- د.أمل جمّال:

* الفكرة الرئيسية التي وقفت وراء نشوء الصحافة في أيامها الأولى هي التعاقد بين أهداف الربح المادي من جهة والانضباط السياسي من جهة أخرى

ضمن اللقاء الثالث في دورة "اشكاليات اخلاقيات العمل الاعلامي والمهنية"، استمع المشاركون الى محاضرتين قيمتين تتعلق بعوامل بنيوية تؤثر على حرية الصحافة والتعبير والرأي، وتحد من كون الإعلام حيز حر للرأي وتبادل الافكار والمواقف من أجل إتخاذ القرار الصائب بكل ما يتعلق بالشأن العام.

تمحورت المحاضرة الاولى حول موضوع : " ملكية وسائل الاعلام والصحافة المهنية والاخلاقية" قدمها د. امل جمّال، وتطرق خلالها الى العوامل التي ادت الى امتلاك الصحف، ومن ثم وسائل اعلام اخرى، على يد اصحاب رؤوس الاموال، وقدم نبذة تاريخية عن نشوء الصحافة التجارية، مؤكدا بأن الفكرة الرئيسية التي وقفت وراء نشوء الصحافة في أيامها الأولى هي التعاقد بين أهداف الربح المادي من جهة والانضباط السياسي من جهة أخرى. وتطرق جمّال إلى الاسباب التي تدفع الى تزايد الصحف والتي تتنوع بين التجارية، السياسية والايديولوجية، متطرقا الى التطورات التي نتجت في ظل المرافقة بين حرية التعبير وحرية العمل الصحفي من جهة، ومتطلبات مالكي وسائل الاعلام بالربح من جهة أخرى. ونوه بان العمل الصحفي يرتكز على حرية التعبير عن الراي، الأمر الذي يجب أن يتماشى مع الالتزام باخلاقيات العمل الصحفي، وذلك من خلال خلق توازن بين المصلحة الاقتصادية وبين حرية التعبير واخلاقيات المهنة.

وتطرق جمّال الى التطورات الجارية على الساحة الإعلامية والمتعلقة بالتحولات الناتجة عن تطورات تكنولوجيا الإعلام والتي غطت على فكرة تبادل الافكار والمواقف في الاعلام وحولتة إلى مصدر ترفيه وآلية لصناعة رأس المال. بالرغم أن صناعة الربح لم تخلق في الماضي تصادما مع حرية التعبير ، إلا أنه مع مرور الوقت طرأ تراجع كبير وحوّل رأس المال العملية الثقافية الى عملية استنساخ لأفكار أحادية مبنية على صناعة الذوق وتغذية الروح الترفيهية. ونوه جمّال إلى كون هذه العملية الاقتصادية حكيمة جدا بحيث حولت الانتاج الفكري الى مشروع تجاري، وفرضت شروطا معينة لتصوير الواقع.

تأثير العامل الاقتصادي
وخلال محاضرته قدم جمّال امثلة عينية حول تأثير العامل الاقتصادي على المنتج النهائي في العمل الصحفي عربيا ، عالميا ومحليا، من خلال اعطاء المعلومات عن عدد من وسائل الاعلام المعروفة عالميا وعربيا والتي تعود ملكيتها الى عدد ضئيل من الشركات التجارية الكبيرة التي لا ترتبط بتاتا بالاعلام، وكيف اصبح الاعلام ، نتيجة لهذه الملكية، مصمما ومسوقا لذوق معين وليس للفكر.

اما المحاضرة الثانية فتمحورت حول موضوع: " كيف تتعامل الصحافة المهنية والاخلاقية مع اوامر منع النشر وتبعاتها القانونية" قدمها المحامي علاء محاجنة من مركز عدالة. وتحدث محاجنة باسهاب حول موضوع امر منع النشر وعلاقتة الوثيقة بحرية العمل الصحفي، اذ يعتبر متعارضا تماما مع الحرية الصحفية. واجاب من خلاله على الاسئلة الاساسية في هذا السياق: ما هو امر منع النشر؟ في اي القضايا يصدر هذا الامر؟ من هي الجهة التي تصدر امر منع النشر ولماذا؟ ما هو عقاب من يخالف امر منع النشر؟ هل تقع المسؤولية على الصحافي كاتب المقال، والمخل بامر منع النشر، ام على وسيلة الاعلام التي يعمل بها؟

قضية راوي سلطاني
هذا وقد قدم محاجنة شرحا حول نوعية القضايا التي تطلب فيها الشرطة من المحكمة امر لمنع نشر التفاصيل، وانها يمكن ان تكون جنائية، امنية، صحية واخرى. والفرق بين امر منع النشر العام والعيني، والجهات المطالبة بأمر منع النشر والتي يمكنان تكون الشرطة او جهات عسكرية. واعطى امثلة لقضايا هامة نشرت تفاصيلها مؤخرا بعد ان سرى مفعول امر منع النشر بشأنها فترة طويلة، مثل قضية راوي سلطاني الذي وجهت اليه تهم الاتصال باحد أفراد حزب الله، وقضية الصحفية عنات كام التي سربت معلومات عسكرية.
وفي ختام المحاضرة تمت الاجابة على اسئلة المشاركين، مع التأكيد على ان موضوع امر النشر هو موضوع هام جدا ويجب على كل صحافي معرفته والتقيد به، ومتابعة التحديثات التي تطرأ في هذا الموضوع، لمنع الوقوع في مساءلات واشكاليات قانونية ربما تكون ناجمة عن عدم المعرفة الكافية بالشؤون القانونية المتعلقة بحرية الصحافة.