الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 07:02

دور الأموات اليهود والمسلمين في السياسة الإسرائيلية - بقلم: إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 26/03/10 14:46,  حُتلن: 07:58

- الشيخ إبراهيم صرصور :

* نحن طبعا مع الحفاظ على حرمة الأموات

* نبقى على ثقة أن هذه الأرض لن يعمر فيها ظالم مهما بغى وتجبر ومهما أمهلته الأقدار وَعَمَّرَ

* لن نتحدث في هذه العجالة عن العدد الهائل من المقابر الإسلامية التي اعتدت عليها إسرائيل منذ قيامها

شهدت الأيام الأخيرة جدلا واسعا وعنيفا داخل المجتمع الإسرائيلي على خلفية إصرار وزير الصحة الإسرائيلي ( الحاخام ليستمان ) ، على نقل مبنى الطوارئ في مستشفى ( برزيلاي ) في مدينة عسقلان / أشكلون ، والذي معناه خسارة الخزينة مئات الملايين من الشواقل ، وذلك بحجة وجود قبور لأموات يهود في منطقة البناء ... اشتد الجدل حول المسألة حتى كادت أن تتحول إلى أزمة حكومية بدأت تهدد وحدة الائتلاف الحكومي ، وتنذر ببداية العد التنازلي لحكومة نتنياهو ... وضعت الحرب داخل الحكومة والرأي العام أوزارها بانتصار كاسح وحاسم للوزير المتدين ( ليتسمان ) ، الذي دافع عن وجهة نظره المستندة إلى الشريعة اليهودية ، فانتصر الأموات اليهود في معركة لا ناقة لهم فيها ولا بعير ، على جحافل ( العلمانيين ) الذين خرجوا بقضهم وقضيضهم ليواجهوا الهجمة ( الليستمانية ) الظلامية على منظومتهم الأخلاقية ، وأولولياتهم ( الدنيوية !!! ) ...

الحفاظ على حرمة الأموات
نحن طبعا مع الحفاظ على حرمة الأموات ، وعليه فنحن مع ( ليستمان ) في موقفه العنيد دفاعا عن الأموات اليهود الذي بدأوا هم أيضا يلعبون دورا مركزيا في السياسة الإسرائيلية وعلى أعلى مستوياتها ، وبدأنا نلمس دورهم البارز في تنصيب الحكومات وإسقاطها على حد سواء ، بينما هم صامتون تحت أطباق التراب ... لقد وجد هؤلاء الأموات من يمثلهم بصدق وإخلاص ومثابرة ، فمن للأحياء العرب في هذه الدولة في مواجهة عنصرية إسرائيل ، ومن لأمواتهم التي انتهكت لحومَهُمْ وعظامَهُمْ جرافاتُ الحكومات الإسرائيلية التي أقامت على جبال جماجمهم وعظامهم فنادقها ومؤسساتها ومساكنها وشوارعها ومحلات ترفيهها ؟؟!!...

أصحاب هذه القبور ليسوا من اليهود
أثارنا إلى حد التقزز ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من أن قطاعا لا يستهان به من المعترضين على قرار ( ليتسمان ) والحكومة وخصوصا من العلمانيين ( الإنسانيين !!! ) حتى النخاع ، ادعاؤهم أن أصحاب هذه القبور ليسوا من اليهود ، ربما من العرب أو مجرد قبور لأمم عاشت هنا قبل ميلاد إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ... سقط حتى المتنورون من اليهود في الامتحان حينما فرقوا بين ميت وميت ، فجعلوا من حيث علموا أو جهلوا ، للميت ( اليهودي ) مكانة أرقى وأعلى من غيره سواء كانوا عربا أو عجما ، تماما كما جعلوا في تعريفهم للدولة مكانا لليهود لا يرقى إليه غيره من أية مجموعة عرقية وخصوصا إذا كان من العرب ، مهما بالغ في تقديم فروض الولاء والطاعة لنظام الدولة ومؤسساتها ، وشيطانها الساكن في أحشائها ... نسي هؤلاء أو تناسوا أن الأموات أيا كانوا فهم بشر ينتمون إلى هذا المجتمع الإنساني الكبير الذي حظي بالتكريم الرباني الخالد في قوله : ( ولقد كرمنا بني آدم ،وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا . " .

الوقاحة الإسرائيلية بلغت في تعاملها مع أمواتنا الحد 
لن نتحدث في هذه العجالة عن العدد الهائل من المقابر الإسلامية التي اعتدت عليها إسرائيل منذ قيامها ، لكننا سنلفت الانتباه هنا إلى الصمت الرسمي والشعبي اليهودي المتدين والعلماني إلا من أصوات ضعيفة ترتفع على استحياء بين الفينة والأخرى ، حيال ما يجري من عدوان سافر وانتهاك فاضح لمقبرة ( مأمن الله ) الإسلامية في القدس الغربية ، والتي تدعم الحكومة الإسرائيلية بناء مستوطنة جديدة على آلاف قبورها وأمواتها من المسلمين من كل العصور ، تحت اسم ( متحف التسامح ) ... إلى هذا الحد بلغت الوقاحة الإسرائيلية في تعاملها مع أمواتنا ، بينما هي وبدعم كامل من كل الوزراء العلمانيين المتنورين والظلاميين يقررون نقل بناء الطوارئ في مستشفى عسقلان إلى مكان آخر بسبب تهديد ليتسمان ... هذه هي إسرائيل على حقيقتها التي لا تخفى إلا عمن عميت بصائرهم ... لكننا نبقى على ثقة أن هذه الأرض لن يعمر فيها ظالم مهما بغى وتجبر ومهما أمهلته الأقدار وَعَمَّرَ...

مقالات متعلقة