الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 18:02

الطيبي: تعطيل النساء هي من أهم أسباب التخلف الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي

كل العرب
نُشر: 08/03/10 15:07,  حُتلن: 17:50

- النائب د. أحمد الطيبي في مقاله:

* بطالة النساء هي من أهم أسباب التخلف الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي

* على الدولة بذل جهد أكبر لتمكين النساء العربيات من الخروج للعمل وتوفير الميزانيات والوسائل المؤسساتية المناسبة لصالح ذلك

* النساء العربيات تتأثرن بنفس المعوقات، التي بالإمكان وصفها بالمؤسساتية، والتي تحول دون اندماج الرجال العرب في سوق العمل

* هذا اليوم يجب ألا يتخذ أي صورة من الاحتفاء أو الاحتفال لأن المرأة العربية ما زالت معطلة ومعنفة ومهملة ويتم إقصاؤها في مجتمع ذكوري يطلق النار على نفسه ويخسر أفضل ما فيه

عام بعد عام تعود الإحصائيات لتأكد بأن بطالة النساء هي من أهم أسباب التخلف الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي لما تحمله من عدم استيفاء للقوة الإنتاجية الكامنة في المجتمع وعدم الارتقاء بالاستقلالية الاقتصادية للنساء العربيات. وعلى الرغم من أوجه التشابه بينهن وبين النساء في الدول العربية إلا أنه بالإمكان الافتراض بأن النساء في وسطنا العربي يعانين من معوقات إضافية تمنع اندماجهن في سوق العمل لا سيما التمييز المضاعف ضدهن بصفتهن ليس فقط إناث إنما كذلك عربيات في دولة تعرف نفسها باليهودية، الأمر الذي ينعكس على مركزهن المهني المتدني إذا ما قورن بالرجال والنساء اليهوديات وحتى بالرجال العرب.
وتتأثر النساء العربيات بنفس المعوقات، التي بالإمكان وصفها بالمؤسساتية، والتي تحول دون اندماج الرجال العرب في سوق العمل، كانعدام البنى التحتية التشغيلية في البلدات العربية، ولكن بدرجة أكبر نظراً لكون إمكانيات التشغيل-التوظيف أمامهن مقلصة أكثر غالباً لارتباطها بسوق العمل المحلي أكثر منه بسوق العمل العام ومنافسة الرجال لهن على أماكن العمل المتوفرة في أماكن سكنهن. أضف إلى تلك، المعوقات الاجتماعية - الثقافية ونظرة المجتمع السلبية تجاه عمل النساء، وخاصةً كبيرات السن منهن. وفي حين تطرح هذه المعوقات الاجتماعية تقريباً في كل نقاش عام كأمر واقع يحول دون خروج النساء العربيات إلى العمل، إلا أننا نعتقد بأنه يجب النظر إليها، من مجرد ماهيتها، كأمر دينامي –حراكي بالإمكان تغييره وقد يتغير بطبيعة الحال مع مرور الوقت وتغير الظروف الحياتية. وعليه، يجب جس النبض من حين إلى آخر ورسم الحدود من جديد في كل مرة لنتمكن من التعامل مع هذه القضية بطريقة أنجع وأكثر تناغماً مع الواقع. أما المعوقات الأخرى والتي تحول دون اندماج النساء في سوق العمل والتي قلما ما تطرح على الطاولة ولكن يجب التركيز عليها بالذات في هذا اليوم، يوم المرأة العالمي، فهي المعوقات الذاتية وعدم مشاركة الكثير من النساء في عملية النهوض بمركزهن أنفسهن. وفي حين لا ننسى بأن تشجيع النساء العربيات على الخروج إلى العمل هي مهمة جماعية تتطلب موارد مؤسساتية ودعم مجتمعي ومجهود فردي، فنحن نعتقد بأن المرأة