الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 22:02

إسرائيل تفاوض أمريكا والمقاومة فقط - بقلم: خالد بركات

كل العرب
نُشر: 11/04/10 20:09,  حُتلن: 08:10

- خالد بركات:

* السيد حسن نصر الله مثلا لا يجالس الصهاينة العنصريين، ولا هم على استعداد لفعل ذلك أيضا

* في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانت الثورة الفلسطينية ، في الخارج والداخل ، قادرة على الرد والصمود

* مشروع المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ، ومع العرب عموما ، يعني في القاموس الاسرائيلي عبارة واحدة " نتحدث ثم نتحدث وفقط "!

المصير المشترك
دولة الاحتلال الصهيوني لا تفاوض أي طرف فلسطيني او عربي أو حتى دولي، لم تفعل ذلك في السابق ولا تسعى الى اية مفاوضات مع أي طرف في الوقت الراهن . والطرف الوحيد الذي تكترث " اسرائيل " لدوره وعلاقتها العضوية معه ، معروف الاسم والعنوان ، الولايات المتحدة الامريكية . الامبراطورية الراعية للمشروع الصهيوني منذ العام 1956 . لقد ورثت امريكا معظم تركة وحقبة الاستعمار ، بما في ذلك طبعا : النفط واسرائيل وانظمة الرجعية العربية . وبقدر ما كانت إسرائيل دولة الغرب الاستعماري ومشروعه في المنطقة ، بقدر ما هي الان قاعدة المشروع الامريكي ، مستوطنته الكبيرة ، وتقوم بوظيفة مركبة في خدمة الامبريالية ، حتى لو كانت شريكا مزعجا وينغص الاجواء في بعض الاحيان!

مصادر قوة اسرائيل
تدرك " اسرائيل " مصادر قوتها التي تاتي من واشنطن اولا وعاشرا. وإمدادات المال والعنصر البشري والسلاح بما في ذلك المستوطنين القادمون من نيويورك ونيوجرسي وبوسطن وشيكاغو . كل هذا يسري في شريانها وفي مستوطناتها ويضمن تطورها الاقتصادي والتقني والعسكري. ومع ذلك ، فان الحركة الصهيونية الداعمة لمشروع الاستيطان ( في كل فلسطين المحتلة ) باتت تؤثر في وجهة القرار السياسي الامريكي، ونجحت في لي ذراع صناع القرار في البيت الابيض ، والتراجع السريع الذي شاهده العالم في مواقف " السيد " أوباما وادراته تدلل على ان قدسية اسرائيل تتفوق على قدسية " صورة امريكا في العالم العربي والاسلامي " وفي نهاية الامر ، فان الخلاف بين أصحاب المصلحة الواحدة سوف لن يفسد كل هذا الحب والود بينهما ولن يهز قناعة الطرفان بوحدة المصير المشترك..

المفاوضات ليست عبثية للاحتلال
مشروع المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ، ومع العرب عموما ، يعني في القاموس الاسرائيلي عبارة واحدة " نتحدث ثم نتحدث وفقط "! ويصر الكيان الصهيوني على " ضرورة الحديث " يقول " نحن لسنا ضد الكلام مع العرب" واحيانا كان يذهب نحو نغمة اخرى فيقال لك مثلا " لا يوجد شريك فلسطيني نتحدث معه " او" يقال نحن مستعدون للحديث مع ابو مازن ولكن لن نتحدث مع عرفات " و " سوريا لا تريد الحديث عن السلام " ، هذه النغمة الصهيونية التي نسمعها بين حربين اسرائليتين على العرب ، السائد الوحيد فيها هو " الكلام عن السلام " !
في الحرب ( اي اثناء ارتكاب المجازر الجماعية ) وبموافقة ودعم من الولايات المتحدة ، تصبح الشعارات الناظمة في ادارة المعركة السياسية : الكلام لا ينفع مع العرب والارهابيين" !

العودة للمفاوضات المباشرة
واليوم نحن نسال : لماذا يتمنع الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس (ابو مازن) عن " العودة للمفاوضات المباشرة "؟ يرد السيد محمود عباس على هذا السؤال بعبارة بسيطة : نحكي ونحكي وما بيصير اي شئ ! او " تحدثنا في الف موضوع ولم ينفذ الجانب الاسرائيلي التزاماته وفق خارطة الطريق " ! ( هو طبعا قام بتنفيذ التزماته ويقمع المقاومة ولا يحاور حماس ) لكن رئيس السلطة يعلن عن هذا الموقف بعد اكثر من 20 سنة من " الحكي " ومن المفاوضات العقيمة والعبثية . وحين يقال له ، طيب أما من طريق اخر غير المفاوضات ؟ يختار الرئيس الفلسطيني في رده على هذا السؤال بالهجوم على المقاومة اولا ، وكل طريق اخر ، غير طريق " الكلام" ثم يعود ويستجدي امريكا و يطالب " المجتمع الدولي" بالتدخل!!.

المفاوضات ليست عبثية
بالنسبة للجانب الاسرائيلي فالمفاوضات ليست عبثية تماما ، بل هي هدف ثابت ومصلحة تدر عليه الربح الصافي فإلى جانب حصوله على الاعتراف و" الشرعية " و" حقه في الوجود " ، فانها تجلب له لذة الانتصار والشعور بالتفوق كما تفتح شهيته أكثر لطلب المزيد من وسفك المزيد من الدم العربي ونهب المزيد من الارض العربية...

