الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 20:01

من أين تبدأ يا شعبي مسيرة الإصلاح-بقلم:الشيخ حماد أبو دعابس

كل العرب
نُشر: 06/01/11 21:51,  حُتلن: 08:04

الشيخ حماد أبو دعابس:

على الشرطة ووجهاء الحمائل والعائلات مهمَّةُ وتعقبُّ ، النزاعات المختلفة المرشحة لتكون مسرحاً للجريمة

التفكك الأسري وهذه المعاملات غير الإنسانية وغير الإسلامية، أدّت إلى خراب كثير من البيوت فانتشر فيها الفساد

شريحة أبناء الثامنة عشر في كل عام، والمؤهلون للتخرّج من المدارس الثانوية بشهادة التوجيهي يُعَدُّون بمئات الآلاف في مجتمعنا العربي الفلسطيني

كثيرة هي هموم شعبنا ، متنوعةٌ هي قضايانا ولكنها لا تحظى بالقدر الكافي من الجهد والإبداع ، والاهتمام والمتابعة . حتى أصبح السؤال الملحُّ أمام كل المصلحين : من أين نبدأ ؟ أيها أولى من غيره بالاهتمام ؟ ومن سيتصدّى لكل هذه المهام المضنية ، والمسئوليات الضخمة ؟. ولو استعرضنا بعض هذه القضايا والتي باتت تهدد نسيجنا الاجتماعي ، بل تفتك به بشكل رهيب لوجدنا أنها تربو على الحصر وتفوق كل تصوُّر . ولكننا سنتناول بعضها بإيجاز بإذن الله تعالى لنسلّط عليها بعض الضوء ، عساها تكون إسهاماً في رسم خريطةٍ في طريق الإصلاح ، والتغيير نحو الأفضل .

1- العنف والقتل
انه شبح مخيف ، أصبحنا نبيت ونصبح على أخبار القتل داخل المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل . عنفٌ وقتل داخل الأسرة ، وقتل بين عصابات الإجرام التي تجنِّد لصفوفها شباباً يعملون بالسُّخرة ، لصالح رؤساء هذه العصابات . وعنف وقتل بين العائلات والحمائل ، وإحياء لثارات قديمة . فما بين قاتلٍ مستأجر ينفذ أمر القاتل المتخفِّي الذي يصدر الأوامر ، وما بين قتيل لمجرد الشبهة ، أو لمجرد الانتماء للفصيل والعائلة المستهدفة ، سفكت دماء كثيرة ، وأزهقت أرواح عديدة . وأصبحنا في كثير من الأحيان يصدق فينا وصف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لزماننا :
" لا يدري القاتل فيم قَتَل ولا المقتول فيم قُتِل". كيف لنا أن نوقف شلال الدم ؟ وكيف لنا أن نمنع الجريمة القادمة ؟ ومن المطالب بالقيام بواجبه من اجل وقف هذا الإجرام ؟. والجواب: كلنا مطالبون : جماهير وقيادات ، مربُّون ووعّاظ ، وجهاء ومسئولون إضافةً إلى دور رئيسي ومهم للشرطة وأجهزتها الاستخباراتية ، والمعلوماتية .
على الشرطة ووجهاء الحمائل والعائلات مهمَّةُ وتعقبُّ ، النزاعات المختلفة المرشحة لتكون مسرحاً للجريمة , ومحاولة نزع فتيل الأزمة قبل تفاقمها . وعلى كل أصحاب المسؤوليات الدينيّة والاجتماعيّة , التربويّة والسياسيّة أن يحذّروا , وينبِّهوا ويربّوا ويهذّبوا , ويبذلوا كل الجهود من اجل الردع والتحذير من تفاقم ظاهرة العنف والقتل عسانا أن نوقف شلال الدم النازف , ونمنع مزيداً من التدهور والدمار لمجتمعنا .

