لا تقدم بدون تعليم بنوعية وجودة عالية

الاهداف والغايات من العملية التعليمية غير واضحة تماما للاسف

اهمية التعامل الانساني والواعي مع الطفل واحترام تساؤلاته وبحثه عن التعرف والاكتشاف ..

ماذا يميز بلدان تشكل نماذج ناجحة مثل اليابان وسنغافورة وفنلندا سوى النظم التعليمية الراقية التي تقوم عليها ادارات تقود المجتمع نحو التغيير والتطور والابداع

شخّص الاستاذ المهندس عيد صادر مدير مدرسة المطران في القدس بصورة علمية ودقيقة واقع التعليم في هذه المدارس الفلسطينية التي قدمت مساهمات كبيرة في رعاية العملية التعليمية في بلادنا رغم كل الظروف الصعبة والمعقدة المحيطة بنا من مختلف الجوانب. وقال صادر في لقاء الاربعاء لنادي الصحافة المقدسي- نقابة الصحفيين الفلسطينيين الذي يعقد برعاية مقهى الكتاب الثقافي- المكتبة العلمية في القدس ان المدارس الخاصة غير ربحية وهي جزء لا يتجزأ من جهاز التعليم الفلسطيني وهي مكون ومكمل اساسي فيه وتعاني مثل باقي المدارس الاخرى.

واضاف ان ما يميز المدارس الخاصة اجمالا هو خصوصيتها وما تملكه من حرية اكبر من حيث توزيع عدد الساعات الدراسية ومضاعفتها لصفوف دراسية معينة وتوفير البيئة الصديقة للطفل من ناحية الادارة والاماكن والساحات والملاعب والمكتبات والمختبرات التي نعمل بجد لتأمينها لطلابنا للمساهمة في تنمية المجتمع الفلسطيني وتهيئته لمستقبل واعد ، مشيرا الى ان هناك مدارس خاصة تحمل هذه الرسالة منذ عدة قرون كما هو الحال في بيت لحم والمطران التي تجاوز عطاؤها ١١١عاما .

الصحافة والاعلام لها دور في التوعية
ورأى صادر ان الاهداف والغايات من العملية التعليمية غير واضحة تماما للاسف .. " فما زال هم تنشئة اطفالنا وتحضيرهم للمستقبل الشغل الشاغل.. فمستقبل اي بلد مبني على مستقبل اطفالها ..! والمعضلة التي ما زلنا نواجهها هي انه بعد عشرين عاما ماذا يعمل الخريج وما هي المهارات والكفاءات التي سوف يتمتع بها..؟ وكيف نهيئه ونحضره ؟ وهل نحن فقط المسؤولون..؟ وأين مثلا.. دور ارباب الصناعة في بلد ليس فيها موارد طبيعية .. ولا نملك الا الانسان الفلسطيني الذي هو رأسمالنا الوحيد .. وهو اهم "منتج" ..! لذا انا اقول.. ان الواجب يقع علينا جميعا.. الصحافة والاعلام لها دور في التوعية .. الوزارات المختلفة والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني يقع عليها دور بدء من وزارة التربية و التعليم ووزارة التخطيط والمواصلات والاتصالات وغيرها.. " .. وتساءل اين موقعنا من الالكترونيات والكمبيوتر (التقنية الحديثة) ومختلف وسائل الاتصال العصرية الحديثة.. هل نحن جاهزون لاستيعابها ..؟ هل نعمل على تهيئة بنى تحتية وشبكات اتصال يستطيع الطفل التعامل معها ومواكبة روح العصر والتقدم ..؟ .. لدينا طاقات انتاجية ولكن يجب استغلالها واعدادها للمستقبل والتخطيط لها .. وعلى الجميع المشاركة في هذا الجهد الضخم ..والى متى نبقى تحت رحمة المانحين..؟ المدرسة اليوم هي البداية الحقيقية للاستقلال السياسي والمعنوي والاقتصادي.. لذلك يجب خلق بيئة مدرسية شاملة تربوية تعليمية مريحة لطالب العلم حتى يتمكن من المشاركة في بناء مجتمعة والمساهمة في الحضارة الانسانية.. لانه لا بد لنا من ممارسة دورنا في صنع الحضارة في العالم وان لا نبقى مستهلكين فقط..!