اسرائيل تفاوض المقاومة وفقط
الى جانب " استعداد " العدو الصهيوني لخوض مفاوضات جادة مع الولايات المتحدة في اطار المصالح المشتركة وما الذي يمكن ان تتنازل عنه اسرائيل لامريكا وليس للفلسطينيين ، فهو مستعد كذلك لان يفاوض قوى المقاومة الوطنية والجهادية . فكلما اشتدت قدرة المقاومة وتعززت امكانياتها التسليحية والسياسية والمالية ووسعت مجالها وحضورها الشعبي والرسمي في الوطن العربي ورسخت وحدتها الميدانية على الارض ، كلما أبدى الصهاينة قدرة اكبر على " التفاوض " مع المقاومة وبدا الكيان اضعف مما نراه.

مقاومات
السيد حسن نصر الله مثلا لا يجالس الصهاينة العنصريين، ولا هم على استعداد لفعل ذلك أيضا، لكن المفاوضات الجادة والوحيدة في المنطقة جارية يوميا على قدم وساق بين المقاومة والعدو الصهيوني، وهي مفاوضات غير مباشرة ، وبدون وسائط ، تسير وفق نظرية توازن الرعب والقدرة على التدمير المتبادل ، لذلك يحسب الكيان الصهيوني حسابات حقيقية لقوة وقدرة المقاومة اكثر من قمم الانظمة العربية . فحزب الله ، والمقاومة الوطنية والاسلامية في فلسطين والعراق ، استخدمت قانون التفاوض اللامباشر كقانون ثابت . والمقاومة العربية في لبنان استطاعت تحرير الجنوب والاسرى بل وتحرير لبنان من مشاريع التبعية والسير في ركب عرب الردة والهزائم.

لا سيادة حقيقية لاي دولة في الوطن العربي
ولم ينسحب جيش الكيان الصهيوني ويفكك مستوطناته من قطاع غزة الا بسبب فعالية المقاومة الفلسطينية التي جعلت من وجوده في القطاع علقما يوميا. ويطلق الغزيين اسم ( المحررات ) على ما كان قائما من مستوطنات . ولم يكن يمر أسبوع واحد الا وتدفع فيه اسرائيل ثمن احتلالها ووجودها على رمل القطاع الساخن. صحيح ان السيادة الوطنية الكاملة لم تتحقق في غزة ، ولا تزال اجواءه مفتوحة لطيران العدو ، كما هو الحال ايضا في لبنان، لكن الحقيقية التي لا يستطيع اي احد انكارها هي ان الجندي الصهيوني ، اذا قرر دخول ارض القطاع الباسل ، فانه معرض للموت والهلاك.
لا سيادة حقيقية لاي دولة في الوطن العربي باستثناء منطقتين محررتين: الجنوب اللبناني والقطاع الفلسطيني المحاصر.

الثورة الفلسطينية
في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانت الثورة الفلسطينية ، في الخارج والداخل ، قادرة على الرد والصمود ، وتنفيذ عمليات نوعية في العمق وطالت يدها مصالح الصهاينة في الخارج وفي كل مكان . واقدمت دولة الاحتلال على ابرام العديد من الاتفاقات الضمنية ، في مفاوضات غير مباشرة وبدون وسائط ايضا . ولم يقم الصهاينة ببناء مستوطنات كبرى الا بعد العام 1982 وخروج قوات المقاومة الفلسطينية من بيروت ، ومع انهيار م ت ف وتوقيع اتفاقيات أوسلو سيئة الذكر والاسم ، أقلع قطار التفاوض الذي يسر على سكة الوهم بالضرورة . وانفلت العدو الصهيوني وبدون رادع .

الإحتلال
شرع الاحتلال في تنفيذ خطة منهجية جاهزة شملت الاستيطان وسياسة المصادرة وبناء الجدار وضم الغور . واستانف سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية لقادة المقاومة وكوادرها . لم تكن تلك مبادرات رد على المقاومة الفلسطينية بقدر ما كانت مشاريع وضعها الاحتلال حيز التنفيذ الفعلي في 28 سيبتمبر عام 2000 وفصولها كانت معدة وجاهزة سلفا اثناء كل جولات " التفاوض " مع الفلسطينيين!

بناء المستوطنات
بناء المستوطنات والجدار وتصفية 290 قائد وكادر واعتقال الاف الاسرى وتهويد القدس وحرق البشر في قطاع غزة جرى في ظل المفاوضات المذلة الخاسرة . هناك علاقة مباشرة ومتلازمة بين ما يسمى " المفاوضات " وبين تسارع عجلة الاستيطان في الضفة المحتلة وقد تضاعف عدد الاسرى الفلسطينيين في السجون وتقلصت القدرة الذاتية للمجتمع الفلسطيني على المواجهة والمقاطعة فيما ازداد الاعتماد الرسمي والشعبي على الدعم الاوروبي والامريكي وخفافيش بعض المنظمات غير الحكومية . حدث ذلك مع اعلان التخلي الفلسطيني - العربي الرسمي الكامل عن قضية العرب المركزية ، ووصل الامر حد المشاركة الفعلية في حصار وقتل الفلسطينيين ومحاولة تصفية قضيتهم الوطنية وحقوقهم المشروعة.

مقالات متعلقة