أو الانتقاد مرفوض ويجب أن يكون فقط فتحاوياً أو فياضياً أكثر من سلام فياض تماماً كما هي بعض الأحزاب اليسارية التي تشارك دوماً في الحكومة. في النهاية، نأمل أن تكون حكومة الوحدة الوطنية قريبة كما تردد بالأمس، فهي وحدها الكفيلة بالتقليل من هذه الآفات التي تصاحب موقع الوزير في السلطة الوطنية الفلسطينية، وتجعل منه موقع تكليفٍ وليس تشريف.

مقالات متعلقة