الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 20:02

د.احمد الطيبي يكتب:مأساة حل الدولتين

كل العرب-الناصرة
نُشر: 30/12/10 10:47,  حُتلن: 13:00

في مقال هام لصحيفة " واشنطن تايمز" : د. احمد الطيبي يحث الإدارة الأمريكية على ضمان حقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل

د.احمد الطيبي:

القادة الامريكيين والفلسطينيين قد شاهدوا هذه اللعبة في الماضي من قبل نتنياهو

حل الدولتين هو الحل الأمثل المُقترح من قبل المجتمع الدولي لإنهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني

هذه الحكومة التي تم انتخابها ديمقراطياً من قبل نصف السكان ، ويقودها سياسيون العديد منهم مهاجرون وصلوا الى هنا فقط لكونهم يهوداً، هذه الحكومة لا تمثّل شريحة كبيرة في الدولة

نشرت صحيفة " واشنطن تايمز " مقالة هامة و مطولة للدكتور أحمد الطيبي تطرق فيها الى وضعية الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل ، والى تعثّر العملية السلمية، لاقت ردود فعل واسعة محلياً ودولياً واعتبرها البعض مؤشراً هاماً لما يمكن ان تؤول إليه الأحداث في المنطقة. وفيما يلي نص المقال :

المستوطنات غير الشرعية
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يعبث مع الرئيس الامريكي براك اوباما، حيث يصرّح بأنه معني بالسلام بينما يبذل ما بوسعه لإحباط التوصل الى حل عادل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي. هذه ليست الطريقة للتعامل مع حليف رئيسي، فبعد ما يقارب عامين على إشغاله لمنصبه ، نتنياهو يطوّق الرئيس اوباما بدوائر، ويطوّق القدس بالمزيد من المستوطنات غير الشرعية.
يكاد يفقد الفلسطينيون بسرعة الأمل بإقامة دولة مستقلة قابلة للحياة، في ظل مطالبات نتنياهو التي من المستحيل ان تقبل بها القيادة الفلسطينية. ورئيس الوزراء الاسرائيلي جاهز دائماً لطرح مطلب آخر – مثل المطلب المتناقض بأن تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل كدولة يهودية. في هذه الأثناء يستغل التأخير لبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، متجاهلاً المخاوف الدولية، خارطة الطريق من عام 2003، والطلب الواهن من حليفه الأمريكي.
إلا أن القادة الامريكيين والفلسطينيين قد شاهدوا هذه اللعبة في الماضي من قبل نتنياهو. هذه المرة يجب إيقافه عند حده على تصرفاته المستهجنة. بدلاً من ذلك، يبدو ان الولايات المتحدة جاهزة لإرتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبها الرئيس السابق كلينتون مع دنيس روس، حيث يلعب روس نفس الدور المركزي كمحامي الدفاع عن إسرائيل – والفلسطينيون في المناطق المحتلة يخشون من انهم إن لم يشاركوا في هذه التمثيلية فإنه سيُلقى اللوم عليهم بشكل غير عادل بأنهم هم الذين يدمرون المفاوضات ( يسيرون الى لا – مكان ) .

قبول دولة فلسطينية
ولكن الوقت لا يلعب الى جانب إسرائيل. ان حل الدولتين هو الحل الأمثل المُقترح من قبل المجتمع الدولي لإنهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.ولكن مع مرور كل يوم من الاحتلال وتوسيع النشاط الاستيطاني على الأرض التي من المفروض ان تكون دولة فلسطين، يصعب تنفيذ رؤيا حل الدولتين. بدلاً من ذلك تعلو امكانية أخرى : دولة واحدة تسير على المبدأ الديمقراطي الذي يشمل " صوت انتخابي واحد لكل شخص واحد " لجميع المواطنين بين النهر والبحر – نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط . يجب على اسرائيل ان تختار ما بين إنهاء الاحتلال وقبول دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي التي احتلتها عام 1967، او مواجهة تحرك يؤيد وجود دولة واحدة ديمقراطية للجميع.
اعترفت وزيرة الخارجية هيليري كلينتون ضمناً بإمكانية بزوغ احتمال الدولة الواحدة كما يُستدل مما قالته في مستهل هذا الشهر في معهد بروكينغز : " ان الأوضاع طويلة الأمد التي تنتج عن الاحتلال تعرّض للخطر الرؤيا الصهيونية بإقامة دولة يهودية ديمقراطية في أرض الميعاد للشعب اليهودي. لا ينبغي على اسرائيل ان تصل إلى وجوب الاختيار بين العنصرين في هذا الحلم – اليهودية أم الديمقراطية. ولكن هذا اليوم أصبح يقترب ".
هذا اليوم يقترب بالطبع، وسوف تضطر اسرائيل للإختيار بين تحديد أراضيها وبين الفصل العنصري. لكن الأمر أكثر صعوبة مما اقترحته السيدة كلينتون لأننا نحن ، المواطنون الفلسطينيون في دولة إسرائيل – نعيش في وطننا التاريخي – لن نرضى بدولة يهودية تنتقص حقوقنا. دولة ديمقراطية ، نعم، أما دولة يهودية فهي بتعريفها تمييز عنصري ، لا نقبل.

