الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 14:01

الحرب على فلسطين جبهاتٌ متعدّدة ودفاعٌ مشتّت بقلم: الشيخ حمّاد أبو دعابس

كل العرب
نُشر: 26/06/10 07:37,  حُتلن: 20:23

- الشيخ حماد أبو دعابس:

* استهدافنا كشعب وكاقليّة أصلانيّة عربيّة تعيش في وطنها. كأن المطلوب منّا ان نكون مجموعة اشخاص تأكل وتشرب وتنام. وليس لها هويّة ولا وطن ولا شعب ولا قضيّة

* الحرب على الهويّة والثقافة: من خلال مناهج التدريس ،والملاحقات على خلفيّة حريّة التعبير. ودسّ السُمّ في وسائل الاعلام، وغسيل الادمغة الذي يتعرّض له شبابنا بشكل منهجيّ خطير

ما أن تكتمل فصول مواجهة مفتوحة بين السلطات الاسرائيلية وطرف فلسطيني معيّن، الا وقد تداخلت مواجهات أُخرى في ميادين وأماكن متعددة لا يمكن حصرها . انها حرب منهجيّة ، مدروسة باحكام ، تزداد وتيرتها يوما بعد يوم ، ويزداد اتساع رقعتها وخطورة فصولها ، هي حرب تغذّيها العنصريّة المقيتة والتطرّف المجنون ضدّ كل ما هو عربي او فلسطيني ، ولا شك ان مؤسسات ضخمة وعقليّات متمرّسة تقف وراء هذه الحرب الضروس ، انها عقليّات تعمل ضمن نظام متكامل يهدف الى انهاك الخصم وارباكه ، واشغاله في التفاصيل ليغفل عن جذوة الصراع ، وتحول بينه وبين القدره على التفكير الاستراتيجيّ بعيد المدى .وشامل الرؤيه . فهل لنا من سبيل لتجميع قوانا لنكون على قدر المرحلة .أم أنّ اتساع الخروق وكثرتها ستعجز الراقع، فتنهكه حتّى يستسلم للعجز والاحباط؟.
احاول في هذه المقالة أن أستعرض بعض هذه الجبهات المفتوحة على شعبنا الفلسطينيّ ، ولا أدّعي أنني سألمُّبها جميعاً أو أنّ لديّ القدرة على رسم معالمها والتصوّر الكامل لطبيعتها والقدرة على التصدّي لها.

أولا – الحرب على قطاع غزّه:
وهي حرب معلنه تأخذ وتيره متصاعده ، فصولها اكثر وضوحاً من الجبهات الاخرى . ومن ميادينها:
أ‌- الحصار المفروض من اربع سنوات. ويهدف الى تضييق الخناق على سلطة حماس في القطاع. وزراعة اليأس والاحباط لدى المواطنين لعلمهم يندموا على انتخابهم لحماس فينقمون عليها ، فيتحوّل القطاع الى ساحة قتال داخليّه . وقد شهد القطاع بعض فصول المواجهات الداخليّه ، والتي حُسمت في غير صالح الاحتلال.
ب‌- الحرب السياسيّه – والتي تعتمد على نزع الشرعيّة اقليمياً ودولياً عن حركة حماس .تعقيد مسالة المصالحة الفلسطينيّه . منع أي تواصل للقيادة الغزيّه مع العالم العربي والمجتمع الدوليّ.
ت‌- قضية الاسرى – فوجود الاف الاسرى الفليسطينيين في المعتقلات الاسرائيليّه الى جانب قضية الأسير الاسرائيليّ شاليط في غزّه ، وقضيه تبادل الاسرى . هي معركة أعصاب ، ومعركة مفاوضات غير مباشره ، ومعركة كرامة ، لم تكتمل فصولها والجميع يترقّب عمَّ ستسفر في مستقبل الايام.
ث‌- معركة الجواسيس – اين ذهب واين سيذهب الاف العملاء الذين زرعتهم اسرائيل في قطاع غزه ؟ وما يزالون يمارسون ادواراً خفيّّةً وخطيرةً ولا شك ، في مساعدة الاحتلال لتشديد قبضته على الفلسطينين.
ج‌- المداهمات والقنص عل المناطق الحدوديّة وفي المياه الاقليميّة للقطاع والتي تحصد العشرات من الضحايا سنويًا.

