الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 13:01

قراءة في كتاب "مقاومة الاعتقال" الإصدار الجديد للحركة الوطنية الاسيرة-عكرمة ثابت

كل العرب
نُشر: 07/07/10 10:51,  حُتلن: 14:36

- عكرمة ثابت:

* مثّل كتاب " مقاومة الاعتقال " محاولة جادة لازالة العثرات والشوائب من عروق الشعب الفلسطيني التي اكتنفت مسيرته في السنوات الاخيرة

* يأتي كتاب " مقاومة الاعتقال " في مرحلة جامدة سياسيا وثقافيا ومشلولة تنظيميا ونضاليا انصهرت فيها مفاهيم المقاومة لخدمة الاجندات الذاتية

على الرغم من قلة الإمكانيات المتوفرة لديهم ومن استمرار سياسات الحرمان من ابسط حقوقهم الانسانية التي اقرتها المواثيق والقواعد الدولية ، إستطاع الاسرى الفلسطينيون والعرب وعلى مر سنوات طويلة ومريرة خلف اسوار الاعتقال في السجون والمعتقلات الاسرائيلية ان يحّولوا تلك السجون الى مدارس وجامعات خرجّت ولا زالت الالاف من الكوادر والقيادات الوطنية والسياسية ، كما ساهم الاسرى - بوعيهم المتقدم وارادتهم الصلبة واخلاقهم الانسانية العالية - في تحقيق انتصارات ثقافية وسياسية وامنية ترسخّت في ذاكرة الاعداء قبل الأصدقاء .

صراع الأسرى مع الجلادين
وفي خضم معركة الصراع التي يخوضها الاسرى مع جلاديهم ، وفي مواجهة اساليب الاذلال والتركيع والتجويع والتجهيل التي تنتهجها ادارات السجون ضدهم ، أطلق ثالوث الوحدة– مروان البرغوثي وعبدالناصرعيسى وعاهد ابو غلمة - مشروعهم الثقافي التعبوي في مقاومة الاعتقال من خلال ما خطته اقلامهم المبدعة وافكارهم الوطنية الحريصة على صفحات الفصول السبعة في كتابهم الجديد " مقاومة الاعتقال " ، والذي يأتي إصدار الطبعة الاولى منه في مرحلة حساسة وخطيرة ليس فقط على الحركة الاسيرة فحسب ، بل على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية ولعل اكثر ما يميز هذه المرحلة بالنسبة للاسيرات والاسرى هي حالة التراجع الثقافي وغياب التعبئة الفكرية داخل المعتقلات والسجون الاسرائيلية.

مقاومة الاعتقال في مرحلة جامدة سياسيا وثقافيا
يأتي كتاب " مقاومة الاعتقال " في مرحلة جامدة سياسيا وثقافيا ومشلولة تنظيميا ونضاليا انصهرت فيها مفاهيم المقاومة لخدمة الاجندات الذاتية والمصالح الفئوية الضيقة ، وباتت الحركة الاسيرة وحدها من يخوض غمار المواجهة خلف القضبان لتتصدى بعزيمة قوية وامعاء خاوية خالية - الا من الارادة وقوة الايمان بالحق - لكل محاولات التركيع والارهاب الفكري المنظم ولتفضح سياسات مصلحة السجون في قمع الاسرى وحرمانهم من التعليم والعلاج وزيارة الاهالي ، وغيرها من الاساليب والسياسات التي ما فتئت تبني اسوار الاغلاق والانحصار على الانسان والعقل الفلسطيني لتيئيسه من جذوة النضال الوطني والمضي قدما في الكفاح والمقاومة.

