ال حياة الزوجية قائمة على التضحية وليس الاستئثار بأكبر قدر من المكاسب
هل يستطيع الطائر من دون جناحين أن يحلق؟ طبعاً لا... وكذلك الزوجين من دون موازنة العقل والعاطفة لا يستطيعان أن يكملا حياتهما
ابتعاد عن البيت لأيام، النوم في غرفة منفصلة، السفر بمفرده في الصيف... كلها بوادر انفصال عاطفي عن الزوجة، يترجمه الرجل ضمن مأساة حقيقية
هجر الزوجات ليس ظاهرة جديدة في مجتمعنا، لكن تزايد نسبة المعلّقات غير المطلقات يملي علينا تسليط ضوء أكيد على الظروف والأسباب الحقيقية التي تقف وراءها
يقال أن الزواج هو الذي يصنع الحب الحقيقي، وشواذ القاعدة أن يصنع الحب الزواج... فكم من قصة حب انتهت بزواج وانتهى معها الحب على أبواب المحاكم، وكم من قصة حب بدأت بعد زواج بُني على أساس ارتباط واتفاق وتفاهم واحترام، فدام الزواج واستمر وأضيف اليه قصة حب أبدية. تتنوّع الطلاقات بتنوّع العلاقات، فهناك طلاق عن اتفاق، لكن من دون حب... هناك طلاق عن كره وانتقام وهو الأكثر شيوعًا، وهناك طلاق عاطفي تحت سقف واحد، وما أكثره... لكن، هل يستطيع الطائر من دون جناحين أن يحلق؟ طبعاً لا... وكذلك الزوجين من دون موازنة العقل والعاطفة لا يستطيعان أن يكملا حياتهما . هجر الزوجات ليس ظاهرة جديدة في مجتمعنا، لكن تزايد نسبة المعلّقات غير المطلقات يملي علينا تسليط ضوء أكيد على الظروف والأسباب الحقيقية التي تقف وراءها، مما يزيد الحاجة إلى دراسة هذه الظاهرة... فما هي الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة وكيف تلبي النساء المعلقات متطلبات الحياة لهن ولأبنائهن؟
صورة توضيحية
طريق مسدود
حينما تزداد الخلافات بين الزوجين وتصل إلى طريق مسدود ويشعر الطرفان بأن هناك حاجزا نفسياً تصعب إزالته، تبدأ مرحلة "الطلاق النفسي" الذي يتحوّل تدريجاً إلى بغض ثم هجر المضاجع، ولايكتفي الطرفان بهذا البعد، بل يتجاوز أحيانا كل الحدود المألوفة ويبتعدان عن بعضهما بعداً جغرافياً، مما يزيد المشكلة، وكأنها مرض مزمن وطويل، أو تصفية حسابات، يتمنى الزوجان عبرها الطلاق الشرعي على خطورته، إذ برأيهما يبقى أسهل من الطلاق العاطفي، بما أن حياتهما على هذا النحو ميتة وهي عرفاً على قيد الحياة.
سكت "شهريار" فهجرت "شهرزاد" غرفة النوم
عليا وقبل أن تتزوج، كانت تعتقد أن علاقتها بحبيبها وخطيبها ستكون مرجعاً عاطفياً ومثالياً لكل الزيجات، التي كانت كثيراً ما تسمع فيها شكاوى الزوجات وتذمرهن من أزواجهن، تقول: "كل الأدلة في فترة الخطوبة كانت تشير إلى أن خطيبي رجل رومنسي، من تقديمه للهدايا وإغراقي بكلمات الحب... لكن كانت الصدمة بمجرد زواجنا، والتي سكت معها "شهريار" عن كلام الحب والغرام، فوجدت نفسي أتكلم عن محنتي مثلي مثل الزوجات التي كنت أعتبرهن سبب فشل زواجهن وأنني سأكون مثلهن الأعلى في هذه المؤسسة. أما بقائي لغاية اليوم مع زوجي من دون أي علاقة عاطفية بزوجي هومن أجل أبنائي فقط، ولقد عقدت اتفاقية معه أن يمارس كل منا حياته بحرية مستقلاً عن الآخر،بحيث يكون الأبناء هم همزة الوصل الوحيدة بيننا، وبموجب ذلك يكون له مطلق الحرية في أن يفعل ما يشاء، وهو ما أدى شيئاً فشيئاً إلى انقطاع حبال الودّ بيننا ووجود حواجز نفسية كبيرة كانت السبب في هجري غرفة النوم وانفصالي عنه بغرفة خاصة، بل أصبح لي اهتماماتي المستقلة وحياتي الخاصة.
