( ولما جاء ملءُ الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة )
ظلّت البشرية جمعاء تئّنُ السنوات الطوال وتنتظر , تنتظر الطريق والحقّ والحياة والراعي الحقيقي ليقودها الى المرعى , حيث لا وجع .تنتظر العريس السرمدي , عريس الأجيال فيأتي صََحَبهُ وأصدقاؤه يُمهدّون الطريق , كل واحد بطريقته واسلوبه والكل يقول سيأتي الأتي ولن يبطئ . الى أن جاء ذاك المُتقشف الناريّ الآراء , يوحنا السابق , فأعلن أن العريس قيد أيام منه , انه الوريث الذي لا يستحق هو (يوحنا ) ان يحل سيور حذائه , لأنه من فوق , من السماء ..... وجئت يا سيدي , جئت مُخّيبًا لآمالهم , فلقد انتظروك ملكا مُتوّجا وقائداً فذاً تقتل وتحرق وتُهيمن .
جئَتَ وديعاً يا يسوع تلتحف التراب والقش , وتنضوي تحت سقف مغارة حقيرة , وأنت التارك الامجاد والسماء والذي لا يوصف .
نحبك ونحبُّ جراحاتك وإكليل شوكك ونذوب هوىً في آلامك وصليبك يا سيدي , وكيف لا نفعل وأنت الذي أحبنا , أحبنا جميعاً من كل شعب وأمّة ولسان , أحبنا حتى المنتهى ,
نحبك وُنغنّيك قصيدةَ شعرٍ ولا أحلى , نرسمها بتأنّ وبحروف من ذهب على مباسم الأيام وجباه الخليقة .
نحبك في آلامك , ونحبك وأنت تمشي على الماء , وتطعم الجياع وتداوي الاوصاب وتشفي العميان وكل علّة .
أي قلب هذا الذي خفق بين جنبيك , أي قلب هذا الذي يذوب حُباً في الخاطئ الأثيم , وفي الغريب والبعيد والقريب في السامرية والفينيقية, جاء في انجيلك يا سيدي " وبكى يسوع " .. " وتحّنن يسوع " ما أرهف مشاعرك يا سيدي , وما أروع أعمالك , تأمر العاصفة فتصمت وتصرخ في الأرواح فتطيع .
أقف دَهِشاً وأنا أقرا سيرتك وسلوكك وحياتك , لا بقعة غبار على سيرتك , , ولا ظل , وعلى بعض شك . المحبة تسير من خلالك على الأرض , تداوي وتُعلّم وترشد ة تزركش وتبني " من اين له هذه الآيات " صرخ اهل الناموس والشريعة اليهود , انظروا كيف تخرج النعمة من بين شفتيه !!, نسوا يا سيدي انك كائن قبل ابراهيم وانه رأى يومك فأبتهج , نسوا انك ظهرت مع موسى في ألعلّيقه , وانك كنت مع دانيال في الجُبّ.
نسوا انّك السرمديّ الازليّ, وانّك الكلمة , كلمة الله...
انّي اعترف انّ قلمي يعجز من ان يُسطّر جزءاً واحداً من مليون من عظمتك وعطائك ومجدك, انّه اعجز من أن يحيط الإله المُتجسّد بالكلمات والمعاني , انّك فوق الكلمات وفوق الأحاسيس وفوق العقول , ولن ندركك إلا بالروح الذي سكبته علينا يوم الخمسين, وما زال يعظ بنا ويرشد ويُعلّم .
يا فتى الأجيال!
أضحى العُنف في العالم نهجاً ومنهجاً , واضحي الظُّلم سيّداً, في حين كلماتك النورانيّة ما زالت ترنّ :
:احبّوا أعداءكم , باركوا لاعنيكم , وصلّوا لاجل الذين يُسيئون إليكم ويضطهدونكم ".
البشرية تئنّ يا يسوع من جديد , تنتظر فكاكاً , تنتظر انعتاقاً , والرموز والاشارات والعلامات تقول: انّك على اكناف السّحاب وأكتاف الغيوم...انّك آت ٍ.
وهذه المرّة يا سيّدي سترى البشرية مسيحاً اخر ...مسيحاً ديّاناً...فهل نحن وانتم مستعدون؟!