الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 02:01

وباء.. وبكاء في "عين إبراهيم" سطور يكتبها ينال السعد على صفحات العرب

كل العرب
نُشر: 23/02/10 19:09,  حُتلن: 22:26

إلى من يُسمون أبناءهم باسم أجمل ما خلق الله.. الورد.. بينما يسِمون خلق الله ويزرعون الشوك في كل بيت.. ثم يحتسون القهوة السوداء ـ لون قلوبهم ـ في موسم الحصاد.. حصاد الشوك في مآتم ذوي القربى والأحبة.. خصصت فصلاً من المقال.. لعلهم يتقون مبدع "الورد" و "الياسمين"...
لا أعرف كم يجني هؤلاء الناس لقاء دمع الثاكلين.. لكن جلّ ما أعرفه أن " عين إبراهيم" فاضت من كثرة دموع أهلها.. وناحت على رحيل أبنائها واحداً.. يتلوه آخر.. واستاء حال أهلها حتى خرجوا إلى الشارع منادين باسم الأخلاق النبيلة وباسم مهابة الرب الذي سنلقاه جميعاً.. أن تُزال هوائيات الإرسال من حيهم عن بكرة أبيها.. فهذه الهوائيات التي تلوث هواء الحي بالإشعاع القاتل الذي لا زال يهدد حياتهم وحياة أبنائهم وأقاربهم وأحبتهم نغصت سير الحياة ومعدل الأعمار حيث لا تكاد تمر برهة من الزمن حتى نسمع قعقعة مكبرات الصوت في المآذن يتلوها إعلان وفاة.. لا نكاد ننسى مأتماً حتى يحفر الدمع مجدداً نهراً على وجنات " عين إبراهيم" ... ومسبب الموت السائد في جميع حالات الوفاة.. مرض السرطان الذي تسببه إشعاعات هوائيات الإرسال تلك.. سؤالي الإستنكاري يا سادتي هو.. أين نُصبت هذه الهوائيات؟؟ الإجابة التي باتت بديهية لكل طفل يتمزق هلعاً في انتظار وفاة والده.. أو ولادته.. أو موته هو عينه.. هنالك أكثر من خمس عشرة هوائية منتشرة على أسطحة منازل أهالٍ من ذات الحي... أشد ما يحير يراعي وأنا أخط كلمات هذا المقال.. وأكثر ما يسبب تشابك حاجباي.. أن أصحاب تلك المنازل التي نصبت فوقها الهوائيات.. هم بحد ذاتهم فقدوا أحباء.. وأصدقاء.. وآباء وأمهات.. فماذا ينتظرون؟؟؟ وما يحيرني أكثر.. أن منهم من يحاضر في المرافق الإجتماعية والمؤسسات التربوية عن مخاطر الإشعاع .. وما تؤول إليه حال من يقضي ساعاتاه أمام شاشات الحاسوب والتلفاز !!! بالله عليكم.. أممن يعقلون أنتم؟؟؟ هذا أبوه قضى نحبه بعد عناء مع السرطان.. وذاك زوجة قريبه باتت تعد أيامها.. وآخر يقتله سؤال يلح عليه.." لم بات جاري أصلع الرأس؟؟ رحم الله زمن نعومة الشعر .. " , إلى هؤلاء أقول.. أثبتت البحوثات أن الإشعاعات االناتجة عن هوائيات الإرسال هذه مسبب مباشر للإصابة بأمراض السرطان, حيث أن كمية الإشعاعات الصادرة عنها تفوق الإشعاعات الصادرة عن شاشات التلفاز والحاسوب بأضعاف الأضعاف.. إتقوا الله بما تصنعون.. فهذه الأموال التي تجنون ليست إلا ثمن دموع جيرانكم من أبناء هذا الحي الناضج الهادئ المتناسق الذي كانت تضرب الأمثال بنقاء جوه وصفاء عينه وروعة طبيعته وسكينة أهله.. فكفاكم بالله عليكم ألا تكفي أحصائيات حالات الوفاة وأسبابها ؟؟ ألا يكفينا تنقلاً من بيت عزاء إلى بيت عزاء؟؟ بالله عليكم ما أتنم فاعلون إذ يسألكم الخالق يوم تُسألون عن الأرواح التي تسببتم بموتها.. وعن الدموع التي تركها الزمن بصمة وتوقيعاً وشهادة على صنيعكم..
إلى من يقولون منكم.. الله فقط من يقدر ساعة الموت.. ومن تأتيه ساعته يموت.. أقول نعم .. تماماً كمن يُقتلون رمياً بالرصاص.. إلى من يقولون " كيف بدنا نتخرف بالبلفون".. أقول هنالك أكثر من طريقة أفضل من نصب أكثر من خمس عشرة من هوائيات الإرسال في نفس الدائرة .. كمٌ هائل من الإشعاع يشوه حياة الآلاف.. وأول من سيتجرع كؤوس الندم هو أنتم.. فكفوا قبل أن تفقدوا ورودكم وياسمينكم .. فلن تضركم التضحية بمدخول ثمن الهوائيات مقابل صحة أبنائكم وذويكم.. وانصرفوا إلى أعمالكم لعل الله يغفر لكم ويهديكم.. في ختام القول لا بد من فصيح قول يشد على أيدي ماجدات هذا البلد من بنات حي "عين إبراهيم" اللواتِ اجتمعنَ على إعلاء خير هذا البلد .. ولا بد من ثناء لكل من يساندهن في نضالهن في سبيل تحقيق مستقبل أفضل.

مقالات متعلقة