استراتيجية تعليمية..
واوضح انه يجب ان تكون لدينا استراتيجية تعليمية.. فليس هناك تعليما من اجل التعليم فقط..! وانه على سبيل المثال فان شركات التكنولوجيا المتطورة لدى الجانب الاخر تستوعب مئات الالاف من الموظفين والمهندسين والفنيين ، وحصل ان شركة واحدة فقط بيعت الى الولايات المتحدة الامريكية في عام ٢٠٠٠ بمبلغ فلكي ١٦٠٠ مليون دولار كان يضاهي ميزانية السلطة الفلسطينية في تلك الفترة..؟؟؟؟ وأكد على ان المدرسة هي مكان لبناء الطفل بكرامة ليكون منتميا واعيا يحب بلده واهله ومجتمعه وذلك بالتعاون بين جميع الجهات في المجتمع ولا بد من توفير جميع اشكال العلوم الانسانية الى جانب العلوم الاساسية كالرياضيات والعلوم واللغات الاجنبية كالانجليزية ، مثل الرسم والمسرح والفن التشكيلي والرياضة بأشكالها المختلفة حتى نشجع ابناءنا ونجذبهم الى المدرسة. واشار الى مشكلة اخرى وهي عدم كفاية ايام الدراسة يمكن حلها من خلال تقليل الاجازات وزيادة المواضيع المحببة للطلاب كالتي تساعدهم على التخيل واعتماد اساليب تعليمية حديثة وتأهيل المعلمين للتدريس بعيدا عن التلقين والحفظ والبناء والتأسيس من اعمار ما قبل التمهيدي وتوعية الاهالي بعمل مكتبات في البيوت وزيارة المتاحف والمصانع ..فالمدرسة جزء من مجتمع ويجب ان تكون مكشوفة ومنفتحة على العالم سواء في الداخل او الخارج وتساهم كقوة انتاجية وصناعية عالية بعد الاستثمارفيها .. فالتعليم هو استثمار في الانسان ليكون قادرا على الانتاج في مختلف مجالات الحياة ..! وتساءل .. ماذا يميز بلدان تشكل نماذج ناجحة مثل اليابان وسنغافورة وفنلندا سوى النظم التعليمية الراقية التي تقوم عليها ادارات تقود المجتمع نحو التغيير والتطور والابداع . ونبه الى اهمية التعامل الانساني والواعي مع الطفل واحترام تساؤلاته وبحثه عن التعرف والاكتشاف .. وطالب برؤية واضحة في مجال التعليم الفلسطيني .. واقر بوجود خطط ومشاريع في هذا الاتجاه ولكنها غير كافية..! وعلى الجميع ان يتجند لعملية تطوير التعليم في فلسطين.

مشروعات وبرامج تربوية وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة
وقدم الكاتب نبيل الجولاني اقتراحا بعقد مؤتمر تربوي على غرار المؤتمرات الاقتصادية وغيرها تشارك فيه كافة القطاعات التعليمية من وزارات وجامعات لتطوير مشروعات وبرامج تربوية وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة وتعميم التجارب التربوية العالمية الناجحة وتعزيز التعليم الالكتروني وتوفير مستوى افضل للتعليم وتنمية التعليم والتربية . كما اقترح اولمبياد في العلوم والهندسة والرياضيات . وطرحت الكاتبة ريم المصري فكرة ربط التعليم في المدارس ببرامج توعية الاهالي لاحداث حالة من التوازن وعدم الاكتفاء بالتعليم الاكاديمي المحض. وتساءل الكاتب الروائي عيسى قواسمي عن وجود نظرة تعليمية مختلفة تساعد الطالب على الابداع بعيدا عن لعب دور المتلقي فحسب؟ ورّكز الموجه التربوي راتب حمد على دور الاهل في العملية التعليمية وتساءل عن وجود مشاكل او سلبيات في المدارس الخاصة وبشكل خاص مدرسة المطران؟ واقترح اياد منى مصور اللقاء ان يتم ادخال مواد جديدة تنمي مواهب وميول ورغبات الطلاب وزيادة ساعات الدوام ؟ وقال محمد زيادة المهتم بالشأن الثقافي ان هناك معاناة في نقل المدرسة الى البيت واختلاف اسلوب التعليم بينهما ؟ وسأل عماد منى صاحب الصالون الثقافي عن وجود استراتيجية تعليمية تجمع المدارس الخاصة لوحدها وعن مشكلة التسرب؟ ونقل الصحفي احمد جلاجل تذمر الاهالي من ارتفاع اقساط المدارس الخاصة؟ ووصف الفنان نزيه المغربي الاجواء الاسرية والحميمة في مدرسة المطران التي توفرها الادارة وبحثها الدؤوب عن تطبيق الافكار المبدعة والخلاقة في مجال التعليم والتربية مشيرا الى ادخال فكرة مخيمات الكمبيوتر الى المدرسة في وقت مبكر من استلام الادارة الحالية لمهامها . وطرحت آلاء سنقرط وآية الشويكي واسامة الرشق مجموعة تساؤلات حول كيفية تصنيف العلمي والادبي وتهيئة الطالب الثانوي للمرحلة الجامعية وضعف المستويات التعليمية لطلاب الجامعات .

