الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 07:01

بريطانيا دولة محتلة بلا سيادة- بقلم: الدكتور/ السيد مصطفى أحمد أبو الخير

كل العرب
نُشر: 20/02/10 11:49,  حُتلن: 07:17

* بريطانيا دولة محتلة وبلا سيادة داخلية أو خارجية، لأنها لم تستطيع تطبيق قانونها الجنائي الوطني

* السيادة الخارجية للدولة تتمثل في كون الدولة تتخذ قراراتها في العلاقات الدولية، بحرية تامة ودون تدخل من أحد

بريطانيا العظمى الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس قديما، أصبحت الآن ليست كما كانت من قبل، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل غدت دولة محتلة بلا سيادة، وهذا الأمر حقيقي وليس سخرية أو تجني عليها، وفي هذا المقال نبين حقيقة ذلك والمظاهر التي تنطق عليها، تبينا لكل ذي لب هذه الحقيقة.
بداية نبين معني ومفهوم ومضمون مصطلح السيادة في القانون الدولي المعاصر، للسيادة في القانون الدولي مظهران داخلي وخارجي، السيادة الداخلية في القانون الدولي تعني أن القانون الوطني للدولة هو الذي يطبق داخل الدولة نفسها، ولا يطبق قانون غيره، أو تمنع الدولة من تطبيق قانونها علي إقليمها، أو يحد من تطبيقه من قوي خارج نطاق إقليم الدولة، وإذا حدث أي مما سبق، تكون الدولة في القانون الدولي دولة أما بلا سيادة في حالة المنع الكلي من تطبيق القانون الوطني لها سواء الجنائي أو المدني أو الإداري، وتكون الدولة ناقصة السيادة في القانون الدولي، إذا كان المنع من تطبيق القانون الوطني داخل إقليم الدولة منعا جزئيا.
والسيادة الخارجية للدولة تتمثل في كون الدولة تتخذ قراراتها في العلاقات الدولية، بحرية تامة ودون تدخل من أحد، ولا تتخذ مواقفها الدولية نتيجة ضغط خارجي من أي دولة من الدول، وإذا حدث أن الدولة كانت قراراتها ومواقفها في العلاقات الدولية في المجتمع الدولي نتيجة ضغط من قوي خارجية أو من دولة من الدول، تكون الدولة في هذه الحالة محتلة وبلا سيادة أو ناقصة السيادة.
ترتيبا علي ما سبق، فإن بريطانيا دولة محتلة وبلا سيادة داخلية أو خارجية، لأنها لم تستطيع تطبيق قانونها الجنائي الوطني، عندما أصدرت محكمة بريطانية أمرا بالقبض علي المجرمة تسيبي ليفني، ولم تستطع بريطانيا أن تنفذ قرارا وتطبق قانونها الجنائي الوطني، بل الأغرب من ذلك أنها عرضت علي المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة وصرحت بذلك صراحة من أنها سوف تغير من قانونها الجنائي الوطني بما يوافق مصلحة الإسرائيليين ، ضاربة بذلك عرض الحائط بالمصلحة الوطنية، وفي هذه الحالة تكون بريطانيا دولة بلا سيادة ومحتلة من قبل الاخرين .
وتطبيقا للقانون البريطاني كان ينبغي أن يبلغ الأمر إلي الإنتربول الدولي للقبض علي المتهمة تسيبي ليفني ، كما فعلت إمارة دبي في حادث اغتيال المبحوح فيها في التاسع عشر من يناير عام 2010م، ولكنها لم تفعل ولن تفعل لأنها لا تملك ذلك والأمر ليس بيدها، ولا يمكن الاحتجاج في ذلك بالعلاقات الدبلوماسية لعدة أسباب أن تطبيق القانون الوطني صنو السيادة وعنوانها، ثانيا لأن أمر القبض والمحاكمة يكفله القانون الدولي طبقا لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لعام1977م، مما يؤكد مقولة أن بريطانيا دولة محتلة وبلا سيادة.
الأمر الثاني في عام 1986م استخدم الموساد الإسرائيلي جوازات سفر بريطانية مزورة، وارتكبت بها جريمة من الجرائم واكتشف الأمر، ويعد ذلك جريمة طبقا للقانون البريطاني وكافة القوانين الجنائية الوطنية، ومع ذلك لم تستطع بريطانيا تطبيق قانونها الجنائي علي المتهمين، ورضيت باعتذار من قبل الإسرائيليين ، علما بأن هذا النوع من الجرائم لا يصح ولا يجوز فيها التصالح، لأنها تمس أمن الدولة العليا والتي لا يجوز التفريط فيه.
وفي يناير الماضي كشفت شرطة دبي عن استخدام العصابات الصهيونية لجوازات سفر بريطانية مزورة في اغتيال المبحوح، وأصدرت قرارات بالقبض علي المتهمين، وأبلغت الإنتربول للقبض عليهم، في الوقت الذي اكتفت فيه الحكومة البريطانية باستدعاء السفير الإسرائيلي لإبلاغه بالواقعة.
والدول ذات السيادة ترجع الأمر في هذه الحالات إلي القضاء بالتعاون مع سلطات التحقيق التي اكتشفت هذا التزوير، ولكن الذي حدث خلاف ذلك ومخالفة للقانون الوطني البريطاني، أي أن بريطانيا لم تستطع تطبيق قانونها الوطني هنا أيضا ولم ولن تستطيع تطبيقه علي القادة الاسرائليين وأفراد الموساد العاملين على أراضيها ، مما يدل دلالة واضحة أنها بلا سيادة ومحتلة، هذا عن السيادة الداخلية.
أما من ناحية السيادة الخارجية فالأحداث التي تعرض لها المجتمع الدولي وخاصة منطقتنا العربية والإسلامية في تسعينات القرن الماضي في حرب الخليج الثانية عام 1991م والثالثة عام 2003م وفي الحرب ضد أفغانستان عام 2002م، والتي ظهر فيها رئيس الوزراء البريطاني تابع للسياسة الخارجية الأمريكية وكان يكتفي فقط بترديد مزاعم الرئيس الأمريكي، وقد لاحظ المجتمع الدولي أن بريطانيا كانت تابعة في كل شيء للولايات المتحدة الأمريكية، في كافة الأحداث التي حدثت، ولم تتخذ موقفا واحد أو قرارا واحدا أو حتى رأيا وحدا ضد ما تريده الحكومة الأمريكية، وكانت السياسة الخارجية البريطانية مرهونة ومرتبطة بتبعية واضحة لا تحتاج لدليل، بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية ولازالت حتى تاريخه التبعية واضحة، مما يؤكد أن بريطانيا مقيدة بل فاقدة لاستقلالها وحريتها في اتخاذ القرارات بشأن العلاقات الخارجية، مما يدل على أنها محتلة وبلا سيادة خارجية.
إذا كانت دولة فاقدة للسيادة الوطنية الداخلية والخارجية فلا تستطيع تطبيق قانونها الوطني علي إقليمها فيه محتلة وبلا سيادة، وإذا كانت قراراتها الخارجية المتعلقة بالعلاقات الدولية ليست ملكا لها بل هي مرهونة بتبعية واضحة لدولة أخري فهي فاقدة للسيادة الخارجية، فأين الاستقلال أذن، حقا أنها دولة محتلة. 

مقالات متعلقة