الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 14:01

حكاية اليوم للأطفال الحلوين: حفلة تتويـج

كل العرب
نُشر: 29/04/10 22:46,  حُتلن: 08:26

جمال القاعة الليلة، لا يخطر على بال.
فالثريّات تتلألأ متدلّية من السّقف ذي القبّة الكبيرة، السّتائر المخمليّة ذات اللون الفيروزي، تنسدل بأناقة مغطّية النّوافذ الواسعة، الرّخام الأسود الصّقيل، يعكس رقصات الأشعّة المنبعثة من الثّريات، أمّا المقاعد الخشبيّة المزّينة بزخارف نباتيّة، فهي أشبه بكراسي الملوك.
هذه القاعة، ستشهد الليلة حفلة من نوع نادر، حيث ستنتخب الحروف الأبجديّة ـ ولأوّل مرّة ـ ملكاً للجمال.


صورة توضيحية

دخلت حروف الأبجديّة الثمّانية والعشرون القاعة، جلست في المقاعد الثّمانية المتتالية، والمرتّبة كما يلي:
المقعد الأوّل تجلس عليه الحروف المجتمعة في لفظة: أَبْجَدْ، المقعد الثّاني: هَوَّز، الثّالث: حطِّي، الرّابعِ: كَلَمُنْ، الخامس: سَعْفَصْ، السّادس:قَرَشَتْ، السّابع: ثَخَذٌ، والثّامن، ضَظَغٌ.
كانت الحروف تبدو غاية في الجمال، فالثّياب أنيقة، والرّوائح عطرة، والابتسامات عريضة.
وبينما كانت الحروف تتجاذب أطراف الحديث، تقدّم قلم الحبر الأسود، ذو الغطاء المذهّب، من الطّاولة الصّغيرة المستديرة، وبدأ حديثه قائلاً:
ـ أبنائي الأعزّاء، طاب مساؤكم.
بصراحة… كنت لا أنوي المجيء، فأنا منذ يومين أعاني من وعكة صحيّة، لأنّ صاحبي ـ سامحه اللّه ـ غيرّ نوع الحبر الّذي يحقنني به كلّما جففت، لكنّني سمعت من الثّناء العاطر على أخلاقكم وحسن معاملتكم، ما شهّاني المجيء لرؤيتكم، فأنا على يقين من أنّي سأشفى قبل انتهاء الحفلة، كما سيكون لي في هذا اللقاء مجال لأن أتنوّر بعض الشّيء بآرائكم وأحاديثكم..

أعزّائي…
اليوم سننتخب ملكاً للجمال، صحيح أنّها مسألة صعبة، خصوصاً عندما أنظر إلى وجوهكم الرّائعة، ومع ذلك… ولا أحلى من أن نتوّج ملكاً فالتّاج موجود، وهو بانتظار الملك…
والآن.. من منكم يحبّ أن يرشّح نفسه؟
رفع حرف الألف يده، تلاه حرف الثّاء، فالضّاد، وأخيراً الواو.
ـ إذاً.. المرشّحون أربعة، تفضّلوا لو سمحتم، قفوا أمام زملائكم. خرجت الحروف الأربعة، ووقفت بجانب الطّاولة الصّغيرة المستديرة.

نظر القلم إلى الحروف الجالسة، قال:
ـ لنبدأ التّصويت، من ينتخب حرف الألف.
ارتفعت أيادي الحروف بالكامل.
ـ ماشاء الله…. أرى إجماعاً، الظّاهر أنّك حرف محبوب، طيّب… من ينتخب حرف الثّاء؟
ومرّة ثانية ارتفعت الأيادي كلّها.
ـ عال… عال، لننتقل إلى حرف الضّاد.
وللمرّة الثّالثة انتُخب حرف الضّاد بالإجماع، وهذا ما حصل مع حرف الواو.
وقف القلم حائراً، مفكّراً بطريقة يستطيع من خلالها انتخاب ملكٍ للجمال.
فجأة… وقف حرف الهاء، قائلاً:
ـ سيّد قلم، أرى أن تنتخب أنت أيضاً، فربّما رجّح صوتك كفَّة أحد الحروف.
حكّ القلم رأسه، وقال:
ـ هذا والله صحيح، ماكان ليخطر لي لولاك، لكن… لمن أُصَوِّت؟

فحرف الألف هو أوّل حروف الهجاء، طوله ملفت للنظر، ويضع على رأسه همزة جميلة.
الثّاء… أحد الحروف اللثّويّة، إضافة إلى الذّال والظّاء، لـه ثلاث نقط جميلة، تبدو وكأنّها زهرّات.
الواو… حرف جميل على الرّغم من عدم احتوائه على أيّة نقطة، فيكفيه فخراً أن كلمة ورد تبدأ به…
أمّا الضّاد… فهو إضافة إلى نقطته الجميلة الّتي تشبه الشّامة على الخد، يعدّ من أعصى الحروف العربيّة نطقاً على غير العرب، ولهذا سمّيت العربيّة لغة الضّاد.
كانت الأحرف تتبادل النّظرات الحائرة منتظرة النّتيجة، بينما أطرق القلم مفكّراً، لكنّه لم يلبث أن رفع رأسه مشيراً إلى حرف الضّاد.

صفّقت الحروف بحرارة، مؤيّدة رأي القلم، بينما وقف حرف الهاء ثانية، يقول:
ـ سيّد قلم، انتهينا من المركز الأوّل، لكن… من سيفوز بالمركزين الثّاني والثّالث.
وهنا برزت مشكلة جديدة، فهناك حرف يجب عليه الخروج من المسابقة.
بغتة.. قال حرف الثّاء مخاطباً القلم:
ـ أرجو أن تسمح لي بالانسحاب.
ـ لماذا؟
ـ لسببين: أولاً… نطقي صعب، فهو يحتاج إلى إدخال رأس اللسان بين الأسنان.
ثانياً.. أحبَّ أن أعطي فرصة الفوز لأصدقائي.
هزّ القلم رأسه مبتسماً، قال:
ـ حيّاك الله، أنت شهم، لكن… قبل أن ترجع إلى مكانك، أكلّفك بكلّ ودّ أن تحدّد الفائز الثّاني والثّالث.
نظر حرف الثّاء إلى صديقه، وقال مخاطباً حرف الواو:
ـ أخي العزيز، يقولون… الطّول ثلثي الجمال، ما رأيك أن تمنح أخاك الألف المرتبة الثّانية؟
ابتسم حرف الواو، قال:
ـ عمرك أطول من عمري، والله كنت سأقول عبارتك، لكنّك سبقتني.
صفّقت الحروف بحرارة للفائزين الثّلاثة، وراحت تغنّي واضعة التّاج على رأس حرف الضّاد.

مقالات متعلقة