الطالب هو بمثابة ابن المدير في المدرسة
ولخص الاستاذ صادر ردوده على هذه التساؤلات والملاحظات بأنه يؤمن بالشراكة الكاملة مع الاهل ويطبقها في مدرسته والدليل ان باب المدرسة مفتوح امامهم وتنظيم امسية رمضانية مثلا جاء في سياق الشراكة والتعاون وهناك مشاريع اخرى مثل المدرسة المميزة صحيا والصديقة للبيئة ومشروع القراءة وورشات عمل لتشجيع القراءة في المدرسة والبيت و مبادرات من جانب الاهالي انفسهم . وتنظيم نشاطات مشتركة مع مؤسسة تامر واطر نسوية عديدة. وان الطالب هو مركز العملية التعليمية ، لذلك يشارك المدير والمعلمون والمعلمات في دورات تطوير واستكمال مهارات بشكل دائم ، ومدرس اليوم هو موجه وليس ناقل معلومة ولدينا في المطران اسلوب الهرم المقلوب في تسخير الادارة والمعلمين وجميع الامكانيات لخدمة الطالب وهذه فلسقتنا التي لا نحيد عنها ونحث بعض الاهالي على عدم ضرب اولادهم او اهانتهم . ورصد الاستاذ صادر بعض مشاكل التأخير وعدم احضار الكتب وكيفية حلها السريع والعمل على منح الطالب فرصة التعبير عن قدراته ..! فالطالب هو بمثابة ابن المدير في المدرسة وهذا هو مربط الفرس في التعليم . وأيّد التوسع في التخصصات في العملية التعليمية مع التركيز على الجوانب التكنولوجية لانها تعتبر مفاتيح المستقبل الناجح. واعلن حرصه على العلاقة المتينة مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وعمله على تشجيع برنامج المبادرون الشباب الذي يربط التعليم بالصناعة المحلية .. فالتعليم هو استثمار مهم . وأكد على ايمانه بأن المدرسة وحدها المسؤولة عن تعليم الطلاب وعلى الاهل المتابعة فقط . وبالنسبة للتنسيق بين المدارس الخاصة قال ان الامر يقتصر فقط على مجالات محدودة ومعينة .. فكل مدرسة لها سياستها الداخلية. وعزا رفع الاقساط الى المصاريف الكبيرة من رواتب ومرافق وغيرها . واشار الى مشروع حوسبة المدارس الذي بدأ منذ عام ١٩٨١ وشمل العديد من الجامعات الفلسطينية واكثر من ١٥٠٠ مدرسة في عموم الاراضي الفلسطينية ٤٨ و ٦٧. وكذلك البرامج المحوسبة التي تم انتاجها وكان من المفروض ان تسوق في عدة دول عربية لولا اندلاع حرب الخليج . وخلص الى ان الانسان قيمة عليا وكرامته فوق اي اعتبار وانه لا خلاص ولا تقدم دون تعليم بنوعية وجودة عالية جدا ، ولا بد من السعي لبناء مجتمع ديمقراطي فلسطيني قائم على الاحترام المتبادل. وأرجع ضعف المستوى التعليمي الى حالة العداء بين الطالب والكتاب واسباب اخرى . وادار الحوار محمد زحايكة رئيس نادي الصحافة المقدسي. وفي ختام اللقاء تم عرض فيلم قصير عن تاريخ المكتبة العلمية في خدمة الكتاب والمعرفة.