الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 14:02

الشيخ حماد أبو دعابس يكتب: انتهى عقد المآسي ونتوقع عقد المخاض العسير

كل العرب
نُشر: 30/12/10 22:46,  حُتلن: 13:44

الشيخ حماد أبو دعابس:

الأحداث الدّامية والمآسي الرهيبة أدَّت إلى تسرُّب مشاعر اليأس والإحباط إلى نفوس الملايين من العرب والمسلمين

الذي يُقدِّر الأمور حسب موازين القوى الراهنة بين المسلمين ودول الغرب، سيصل إلى نتيجة مفادها أن المسلمين لن ينتصروا على الغرب ولو بعد مئات السنين

العديد من الملفات الساخنة التي ما تزال مفتوحة في صراعات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ، تجعل المنطقة مرشّحة للمزيد من التوترات والصراعات بل الحروب الطاحنة

السنوات العشر الأولى من القرن الحادي والعشرين,وهي العقد الأول في الألفية الثالثة للميلاد , كانت سنوات عصيبة , شهدت مآسي كبرى في العالم الإسلامي . وما يزال المستقبل القريب مرشحاً للمزيد من الأحداث الدامية ألأليمة , ولكن رجاءَنا الكبير في الله ، وقراءتنا لسنين الله تعالى في الكون تجعلنا نستبشر بانَّ بعد هذا الليل المدلهمّ والظلام الدامس,سينبلج صبح الفرج والعزّة والتمكين لهذه آلامة، التي أُبتعثت لتحيا ولن تفنى.ولتعود بإذن الله تعالى عزيزةً كريمةً, مهابة الجانب مجتمعة الكلمة.

أحداث الحادي عشر من سبتمبر
وإذا استعرضنا أعظم المآسي التي شهدها العقد الأخير , أو العشرية الأولى من هذا القرن, فإننا لا بد أن نُسجّل أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001علامه فارقه في تاريخ الصراع بين الشرق الإسلامي والغرب الأمريكي الأوروبي (والإسرائيلي).
إذ اعتبرتها أمريكا ذريعةً للانقضاض على العالم الإسلامي دولةً إثر دوله.ثم تحريض الأذرع الأمنية والإستخباراتية الأمريكية للإجهاز على بقية العالم الإسلامي . فماذا كانت نتيجة كل ذلك. في العقد الماضي:
1- تدمير واحتلال أفغانستان . 2- تدمير واحتلال العراق . 3- تدمير شديد في غزة. 4- تدمير شديد في لبنان إضافةً إلى فتن تُهدِّد وحدته واستقلاله . 5- تدمير وتمزيق الصومال . 6- فتن تُهدِّد وحدة وكيان اليمن . 7- تهديد بتقسيم السودان . 8- فتن واقتتال داخلي في الباكستان . 9- تهديد بهجوم نووي مدمِّر على إيران . 10- مزيد من الإذلال وفرض التبعية على الدول العربيّة. 11- ملاحقة مئات المنظمات والجمعيات والمؤسسات الإسلامية بحجة مكافحة الإرهاب. 12- كبت الحريات , ومصادرة إرادة الشعوب , تزييف صناديق الاقتراع وتوريث الحكم في عدة جمهوريات عربية (وإسلامية). هذه الأحداث الدّامية, والمآسي الرهيبة أدَّت إلى تسرُّب مشاعر اليأس والإحباط إلى نفوس الملايين من العرب والمسلمين.حتى ظنّ الكثير منهم أنه لا يبدو في الأفق أي أمل في أن يصطلح الحال ويتغيّر إلى الأفضل ، حتى في غضون عشرات السنوات المقبلة.

قراءه واستكشاف لما يحمله العقد القادم بإذن الله تعالى
إن العديد من الملفات الساخنة التي ما تزال مفتوحة في صراعات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ، تجعل المنطقة مرشّحة للمزيد من التوترات والصراعات بل الحروب الطاحنة التي تحرق الأخضر واليابس . فالقلق الإسرائيلي والأمريكي مما يُنسب إلى حركتي حماس وحزب الله بتعاظم قوتهما العسكرية ، يجعل شبح الحرب على غزة وعلى لبنان ماثلاً للعيان .وإذا أضيف إليهما الطريق المسدود في عملية التسوية السلمية ، والملف النووي الإيراني فان احتمالات الحرب الشاملة تبدو واقعيّة لا مناص منها . إنها الحرب التي يخشاها الجميع ، ويحذّر منها كل العقلاء ، إلا إسرائيل فإنها تجعلها خيارا مفتوحاً تتربّص له الفرصة المواتية والظرف الأنسب توقيتاً وكيفيةً . فإسرائيل تسعى جاهدة لجرّ أمريكا إلى أتون الحرب من جديد ، وتحرّض باستمرار لضرب إيران ضربة قاضية ، تدمر كل ترسانتها العسكرية ، وتحول دون طموحها المندفع نحو الحصول على القنبلة النووية .

