الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 18:01

محطات على مفارق السياسة الإسرائيليّة

بقلم : النائب
نُشر: 18/02/10 10:17,  حُتلن: 10:18

الحرب الإيرانيّة الإسرائيليّة
التهديد المتبادل الإيراني الإسرائيلي حتى ولو كان لا يتعدّى التصريحات الناريّة حتى اليوم، وحّد ويوحد الرأي العام الإسرائيلي، واستطاع حكام إسرائيل خلق أجواء لدى الإسرائيليين بأن هذا الخطر محدق وهو فعلا تهديد كيانيّ. رغم أنّ المراقب يستطيع وبسهولة أن يصل إلى خلاصة أن نتانياهو واستراتيجيوه يعرفون حقّ المعرفة أن خطرا كهذا بعيد الحصول، وبوضعهم إياه على هذه الدرجة من الاهتمام ما هو إلا هروب إلى الأمام أمام استحقاقات إسرائيل تجاه القضيّة الفلسطينيّة، هذه الاستحقاقات الكفيلة بإسقاط أي حكومة إسرائيليّىة حتى كالقائمة اليوم والمتجانسة مبدئيأ، لذلك فالتركيز على إيران ما هو إلا حربا على البقاء الحكومي وليس البقاء الكياني الإسرائيلي.
تنشب الحروب عادة إما انطلاقا وعلى خلفيّة تناقض مصالح تناحريّ أو انطلاقا وعلى خلفيّة تناقض قيميّ. إسرائيل ترى وعلى الأقل هكذا تدّعي أنّ الحرب التي تنوي إيران شنّها عليها هي حرب قيميّة وليس مصلحيّة فهي أي إسرائيل لا تشكّل أي خطر جدّي على المصالح الإيرانيّة الماديّة.
فحرب إيران على إسرائيل مرتبطة بالذهنيّة الإسلاميّة الشيعية – الخمينيّة والقائلة إن إسرائيل هي خطيئة تاريخية بمجرّد وجودها، أو وجود اليهود ليس تحت سلطة إسلاميّة لا بل تحكم مسلمين ومغتصبة أرضا إسلاميّة وبالذات في القدس. وهذه بحد ذاتها خطيئة في حقّ الإسلام والمسلمين وفقط بإزالة إسرائيل وإعادة الأرض والسلطة ليد المسلمين يمكن أن يكفّر عن هذه الخطيئة ويعيد العدل إلى نصابه ولا مجال للمساومة في ذلك.
هذا الموضوع بات شغلا ليس فقط للساسة الإسرائيليين وإنما للكثيرين من الباحثين الإسرائيليين، يتناولونه من شتّى جهاته مكرسّين له اهتماما خاصّا ولو من باب الحذر، فالفيزيائي والباحث موشي فيرد تناول الحرب الإيرانيّة الإسرائيليّة ببحث جدّي صادر عن مركز بيجن –السادات للشؤون الاستراتيجيّة وتحت عنوان: "مدّة الحرب وشروط انتهائها في حرب مستقبليّة بين إيران وإسرائيل".
دراسة هذا البحث بعمق توصلنا إلى الخلاصة أن حربا كهذه بعيدة الوقوع رغم كل ما نشهده من وضع خطر نشوبها وكأنه قاب قوسين أو أدنى منّا، ونشهده في انشغال حكام إسرائيل فيها صبح مساء وإشغالهم كل من حولهم والعالم بها، فلا تغيب إيران لا بل هي على رأس جدول أعمال كل لقاءاتهم الدوليّة.
يقول فيرد وبالاعتماد على مصادره الكثيرة والمتنوعة أن لا أحد يعرف متى ستنشب مثل هذه الحرب في المستقبل المرئي، إذا كانت ستنشب أصلا. وهنالك من يعتقد أن حربا كهذه غير متوقعة وبالأساس لأن لا تناقض مصالح حقيقيا قائم بين إيران وإسرائيل. ومع هذا فالخوف من إمكانيّة نشوبها يحتّم ولو من باب اليقظة، تحضيرات إسرائيليّة ملائمة: ذهنيّة وسياسيّة واستراتيجيّة وعسكريّة في مواجهة مدتها الطويلة المتوقعة وخلق ظروف إنهائها السريع المرغوب والمطلوب لإسرائيل.
تصريحات نائب وزير الخارجيّة لا تستأهل الغضب!
حظيت تصريحات نائب وزير الخارجيّة الإسرائيليّة داني أيالون المنشورة في مقابلة معه في جريدة الشرق الأوسط نهاية الأسبوع الفائت، على ردود فعل كثيرة على يد قيادات عربيّة ومن غالبيّة القوى السياسيّة، منها من استفزتها هذه التصريحات ومنها من أغضبتها ومنها من تعاملت معها ببرودة أعصاب وحتى "إيرونيّا".
نحن فهمنا حتى الآن أن البرنامج السياسي لحزبه "يسرائيل بيتونو" هو ترحيل العرب في ال48 كليّة، وإلى الكيان الفلسطيني الذي سيقام على جزء من "أرض إسرائيل" الموعود بها شعبهم المختار بعد أن يتنازلوا عنه للفلسطينيين التي شاءت الأقدار أن يسكنوا هذه الديار بعد أن شرّد الرومان اليهود منها.
لا نريد هنا طبعا أن نذكّر بأن الشعار الصهيوني "شعب بلا أرض يعود إلى أرض بلا شعب" سقط ليس فقط مع بداية "العودة" في نهايات القرن التاسع عشر، بل سقط قبل ذلك بألفيات من السنين حيث أن آباء الفلسطينيين وبالذات الكنعانيين كانوا أهل هذه الأرض وقبل أن "يعود" إليها شعب إسرائيل من مصر !.
فماذا يقول أيالون ؟!
يقول أنه يجب إلحاق الفلسطينيين في مناطق مكتظة بهم قريبة من الحدود لدولة فلسطينيّة فلماذا نعطي الفلسطينيين أراض خالية في النقب؟ ويفسر لاحقا قوله بأنه يقصد منطقة المثلث المتواصلة جغرافيّا. لا أعتقد أن أهل المثلث يرفضون هكذا عرض إذا كان إلحاقهم يشمل كذلك أراضيهم التي صودرت، فلن يرفض أهل أم الفحم الإلحاق إذا شمل ذلك اللّجون مثلا !
ويضيف أيالون وحرفيّا : "الطلب من إسرائيل بوقف البناء في المستوطنات، يشبه الطلب من الفلسطينيين التنازل عن حق العودة". في نقاشي الموضوع في الكنيست قلت: لو كنت مستشارا للسلطة الفلسطينيّة لاقترحت عليها قبول هذه المعادلة فأيالون في قوله هذا يقترب من حل الدولة الواحدة، ولذلك إمّا نحن لا نفهم برنامج حزبه أو هو غير فاهم برنامج حزبه أو أنّ وجوده في هذا الحزب هو محض صدفة وما كان إلا سلّما للكنيست !
هذه التصريحات لا تستأهل لا غضبا ولا شعورا بالاستفزاز وفي أضعف الإيمان لا تستأهل أكثر من التعامل معها "أيرونيّا".

مقالات متعلقة