بداية النهاية
ابتعاد عن البيت لأيام، النوم في غرفة منفصلة، السفر بمفرده في الصيف... كلها بوادر انفصال عاطفي عن الزوجة، يترجمه الرجل ضمن مأساة حقيقية، مأساة قد تؤدي بالطلاق العاطفي الى أن يصبح طلاقاً جدّياً. كثيرون يفضلون العيش تحت سقف واحد وهم غرباء عن بعضهم، مفضّلين الشكل الإجتماعي الزائف، فهل الهجر فى هذه الحالة أفضل من الطلاق الذى هو أبغض
الحلال عند الله؟
تفضيل التعلق على الطلاق
حكايات مأساوية لسيدات معلقات غير مطلقات نوردها خلال هذا التحقيق، تؤكد الأضرار التي تلحق بهن من خلال حديثهن، إذ تروي "جاكي" التي هجرها زوجها عاطفياً وجنسياً وتركها وحيدة :"محكوم على المرأة أن تتحمل وتصبر على تعنت وعناد الزوج وأن تتغاضى عن سعيه الدائم لتحقيق متعته الخاصة وهي تفضل التعلق على الطلاق لأن المطلقة تحاط بنظرة غير جيدة في عرف المجتمع وتتحمل تبعات فشل الزواج حتى لو كان زوجها جاحداً بلا أخلاق".
لا أنا مطلقة ولا أنا متزوجة
أما "سعاد " فتقول: "بدون أي سبب هجر زوجي مخدعنا الزوجي ولم يطلقني بل تركني هكذا.. أعيش الآن حالة نفسية صعبة، فلا أنا مطلقة ولا أنا متزوجة ولا أعيش حياة ثابتة، وإن كان لا يرغب في الحياة معي فعليه أن يطلقني ويتركني أواجه مصيري . هذه الحالة التي أعيش فيها الآن هي حالة غريبة، وأعتبر أن الطلاق أهون لي وأعز لي من هذه الحياة الغريبة التي أعيشها.
المشاعر الكاذبة
يسرد حنا قصته قائلاً: عندما قبلت الزواج بها كان من أجل إرضاء والدي وعمي، وكنت أحاول أن أقنع نفسي بهذا الزواج، إلا أنني لم أستطع لأنها هي الأخرى كانت تحمل لي المشاعر نفسها التي أحملها لها، فكلانا لم يستطع تحمل المشاعر الكاذبة التي كنا نظهرها أمام الأهل، فقررنا الانفصال وبقينا في بيت واحد.
الزواج لا يقوم بالفطرة بل بالمفاهيم الصحيحة وأهمها:
- لابد أن يستوعب الطرفان طبيعة الاختلاف بين الرجل والمرأة لكي تقوم أدوارهما في الأسرة بناءً على هذا الاختلاف، ومحاولة المساواة بينهما في الطبيعة البيولوجية والنفسية ثم المساواة في الأدوار لن يعود على الأسرة بالنفع.
- الحياة الزوجية قائمة على التضحية وليس الاستئثار بأكبر قدر من المكاسب كلٌ الى نفسه، أو تتحول العلاقة من " أسرة متحابة " إلى شركة متنافسة " .
- لا يعرف الطرف الآخر عنك إلا ما تفصح به ، فأفصح عن حبك لزوجتك بالكلمة أو الهدية أو السلوك .
- قد تحب أنت ما لا تحبه زوجتك، فلا تفرض عليها محبوباتك، وإنما ابحث عن محبوباتها وامنحها إياها، لكي تمنحك هي ما تحب.
- أنت كيان مستقل وزوجتك كذلك ، ولا يمكن أن تكونا كياناً واحداً مهما فعلت .. فليحافظ كلٌ منكما على استقلال شخصية الطرف الآخر ، وليعرف حدوده إزاءه.
- لا يحب أحد أن تعيّره بعيوبه، والجميع يحب أن تذكر محاسنه، فاجعل ذكر المحاسن بوابة للدخول بلطف إلى العيوب، وتناول عيوبها مع إشعارها بمحبتك لها.