ثانيا – الضفة الغربيه
اضافة الى تكرار معظم ما ذكر بشان قطاع غزه ، فهنالك فصول من المواجه خاصةً بالضفة الغربيه ومنها:
أ‌- الاعتقالات اليوميّه – والتي تطال العشرات يوميّاً من الكوادر الاسلاميّه وغيرها من النشطاء الفلسطينين ، والذين يصعب حصرهم او متابعة قضاياهم والدفاع عنهم ، وفضح ممارسات الاحتلال بحقّهم.
ب‌- بناء وتوسيع المستعمرات التي تقطّع اوصال الضفة الغربيّة وتعقّد الحياة اليوميّة فيها.
ت‌- الحواجز العسكرية التي لا اوّل لها ولا آخر.
ث‌- الجدار العازل العنصريّ الذي يمزّق اوصال الضفة الغربيّة ويقسّمها الى كنتونات ، يصعب التنقل بينها.
ج‌- هدم المنازل بحجة البناء غير المرخّص ، ومصادرة الاراضي لصالح المستعمرات التي لم يتوقّف بناءها على الاغلب ، رغم الاعلانات التي تذر الرماد في عيون العالم.
ح‌- الحرب على المقدسات الاسلاميّة في نابلس والخليل والقرى الفلسيطينّة.

ثالثا – القدس الشريف
وهي المعركة الاشدُّ ضراوة واكثر تعقيداً ، فصولها متداخله وتفاصيلها تتجاوز الحصر ، ومن بين فصولها:
أ‌- المعركه على المسجد الاقصى – من خلال التضييق على أئمّة المسجد الاقصى، وموظفيه ودائرة الاوقاف. ومنع مشاريع الاعمار والصيانه داخل باحاته . هذا اضافة الى الاستفزازات المستمرّة والزيارات غير المرغوب بها للمتطرّفين العنصرييّن الى المسجد الاقصى . اغلاق البوابات ، ومتابعة التحركات وغيرها الكثير من التفاصيل والممارسات والانتهاكات.
ب‌- هدم المنازل – بوتيرة متصاعدة. سعيّاً لتفريغ القدس من مواطنيها العرب. وما ينتج عن ذلك من مواجهات وخسائر فادحة في الممتلكات . فحيّ الشيخ جرّاح والبستان وعموم منطقة سلوان ، وباب العمود وغيرها من الاحياء العربيّة شواهد على الجرائم التي لا تنتهي بحقّ المدنيين.
ت‌- الحملة المفتوحة لنزع الهويّة المقدسيّة عن القيادات الشرعيّة المنتخبة في القدس من النوّاب والوزير ابو عرفة. ومن الكثيرين من الاكاديميين والمواطنين العاديين لابعادهم عن وطنهم وتفريغ القدس من سكانها الاصليين.
ث‌- حرب الاسقاط المتعمّد للشّباب والفتيات في براثن الفساد والعمالة والمخدّرات.
ج‌- الحرب الاعلاميّة ذات الصبغة العالميّة التي تستهدف هويّة القدس ومستقبلها.
ح‌- حرب الاستيطان والمستوطنات التي تخنق القدس وتجعل حياة العرب فيها صنوفاّ من التضييق والضّنك والشدّة.