حرب شاملة تضم إسرائيل وأمريكا
إن نشوب حرب شاملة تضم إسرائيل وأمريكا ضد إيران وحزب الله في آن واحد قد تتحول إلى حرب نووية عالمية ، تدمّر معظم دول المنطقة وتقضي على الملايين . ولن ينجو من حريقها لا إيران ولا إسرائيل ولا أي دولة بينهما وحولهما ، وقد تتحوّل إلى حرب عالمية تتدخّل فيها أطراف عديدة ، وخاصة إذا ازدادت سخونة الجبهة الكوريّة ، وغيرها من الصراعات الإقليمية .

حرب ضخمة ضد إيران
أما بخصوص التوقيت المرتقب لهذه السيناريوهات المرعبة ، فانني اعتقد بانّ إسرائيل بالذات قد اتخذت قرار الحرب منذ عام 2006 . ولكنهم كما وصفهم الله تعالى : " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، ويسعون في الأرض فساداً ، والله لا يحبّ المفسدين " . إذ أن الظروف لم تسعفهم واضطروا مراراً لترحيل قرار الحرب إلى إشعار آخر . ففشل إسرائيل في حرب لبنان الثانية عام 2006، أحبط مخطط ترهيب إيران تمهيداً لضربها .ثم قضايا الفساد التي تورط فيها اولمرت عام 2007 ، جعلته غير مؤهل لتجنيد الرأي العام لحرب ضخمة ضد إيران . ثم الانتخابات الأمريكية عام 2008 وتورّط أمريكا في العراق وأفغانستان لم تخدم قرار الحرب الإسرائيلي .وكان وصول الرجل الأسود اوباما إلى البيت الأبيض وخطابه المغازل للمسلمين في عامه الأول, واستمرار تورط أمريكا في العراق وأفغانستان, مسببات لتأجيل الحرب سنتين منذ تسلُّم اوباما، ريثما يتم تطبيع الآخر، أو تهجينه حسب المقاييس الإسرائيلية والصهيونية، وريثما يتم التجهيز لانسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان ولو بشكل جزئي يخدم قرار الحرب .اليوم يبدو أن جميع هذه الظروف في صيف عام 2011 ،واعتقد أن إسرائيل لن تسعى لتأجيل ذلك إلى عام 2012عام الانتخابات الأمريكية والإسرائيلية.

للتاريخ الإسلامي
وفي استعراضنا للتاريخ الإسلامي منذ انطلاقته ، نجد أن الله عز وجل هيّأ للمسلمين ظروفاً غير اعتيادية،خالفت المتوقع في سرعة حصولها ووتيرة أحداثها.فالمسلمون الذين فتحوا مكة المكرمة بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم عام 8 للهجرة ،لتبدأ مسيرة الفتح الإسلامي الكبير حققوا خلال اقل من عشر سنوات ما يصعب تصوره وفق الموازين العسكرية العادية . إذ فتحوا كل البلاد التي كانت تسيطر عليها إمبراطوريتا فارس والروم والتي بلغت أذربيجان شمالاً إلى المحيط الهندي جنوباً ،ومن حدود الصين شرقاً إلى شمال أفريقيا غرباً . وكذلك الأمر، فإنني أتوقع في العقد القادم أحداثاً عظيمة يُحدثها الله عز وجل بعد الحروب الدموية الرهيبة تهيئ للخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة والتي تعمّ الأرض جميعاً. إنّه إذاً المخاض العسير الذي يسبق ولادة دولة الإسلام للعالمية .مخاض مشوب بالحروب الطاحنة ،والتي ستحرق فعلاً الأخضر واليابس ،وستنال كل شعوب الأرض.
ولا يظن المسلمون بان الله تعالى سيدمِّر عدوهم ويخرجون هم بسلام امنين . بل سيدفع المتخاذلون من العرب والمسلمين الثمن الباهظ جزاء تقاعسهم عن حماية دينهم ومقدساتهم ، وجزاء تعاونهم مع أعدائهم ضد بني دينهم وجلدتهم .

موازين القوى
إن الذي يُقدِّر الأمور حسب موازين القوى الراهنة بين المسلمين ودول الغرب ، سيصل إلى نتيجة مفادها أن المسلمين لن ينتصروا على الغرب ولو بعد مئات السنين . ولكن الذي يقرأ بشارات الله تعالى في كتابه المجيد ، وبشارات النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المُطهّرة ، يدرك بان الأمر سيُحدثه الله تعالى ، وسيُجري قدره ولو كره الكافرون ، وسيأتيهم من حيث لا يحتسبون . وأنّ طواغيت الأرض من مشاربهم المختلفة قد استوجبوا غضب الله تعالى ، وان مصيرهم المحتوم قد أزف ، وأنهم لن يضروا الله شيئا . وهو القائل سبحانه : " ونريد أن نَمُنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ، ونمكِّن لهم في الأرض ........" .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . 
 

مقالات متعلقة