2- الكحول والمخدرات
الإحصاءات حول انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات وشرب المسكرات في وسطنا العربي مرعبة ومثيرة للقلق . في المدارس , في محطات الوقود , في الملاهي والمدن الإسرائيلية . هدر للأموال , وهتك للأعراض , وضياع للمروءة ودمار للأُسر وخراب للبيوت . إنها أيضا مسؤولية الجميع أن يتنبّهوا إلى أثر ذلك كله على فساد المجتمع وضياعه وتحطّمه . قد تبدأ الظاهرة بالتدخين (دلعاً وحب استطلاع ) , ثم إدمان "ونرجيلة" , وأقراص حشيش ثم مخدرات خطيرة , وخمور ومسكرات .
فالويل كل الويل لتجّار ومروجي المخدرات والخمور , الذين يحملون أوزار كل من يبتاع منه , فيسكر ثم يرتكب جريمة أو فاحشة . والويل لأصحاب المحلات والحانات التي تسوّق هذه المحرمات . الويل لهم من عذاب الله في الآخرة, وعسى أن تطالهم العقوبة الرادعة في الدنيا , أو يهديهم الله تعالى فيكفوا عن نشر هذا الأذى.

3.الجهل والتسرب والتحصيل الدراسي المنخفض
شريحة أبناء الثامنة عشر في كل عام , والمؤهلون للتخرّج من المدارس الثانوية بشهادة التوجيهي يُعَدُّون بمئات الآلاف في مجتمعنا العربي الفلسطيني . ولكن كم هي نسبة من يتمُّون دراستهم فعلاً ويتخرجون بنجاح . ونجاحهم عن جدارة وليس غشاً . إنها نسبةٌ ضئيلة ولا شك , وخاصةً في شريحة الذُّكور وإذا استعرضنا نسبة الملتحقين من بين هؤلاء بالجامعات نجدها أقل وأقلّ .
على هؤلاء يعلِّق المجتمع أماله , حيث أن التربية والتعليم والثقافة الجامعية. الشرعية والإنسانية والمهنيةَّّ كفيلةً باجتماعها أن تنتج جيلاً واعياً راقياً منتجاً وحريصاً على مصالح مجتمعه , بل قادر على الإسهام في التخفيف من أعباء هذا المجتمع ومشكلاته .
إن الجهل رديف الفقر والجريمة والجاهل يعجز عن معرفة حالته المتردية اجتماعياً , دينياً واقتصادياً . فهو جاهل ويجهل انه جاهل. قد لا تصل إلى مسامعه كل المواعظ وإذا وصلته لا يعقلها . ولا تبلغه كل الكتابات والمقالات والنشرات التي تعالج حالته الخاصة والعامّة . وإذا وصلته لا يقرؤها فأنىَّ له أن يفهمها ، أو يطبقها . وعليه فان كلُّ جهد يُبذل من اجل

تحفيز أبنائنا وتشجيعهم على التفوّق الدراسي , وإكمال دراستهم الجامعية , وتوجيههم التوجيه السليم لاختيار التخصُّص المناسب , هي جهود مباركة, وتصبُّ في مصلحة المجتمع عامةً وفي حفظ سمعته وكرامته وبقائه وصموده في وطنه وخدمته لشعبه وأمَّته .

