الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 08:01

منى أبو شحادة تكتب: بين ثوب العذراء مريم وأغاني فيروز ... وأعلام اسرائيل

كل العرب
نُشر: 07/09/10 14:15,  حُتلن: 14:21

منى أبو شحادة في مقالها: 

وداعاً سفيرتنا إلى النجوم وأهلاً بزمن أغاني جارتنا أم العبد

 بدأت أفكر جدياً بالعلاقة الطردية بين صوت فيروز والسلام العالمي

كم هي جميلة براءة الأطفال وهم يمسكون العلم بقوة خوفاً من أن ينزلق من يدهم الصغيرة

لماذا يجب دائما أن يأتي هذا السلام على حساب المجتمع العربي الذي أصبح كل فرد فيه يغني على ليلاه التائهة

هل كانت تعلم تلك المعلمات ماذا يعني هذا العلم الأزرق والأبيض؟ بالتأكيد لم يعتقدن بأنه رمز الطهارة الذي أعلنه الفاتيكان رداءاً للعذراء مريم

هل سيتذكر الأطفال تلك الزيارة لساعر بفرح عندما يكبرون ويقلبون صور ذكرياتهم الفوتغرافية، أم أنهم سيربوا أطفالهم على أغاني السلام عليكم وعيد استقلال اسرائيل

" يا صوتي ضلك طاير زوبع بهالضماير ... بلكي بيوعا الضمير"، كم هي جميلة تلك الاغنية التي أنشدتها السيدة فيروز قبل أن يخمد صوتها المشتعل كرامة للمال والميراث، اليوم بدأت أفكر جدياً بالعلاقة الطردية بين صوت فيروز والسلام العالمي، فمنذ بدء ملاحقات فيروز القانونية من قبل أبناء منصور الرحباني منذ 2007 ومنعها من الغناء أقفلت أبواب السلام المنشدة وحلت مكانها أبواب عديدة لم نعهدها من قبل.

بعيد استقلال بلادي غرد الطير الشادي
فإلى اليوم ما زلت أذكر تلك الأيام التي كانت تجلسنا فيها الخالة أم العبد، التي تسكن بجوارنا في السوق القديم في الناصرة، على حجرها وتنشد لنا " بعيد استقلال بلادي غرد الطير الشادي"، وتعلو شفتيها ابتسامة خجولة وجهها الأبيض، معتقدين نحن الأطفال أنها ابتسامة حنين للماضي أو فرحة بهذه الأغنية القديمة، التي تعلمتها في المدرسة حين كان الطلاب جميعهم مجبورون على التلويح بأعلام إسرائيل دون أن يعوا أنها لا تخصهم.

التلويح بالأعلام الزرقاء والبيضاء
استعدت هذه الذكريات وأنا أحدق بصور الأطفال في مدارس إحدى القرى العربية، خلال زيارة وزير التربية والتعليم جدعون ساعر، وهم يلوحون فرحين بالأعلام الزرقاء والبيضاء، ومعلماتهم تنظر تارة للأطفال وأخرى للوزير وهم يشعرون بالفخر لأنهن استطعن تدريب الأطفال على حفظ أغنية " السلام عليكم – שלום עליכם"، أدرك تماما أنني لطالما أحببت تلك الأغنية التي كنت اغرق كلماتها بأحلام السلام والتعايش المنشودين، لكن ثلج الأحلام ذابت مع الأيام وكشفت ارض الواقع ان سلام لهم يعني الدمار علينا، فلماذا دائماً يجب أن يأتي هذا السلام على حساب المجتمع العربي الذي أصبح كل فرد فيه يغني على ليلاه التائهة، ويبحث عن مصالحه الشخصية في عباءة الانتماء للدولة، عله يجد فيها وظيفة حكومية تؤمن له حياة كريمة أو منصب رفيع يتباهى به أمام عائلته وأهالي بلدته، الذي سيصلون إليه راجين منه أن يلبي مطالبهم.

رداء العذراء مريم
هل كانت تعلم تلك المعلمات ماذا يعني هذا العلم الأزرق والأبيض؟ بالتأكيد لم يعتقدن بأنه رمز الطهارة الذي أعلنه الفاتيكان رداءاً للعذراء مريم، بل هو النقيض لتلك البراءة والسلام التي دعت إليهن العذراء بولادة مخلص البشرية، فهذا العلم هو علم لمحي الهوية العربية لمنطقة الشرق الأخضر من النهر إلى البحر، وعند ضفاف النهر وشاطئ البحر تبدأ حكاية العرب الغرقى وهم يستنشدون السلام.

استغلال الأطفال في قريتنا الصغيرة
كم هي جميلة براءة الأطفال وهم يمسكون العلم بقوة خوفاً من أن ينزلق من يدهم الصغيرة ولا يهمهم سوى كسب استحسان معلمتهم على إجادتهم للأغنية، ولكن هل ستقوم الدنيا هذه المرة في الأمم المتحدة على استغلال الأطفال في قريتنا الصغيرة؟ أم سيعتبر الأمر انتماء للوطن وتربية الأطفال على القيم المطلوبة؟ ام أن هؤلاء الأطفال سيأخذون حقهم من طريقة الاستغلال للطفولة.

ألحان الرحابنة وسكوت فيروز
سؤال جال في ذهني كثيراً بعد أن شاهدت تلك الصور، هل سيتذكر الأطفال تلك الزيارة لساعر بفرح عندما يكبرون ويقلبون صور ذكرياتهم الفوتغرافية، أم أنهم سيربوا أطفالهم على أغاني "السلام عليكم وعيد استقلال اسرائيل" كما ربتنا أم العبد؟ أم أنهم سيعملون على ترجمة أغاني السيدة فيروز للعبرية وغنائها راقصين على ألحان الرحابنة التي كتبت نهاية أسطورتهم بسكوت فيروز عن المطالبة بالحرية والخروج لها، فوداعاً سفيرتنا إلى النجوم وأهلاً بزمن أغاني جارتنا أم العبد. 

مقالات متعلقة