الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 07:01

حول العنصرية ومقاومتها - بقلم: المحامي علي حيدر

كل العرب
نُشر: 17/01/11 14:25,  حُتلن: 15:10

المحامي علي حيدر:

العنصرية ليست مقصورة على أفيغدور ليبرمان وحسب، بل أصبحت سياسة الحكومة الرسمية

تحول البرلمان إلى ساحة مركزية وأساسية لتصنيع، تغليف وترويج الأفكار والتوجهات العنصرية

في الآونة الأخيرة كتب الكثيرون حول تفشّي وتصاعد مظاهر العنصرية، التطرف والانزلاق السريع نحو الفاشية في المجتمع اليهودي في إسرائيل، وحول "المؤجّجين" لهذه الظواهر والمستفيدين منها، سواء كانوا سياسيين، مثقفين، إعلاميين وحاخامات. وقد قيل الكثير أيضاً، في تفسير وتأويل وتحليل أسباب ودوافع هذا التصعيد وأبعاده، وفي المقابل، يبقى السؤال المركزي، والذي لم يحظَ حتى الآن باهتمام كافٍ، هو: "كيف يترتب علينا، نحن كعرب، مواجهة هذه الظواهر الخطيرة والمقلقة جداً ثم مقاومتها والتصدي لها؟"

تطور الوقائع والمواقف
إن المتابع والمراقب لتسلسل الأحداث، وتطور الوقائع والمواقف، يستطيع أن يلحظ، وبسهولة، عدم توفّر إستراتيجية عربية مدروسة وموحدة لمقاومة العنصرية. وغياب عمل منظم ومنهجي وحدوي للتعاطي مع هذا التحدي الخطير، وعدم وجود تنسيق كافٍ بين القيادات والفاعلين في هذا المجال. نحن لا ننكر الدور الفاعل الذي تقوم به هذه القيادات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بالتعقيب على كل مظهر من مظاهر العنصرية وعلى كل تصريح أو تفوّه، ولا ننكر بأن بعض الأحزاب والحركات والجمعيات قامت بنشاطات وفعاليات عينية هنا وهناك، ومع ذلك نحن نعتقد بأن هذا غير كافٍ ولا يتناسب وتحديات المرحلة، خصوصاً وأن ظاهرة العنصرية، والخطاب السياسي الإسرائيلي وصلا إلى الحضيض في الأسابيع الأخيرة، على إثر موجة جديدة من الإجراءات، مثل إقرار لجنة الداخلية التابعة للكنيست مشروع قانون سحب المواطنة من أي شخص أدين بالتعاون مع جهات تعتبر "معادية" أو المشاركة بنشاطات وصفها القانون "بالإرهابية" وسوف يعرض هذا المشروع قريباً على الكنيست للمصادقة عليه.

نشاطات إرهابية
كما تعمل الكنيست على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لتقصّي مصادر تمويل مؤسسات وجمعيات حقوق الإنسان في البلاد، وقد قدم هذا الإقتراح حزب "يسرائيل بيتنو" برئاسة ليبرمان، الذي وصف نشاطات هذه المؤسسات بأنها "إرهابية".
بالإضافة إلى ذلك، سوف تناقش الكنيست هذا الأسبوع، قانون "لجان القبول" الذي ينظم مسألة قبول عائلات جديدة للسكن في التجمعات الجماهيرية الصغيرة للقراءة الثانية والثالثة بعد أن قام رئيس الكنيست رؤبين ريفلن، بتجهيز الإقتراح من أجل تعديله وصياغته بشكل مخفف، ولكن في نهاية المطاف فشل رئيس الكنيست في ثني مقدمي المشروع عن ذلك، رغم أن الصيغة المخففة أيضاً تميّز ضد العرب.

توجهات عنصرية

إن هذه الخطوات تشير إلى تحول البرلمان إلى ساحة مركزية وأساسية لتصنيع، تغليف وترويج الأفكار والتوجهات العنصرية، وأن العنصرية والفاشية من قبل المؤسسة الرسمية والجمهور اليهودي آخذة في الازدياد والتفاقم، وبوتيرة عالية، لتأخذ أشكالاً وصوراً مختلفة، إذ لم تعد مقصورة على اتخاذ المواقف والتعبير عن الآراء المقيتة فحسب، بل تحولت إلى صور فعلية وعملية، تسعى لمحاصرة الوجود العربي في البلاد وترهيبه.
كما وأن العنصرية ليست مقصورة على أفيغدور ليبرمان وحسب، بل أصبحت سياسة الحكومة الرسمية. وبالرغم من أن المسؤولية الرئيسية تقع على الحكومة، التي من واجبها العمل الفوري لمناهضة هذه الظاهرة ومحاكمة كل من تسوّل له نفسه التحريض على المجتمع العربي، إلا أنه يترتب علينا، ومن الضروري، بلورة استراتيجية شاملة ومدروسة لمواجهة هذه الظاهرة والتغلب عليها.

إستراتيجية شاملة لمواجهة العنصرية
لا يمكننا أن نقف أمام هذا السيل الجارف من العنصرية، وأن نردع العنصريين إلا إذا توحدنا وعملنا سوياً، نمّينا وبيّنّا عوامل قوتنا، فها هم متظاهرو تونس وأحفاد ابن خلدون، يقدمون لنا النموذج الحي الأمثل على ذلك. علينا أن نحسم في أي الميادين نريد أن ننشط: المجتمع العربي، المجتمع اليهودي، المستوى الدولي، ويجب أن نميز بين المواجهة العينية للخطوات العنصرية وبين المواجهة الشاملة، وما بين "العنصرية المؤسساتية" وما بين "العنصرية الجماهيرية الشعبية" بالرغم من العلاقة الوطيدة بينهما.
باعتقادي، يجب العمل على تطوير مركز سياسي للمجتمع العربي، يشكل مركز حراك وفاعلية، تتواجد به القيادات السياسية لتعمق تواصلها مع المجتمع العربي، وتبادر لنشاطات وفعاليات بحجم تحديات المرحلة، ولن يتأتى هذا الأمر إلا إذا أعدنا النظر بمبنى لجنة المتابعة بأدائها ورؤيتها.
ومن أجل وضع إستراتيجية شاملة لمواجهة العنصرية، يترتب قبل ذلك عقد مؤتمر جماهيري شعبي، تدعو له لجنة المتابعة الحالية، وتشارك به جميع القيادات السياسية والمختصون ورؤساء المجالس والصحفيون والجمهور العام، من أجل التداول والتفكير في وضع خطة تحظى بإجماع وبتأييد شعبي، تشمل كل الاستراتيجيات الاحتجاج والإعلام والمرافعة الدولية، تنظم المجتمع وتعبئه، وكذلك إجراء الأبحاث والدراسات والتوجه للمحاكم، والنشاط داخل البرلمان، ووضع مناهج تربوية بديلة لتقوية الذات وتعزيز الانتماء للقيم والأخلاقيات الوطنية والإنسانية.

مقالات متعلقة