العربية هي الأكثر قدرة على تغيير واقعها وهي قادرة على ذلك فهي لا تقل بأي حال من الأحوال عن النساء في المجتمعات الأخرى التي سبقتنها في تحصيل حقوقهن. على كل امرأة أن تؤمن بقدراتها وتأخذ دور فعال ومبادر للارتقاء بمركزها وممارسة إمكانياتها الكبيرة ومساهمتها الهامة لمجتمعنا، وعليها أن تفرض وجودها حتى تصل إلى نقطة تحول لا يعود فيها بالإمكان تجاهله!! ... وليصبح هذا اليوم يوم "نهوض المرأة" وليس "النهوض بالمرأة".
النساء "معطلات" وليس " عاطلات" عن العمل !
إن لجنة التحقيق البرلمانية لاستيعاب العرب في القطاع العام التي أقف على رأسها دأبت وبكثافة على مناقشة قضية تعطيل المرأة، من جهة، وتشغيلها، من جهة أخرى، وأشارت إلى أسباب التعطيل المذكور التي تجتمع لتشكل مشكلة شائكة ومتعددة المعوقات، وعليه يصعب حلها بإزالة احد أنواع المعوقات إنما يجب أخذ تلك جميعها بعين الاعتبار والعمل على كافة المستويات من أجل إبطال مفعولها المحبط لعمل النساء. فحل مشكلة المواصلات مثلاً لا يغني عن فقر البنى التحتية التشغيلية داخل بلداتنا العربية، كما أن إعطاء المكرمات الحكومية لأرباب العمل، لا يضمن للمرأة مستوى دخل لائق. وفي هذا السياق نذكر دراسة أعدها مركز مساواة عام 2008 والتي أظهرت بأن الخسارة المباشرة التي يتكبدها الاقتصاد نظراً لاستمرار المشاركة المتدنية للنساء العربيات في سوق العمل تصل إلى 6.2 مليار شيكل في السنة أي ما يعادل ال-1% تقريباً من الناتج القومي المحلي. كذلك فأن خسارة المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل نتيجة لتعطيل المرأة العربية هي خسارة فادحة ليس فقط على المستوى الاقتصادي إنما كذلك القيمي.
ما من شك بأن على الدولة بذل جهد أكبر لتمكين النساء العربيات من الخروج للعمل وتوفير الميزانيات والوسائل المؤسساتية المناسبة لصالح ذلك. على النساء العربيات, من طرفهن، الدأب المتواصل لتنمية إمكانياتهن وتعزيز قدرتهن على المنافسة لاختراق سوق العمل، الأمر الذي سيصب في المرتبة الأولى بمصلحتهن وبمصلحة الارتقاء بمركزهن داخل الأسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام. وعليه أختار بأن تكون رسالتي إلى المرأة العربية في هذا اليوم بأن عليها أن تبادر وتنقض على حقوقها دون أن تنتظر "كرماً" ذكورياً غائباً ولربما إقصاءً ذكورياً. الحقوق هنا أيضا تؤخذ وليس فقط تعطى. كما على المرأة العربية في الداخل الولوج لمجال العمل العام والسياسة وتحديداً في السلطات المحلية لما لها من تماس كبير بقضايا الناس الاجتماعية ناهيك عن أهمية الدخول في العمل السياسي القطري.
هذا هو المكان والزمان لنعود ونؤكد رفضنا الجامح وبلا تردد لما يسمى جرائم الشرف التي تقترف بحق النساء. كنا في العربية للتغيير من أول من تظاهر في الشارع ضد هذه الجرائم فوراً عند دخولنا الكنيست في مظاهرة مميزة في مدينة الرملة التي شهدت تكرارا لهذه الجرائم.
نهايةً نقول بأن هذا اليوم يجب ألا يتخذ أي صورة من الاحتفاء أو الاحتفال لأن المرأة العربية ما زالت معطلة ومعنفة ومهملة ويتم إقصاؤها في مجتمع ذكوري يطلق النار على نفسه ويخسر أفضل ما فيه. 

مقالات متعلقة