محاولة جادة لازالة العثرات والشوائب من عروق الشعب الفلسطيني
لقد مثّل كتاب " مقاومة الاعتقال " محاولة جادة لازالة العثرات والشوائب من عروق الشعب الفلسطيني التي اكتنفت مسيرته في السنوات الاخيرة ، لا سيما عثرات الإنقسام الداخلي والازمات الوطنية التي واكبته وخاصة تلك التي اثارت الاسئلة الكبرى حول وعي الشعب الفلسطيني وخبرته التاريخية في تجاوز الصعوبات والمحن والاستقواء بامكاناته الذاتية للخروج من ازماته الخاصة ، حيث واجه الشعب الفلسطيني عبر تاريخ نكبته السوداء مسار الحياة وتمكن من الانتصار على مكونات هذا المسار ومليء العواصم العربية بالمكتبات ودور النشر والثقافة واشباع جامعات الوطن العربي بالعلماء والمفكرين الذين كان لهم الدور الاول والاساس في احداث النهضة القومية في مرحلة الستينيات من القرن الماضي ، لذلك فإن كتاب "مقاومة الاعتقال" لا يعبر فقط عن استذكار وعي الشعب الفلسطيني وخبرته الثقافية والعلمية بل يعتبر تأكيدا على اصرار هذا الشعب ونضاله المتواصل للخروج من حالة الانقسام الداخلي والتمسك بقضيته الوطنية التحررية واعادة صياغة مفاهيمه ومعتقداته وفقا لهذا الرؤية الجذرية ، وهو ايضا يؤكد على ضرورة التعامل مع القضية الفلسطينية كوحدة واحدة بين الارض والانسان ومحاربة كل اشكال القمع والتعذيب والتجهيل والتغريب السياسي والانشغال في خدمة قضايا ليست هي القضايا الحقيقية للشعب الفلسطيني .

تشريع تعذيب المعتقلون الفلسطينيون
إن كتاب " مقاومة الاعتقال " وفي الوقت الذي يسعى فيه الى ربط كل حلقات النضال الفلسطيني مع بعضها ، فإنه يمثل الوثيقة التاريخية الاهم للاجيال القادمة التي لا بد وان تاتي وترفع راية النضال الوطني من جديد وتواجه كل اشكال الاعتقال والتعذيب والملاحقة عبر اساليبها النضالية المتعددة ، التي يحاول الكتاب انارتها امام الذين لم يتمكنوا من دراسة التجربة الاعتقالية الفلسطينية ، واثراء الوعي الوطني وترسيخه فيما يتعلق بمواجهة اساليب التحقيق والتعذيب واساليب التعقب والاعتقال وسياسات القمع والترهيب التي تمارسها ادارات السجون الاسرائيلية بحق المناضلين لهزيمتهم وكسر ارادتهم الوطنية واجبارهم على الانكفاء عن معتقداتهم وحقوق شعبهم المشروعة ، واشاعة الياس والاحباط بين اوساطهم ، هذا فضلا عن تحذير الكتاب لخطورة التعاطي مع المحاكم الاسرائيلية الظالمة وقصور المؤسسات والقوى الفلسطينية في تحشيد الرأي العام الداخلي والخارجي لمقاطعة هذه المحاكم ، وفضح دور القضاء الاسرائيلي في تشريع تعذيب المعتقلين الفلسطينيين والسطو على حقوقهم وارواحهم دونما رادع من قوة او وازع من ضمير .

عمليات متواصلة لتطويع الدماغ والخضوع
ان كتاب "مقاومة الاعتقال" يشكل الإضافة النوعية لأدب السجون الذي كان له التقدير العالي بين المثقفين والدارسين الفلسطينيين ، كونه قدم بالتحليل والتوثيق والوعي والاستنتاج تاريخ وانجازات الحركة الوطنية الاسيرة واستعرض كافة المراحل التي يمر بها المناضل الفلسطيني بدءا من اللحظات الاولى لإنتمائه الوطني ، ومرورا بصعوبات النضال واهمية استملاك القدرة على تدبر احتياجاته ، وانتهاءا بمواجهة سائر المخاطر الاخرى وفي المقدمة منها مخاطر الاعتقال والتحقيق ، واستمرار الحياة بعد ذلك في الباستيلات والزنازين المظلمة وما يرافقها من عمليات متواصلة لتطويع الدماغ والخضوع لاملاءات الاحتلال وشروطه ، وهو الامر الذي افرد له الكتاب الحيز الاكبر على طريق تسليح المناضل بكل وسائل الخبرة ومعاني القوة والصمود والصلابة الوطنية في وجه المحتلين والمعتدين على حقوق الشعوب وحياتها الانسانية .

عوالم الحضارة والتقدم والتحرر
انني وانا استكمل قراءتي لكتاب " مقاومة الاعتقال" ، فانه لا يسعني الا ان اقف اجلالا واكبارا امام كل الذين توّردوا على مكابس الدم وعادوا الينا من مراقدهم سالمين ، حاملين لنا الخبز والكرامة وجواز السفر الفلسطيني الذي سنعبر من خلاله الى عوالم الحضارة والتقدم والتحرر والانعتاق فالتحية كل التحية الى اولئك الكبار الذين كتبوا بدمائهم وصبرهم هذه الحروف والتحية كل التحية الى كل الابطال الذين يعيشون اجمل لحظات حريتهم رغم الاصفاد والقيود .

مقالات متعلقة