القرارات التي ستحسم مصيرهم
هذه الحكومة التي تم انتخابها ديمقراطياً من قبل نصف السكان ، ويقودها سياسيون العديد منهم مهاجرون وصلوا الى هنا فقط لكونهم يهوداً، هذه الحكومة لا تمثّل شريحة كبيرة في الدولة. العشرون بالمئة من المواطنين الاسرائيليين الذين هم فلسطينيون يواجهون نزعاً متزايداً لشرعيتهم، بينما ملايين الفلسطينيين الذين يقيمون تحت الاحتلال الاسرائيلي يعيشون بدون حقوق متساوية، بدون مواطنة وبدون القدرة على اختيار اولئك الذين سيتخذون القرارات التي ستحسم مصيرهم.
آن الأوان للفلسطينيين والاسرائيليين على حد سواء لتغيير الاتجاه والتوقف عن التركيز على " عملية سلمية " ممتدة ، محتضرة وغير مُسمّاة عمرها 19 عاماً، بينما اسرائيل تستعمر أرض الدولة الأخرى بلا هوادة. دعم المبادئ الأساسية مثل الحقوق المدنية، المساواة والتسامح لجميع الأديان هي المفاتيح للتقدم، وليس هدية هائلة من أمريكا تكافؤها على عقود من خرق القانون.
ما دامت اسرائيل تعزز قوانين تقوي العزل – وبوتيرة قياسية تحت رئاسة الحكومة الائتلافية لنتنياهو - يجب ان يكون واضحاً للمفاوض الأمريكي بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي ليس جاداً فيما يتعلق بالسلام.
بدلاً من ذلك، يجب على القيادات الأمريكية ان تمارس ضغطاً منسقاً على اسرائيل لتبنّي المساواة وأن تكون مستعدة لإستدعاء ومحاسبة القادة السياسيين الاسرائيليين الذين يعرقلون القِيَم من هذا القبيل.
هذا المسار الجديد الى الأمام من شأنه ان يبعد الحوار عن حلول المفاوضات التي لا تنجز أي شيء، ويركّز على إعادة تشكيل المجتمع المدني – التغيير الثوري لإضفاء الشرعية على المساواة والحقوق المدنية. غيّرت ثورات اللاعنف جنوب امريكا وانهت التمييز العنصري في جنوب افريقيا ، وتستطيع ان تفعل ذات الشيء مع الاسرائيليين والفلسطينيين.

دولة يهودية
الإصلاح في المجتمع المدني – او ثورة فعلية في مكانة وحقوق الفلسطينيين – يعني نهاية إفلات الجنود الاسرائيليين من العقاب، أولئك الذين يستخدمون أطفالاً فلسطينيين كدروع بشرية لأنهم يرونهم مخلوقات اقل منهم درجة، يعني أيضاً معاقبة أصحاب بيوت والحاخامات الذين يدفعونهم الى التمييز العنصري ورفض تأجير منازلهم لفلسطينيين، وإنهاء ممارسات رفض منح تراخيص بناء للفلسطينيين بينما زيادتها لليهود. بإختصار، نحن نطالب بالمساواة. يجب ان يتم تعريف اسرائيل كدولة جميع قومياتها بدلاً من " دولة يهودية ".
تستطيع إدارة أوباما أن تساعد بتغيير دورها ممن يمكّن ويموّل العزل والتهميش داخل حدود 1948 والتمييز العنصري في الأراضي المحتلة عام 1967، إلى دور مَن يساعد ويقوّي المجتمع المدني من خلال دعم مجتمع غير عنصري يرتكز على المساواة والحرية. إن لم يحدث ذلك، فإن وضعنا يمكن ان يتغيّر اذا انتاب حكومات اوروبا فجأة القلق تجاه الأقلية الفلسطينية في اسرائيل وصممت على الحقوق الاساسية للفلسطينيين الذين تعرضوا للقمع على مدى عقود من قبل اسرائيل.
إن الجهود تنتقل نحو هذا الاتجاه مع بداية مساءلة المجتمع الدولي لإسرائيل حول سياسة العزل والتفرقة العنصرية. الخدمات الداعمة للأعمال ( المقاطعة، سحب الاستثمارات والعقوبات ) تكتسب زخماً كل يوم، مع الإعتراف بأن " العملية السلمية " استبدلتها سياسة التمييز العنصري من قبل حكومة إسرائيل، العازمة على المزيد من التوسع في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

الاستثمارات الأساسية
فقط اذا منحت اسرائيل المساواة في الحقوق والحرية لجميع مواطنيها وجميع الذين يعيشون تحت حكمها، سيجد الاسرائيليون الأمن، السلام والقوة التي ينشدونها. عندما تستثمر اسرائيل في جميع الناس – بدلاً من توسيع المزيد من البناء في المستوطنات والمزيد من التسلّح – فإنها ستكون في الطريق الصحيح نحو الأمام، بدلاً من الطريق الخطرة الحالية التي تغفل عن الاستثمارات الأساسية مثل مقاومة الحرائق وبالتالي تعرض حياة اليهود والفلسطينيين للخطر على حد سواء.
يجب على السيد أوباما والسيدة كلينتون أن يخطوا على هذه الطريق من المساواة والحرية، طريق حققت الأهداف بالنسبة للولايات المتحدة وجنوب افريقيا، بدلاً من استثمار المزيد من الساعات غير المجدية في محاولة لحماية دولة متعالية ما زالت مصرّة على ضمان حقوق متميزة لليهود وحقوق متدنية للفلسطينيين.

مقالات متعلقة