4.التفكك الأسري وسوء المعاملات في البيوت
كم من بيوت عربية في مجتمعنا العربي تصبح وتمسي على صراعات ومشاحنات . فيها عقوق للوالدين , أو ظلم للزوجات , أو إهمال لشيخ مسن أو عجوز مقعدة. كم من حالات طلاق لو بحثت عن أسبابها لوجدتها تافهة كان بالإمكان تجاوزها . كم من امرأة تستنكف عن طاعة زوجها فيكون ذلك سبب في تسيُّب الرجل وتهتُّك المرأة . وما مصير الأبناء والبنات اللذين يعيشون في مثل هذه البيوت . لقد وصل الأمر بالرجل يقتل زوجته , وبالزوجة تشتكي زوجها فيُسجن على إثر ذلك, بل بلغ الأمر بالأبناء أن يذلون آباءهم ويجرجرونهم في المحاكم .
هذا التفكك الأسري وهذه المعاملات غير الإنسانية وغير الإسلامية , أدّت إلى خراب كثير من البيوت فانتشر فيها الفساد وكانت بيئةً خصبةً للجريمة والفاحشة والظلم والفجور.
فلنجعل لشئون الأسرة العربية والعلاقات داخل الأسرة الواحدة حظاً كبيراً من اهتمامنا وتوجيهنا وتثقيفنا , لعلنا نتدارك شيئا من هيبة هذا المجتمع , قبل ضياع كل شي , وفساد بقية ما تبقى من مكوِّنات هذا المجتمع.

5. مخططات الأعداء واذرع المنافقين والمجرمين المساندة لهم

إضافة إلى ما أسلفنا , فان مجتمعنا العربي والفلسطيني معرّضان لهجمات شرسة من جهات خارجية معادية , وفي جبهات مختلفة يصعب رصدها وتعقبها من اجل اتقائها وتجنب إخطارها . وغالبا ما يُّلاقي هؤلاء الأعداء والمتربصون أعواناً لهم من بني جلدتنا يروِّجون لسياساتهم وأهدافهم ويسهلون عليهم مهمتهم . ومن بين هؤلاء :
أ‌- وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات ومواقع الانترنت التي تبث الفساد والتسيُّب والرذيلة . ب- دعاة التجنيد الباطل وخيانة الشعب والأمة والتجُّسس عليها وإفساد شبابها . ج- دعاة فساد الشّباب والفتيات وتعريضهم للفتن والانحراف الأخلاقي . د- أجهزة الدولة بأذرعها المختلفة التي تُلاحق الشرفاء وتهدم البيوت وتصادر الأراضي , وتهدد مستقبل الأجيال وثباتهم في وطنهم . وغيرها الكثير الكثير .

إذا عُرف السبب ذهب العجب
إذا عُرف السبب ذهب العجب  تكاد تكون الأسباب لجميع الظواهر التي أسلفنا , ووقوع الكثير في براثنها هي أسباب موحَّدة . ومن خلال معرفتها يتحدّد العلاج عن الخطط التفصيلية , والجهود المتكاثفة والبرامج الواقعية الملموسة والجادة لمحاربة جميع الظواهر .
أعظم أسباب الوقوع في هذه النكبات هو الجهل والجاهلية ، بعدٌ عن الله وعن دينه , وجهل بطبيعة هذا العصر وتعقيداته . والذي لا يعرف الله تعالى ولا يحلّ الحلال ويحرِّم الحرام فلا تستغرب منه عنفاً أو قتلاً أو ظُلماً أو فساداً أو خيانةً . فمهمتنا إذاً تبدأ بالتوعية الدينية والتثقيف الوطني والسّياسي ، والعلم الجامعي والتخصّص المهني . يجب أن نزرع في أبنائنا الهمَّة والعزيمة الذَين يؤهلانهم ليكونوا منتجين ، معطائين ، ايجابيين ، جادّين وأصحاب مسئولية .
وريثما يتحقّق ذلك فلا بُدّ من برامج ومخططات مدروسة ومنظّمة لمعالجة القضايا المطروحة , ومحاولة الحدّ من الظواهر المتفاقمة وحصر خطرها , ومعالجة أثرها ونحن الدعاة ولا شك جزءٌ لا يتجزأ من كادر المصلحين المرتقبين , نضع أيدينا بأيدي جميع الشرفاء وأصحاب الهمم والمخلصين في خدمة هذا الشعب الذي أنهكته هذه الخطوب وتكاد تزلزل أركانه وتدمر بنيانه .
 

مقالات متعلقة