رابعا – فلسطينيو الدّاخل
انه الاستهداف المنهجيّ المباشر الذي يهدف الى سحقنا بالكليّة ، وتحويلنا الى قطيع من المستهلكين لكل ما هو اسرائيليّ من منتوجات ،وقيم، ومفاهيم، وسياسات. هو استهدافنا كشعب وكاقليّة أصلانيّة عربيّة تعيش في وطنها. كأن المطلوب منّا ان نكون مجموعة اشخاص تأكل وتشرب وتنام. وليس لها هويّة ولا وطن ولا شعب ولا قضيّة.
ومن فصول هذه الحرب:
أ‌- الحرب على الارض والمسكن: ما بين مصادرة ارض وهدم منازل، ومحاكمات لا أوّل لها ولا آخر. ما بين سياسة فرض الامر الواقع في المخططات التي تتجاهل العرب وتستثنيهم وتسيطر على ممتلكاتهم.
ب‌- المطاردات السياسيّة، والاعتقالات بالجملة للقيادات والنشطاء العرب- فقد ضاقت الديمقراطيّة الاسرائيليّة ذرعاً بالمواقف الاحتجاجيّة، والتصريحات السياسيّة للنشطاء الفلسطينيين والعرب في الداخل، فباتت تفصّل لكلّ منهم التهمة التي تتناسب مع حجمه وثقله، لكي تغيّبه لفترة طويلة بقدر الامكان، حتّى لا تسمع تصريحاته، ولا تشهد فعاليّاته. فتحت هذه الطائلة يخضع للتحقيق والمحاكمة كلٌ من: أمير مخول، ود عمر سعيد، والشيخ رائد صلاح، ومحمد بركة وسعيد نفاع. والمعتقلين على خلفيّات مصادرة أرضهم وهدم منازلهم في النقب بالعشرات، والحبل على الجرّار.
ت‌- التضييقات المختلفة التي يتعرض لها المواطنون العرب في قضايا مصالحهم، وتعليمهم خارج البلاد،والتمييز بشأن الوظائف في الشركات والمؤسسات الحكوميّة.
ث‌- ضائقة المجالس والبلدياّت ومناطق النفوذ والميزانيّات الشحيحة.
ج‌- الحرب على الهويّة والثقافة: من خلال مناهج التدريس ،والملاحقات على خلفيّة حريّة التعبير. ودسّ السُمّ في وسائل الاعلام، وغسيل الادمغة الذي يتعرّض له شبابنا بشكل منهجيّ خطير، يحوّلهم الى مجموعات من المستهلكين، ذوي العقول المفرغة من أيّ مضمون دينيّ، وطنيّ، قيمي أو حضاريّ.

التعاون والتكامل بين جميع المستهدَفين وعلى جميع الجبهات
كل هذه الجبهات المفتوحة يقف من ورائها آلاف او مئات الالاف من المتضررين. انهم آلاف من الاسماء والادميين، من لحم ودمّ، يذوبون حسرةً وألماً، وليس لهم قوّة في مواجهة هذه الحروب المنهكة. والقيادة الفلسطينيّة في الداخل تعمل بقدر جهدها ولكنّها بحاجة الى عشرات الطواقم المتخصّصة لتخوض معركة الدفاع عن الشعب الفلسطينيّ في الدّاخل، وعن قضاياه وصموده وبقاءه.
والحرب على الفلسطينيين بابعادها القضائيّة والفكريّة والاعلاميّة والسياسيّة، بحاجة الى صفوف متراصّة، ومؤسسات متكاملة وجهود متكاتفة، لعلّها مجتمعةً تستطيع أن تصنع شيئاً، فتدفع ظلماً أو تستعيد حقّاُ. ولم يعدهناك المجال لكي تسعى كل فئة أو مجموعة بالاستئثار بجزء من القضيّة لتسجّل موقفاً سياسيّاً أو اعلاميّا هنا وهناك، فاذا كانت الجبهات المفتوحة على الفلسطينيين متعدّدة ومركّبة، فانّ الدفاع المشتّت المتفرّق المتناحر لن يجدي امامها نفعاً.
الامر اذاً يستدعي تعاوناً وتنسيقاً وتكاملاً بين جميع المستهدَفين وعلى جميع الجبهات. وهو سبب وجيه جدّاً لتعزيز طروحاتنا الوحدويّة، ودعواتنا المتكرّرة لاجتماع الكلمة والتئام الشمل الاسلاميّ، والفلسطينيّ والعربيّ.
والله غالب على أمره.

مقالات متعلقة