الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 15:02

ميسون أسدي عبر صفحات موقع العرب تكتب سطورها في قصتها: الى...

كل العرب
نُشر: 17/02/10 10:24,  حُتلن: 10:27

الى حضرة كارم المحترم
اكتب إليك كلماتي وأنا على عجلة من أمري، أرجو أن تصلك رسالتي وأنت بخير، وتمام التمام كما عهدتك..
أما بعد سـأصارحك بالحقيقة : كنت أستشيط غضبا كلما خرجنا معا، وأنت تدّعي أمامي بأنك لا تحمل نقودا، بسبب رسوم دراستك، ومصاريف بناء بيتك الجديد المحاذي لبيت أمك، اعتدت على نهجك رغم مشاعري بالحزن والإرباك ولكني.. احتقرتك في داخلي.
واعلم أيضا، بأنني لم أحب يوما ما مشاهدة أفلام الفيديو لإسماعيل ياسين، وكنت أشاهدها معك، تملقا لك، لأوهمك كم نحن متوافقان في كل شيء حتى في لهونا، نعم أحببت مرافقتك لمشاهدة الأفلام السينمائية مرتين في الأسبوع وجلوسنا في المقاهي والمطاعم.
على فكرة! نسيت يا كارم أن أخبرك، كم كان هذا مريعا وغير مفهوم لي، عندما كنت تسألني، إذا كنت بحاجة إلى نقود، وأجيبك بالنفي على مضض، تلزمني أن اصرف عليك، وتسألني إذا كنت بحاجة إلى نقود.. لا أعرف كيف احتملت نفاقك؟ أطلب منك أن ترجع لي ما أخذته مني من مال:
- 200 شاقل عندما اشتريت حاسوبًا
- 80 شاقل، دفعت عنك ونحن في مقهى "شينكين"
- 95 شاقل،اشتريت لك فواكه وخضروات
- 80 شاقل ثمن الحذاء الرياضي الذي طلبت أن اشتريته لك
- 100 شاقل متفرقات من حليب وجبنه وخبز
- استلفت مني مبلغ 350 شاقل عندما استقبلت ضيوف في بيتك
- المبلغ الكلي 905 شاقل
بعد أن أنهت "هبة" رسالتها، نظرت إليها برهة ثم قامت بتمزيقها وأخذت ورقة أخرى وكتبت من جديد:
***
إلى عزيزي كارم
يرتعش قلبي، كلما طلع القمر بشعاعه اللامع السحري، وتبعثرني طقطقة أوراق الشجر، وصفاء النفس قد برحتني وأنا أستذكرك ونحن نسير معا في أزقة وشوارع لا يعرفنا بها احد. أحببتك حبا فاق كل تصوراتي، كم تمنيت أن تتزوجني يا حبيبي، كما تكون نهايات قصص الحب في الأفلام، فتصدني بأنك لا تفكر في الزواج، وحرصت أن تنبهني لذلك دائما.
لا ريب في هذا ولا جرم يا حبيبي إذا سألتك أن تتزوجني، فأنا أغار من الحمام إذا رأيت زوجين يتناغمان معا، أغار من ابنة الجيران المخطوبة، أغار من صديقاتي اللواتي يتزوجن الواحدة تلو الأخرى، أغار من أمي لأنها برفقة أبي، أغار من كل نساء العالم المتزوجات وأراك في كل الر جال المتزوجين.
مهلا.. مهلا يا حبيبي، لا أنكر لجاجتي، أردت أن أتزوج بكل ثمن، فالعمر يمضي، وطاقتي التي تكاد تتفجر بداخلي ستقتلني، أشعر بحاجة شديدة إليك، أتقلب على فراش من الجمر والوحدة حينما يحل المساء.
صرحت أمامي يا كارم، وشيء من الاضطراب يشيع في صوتك، تزوجي إذا جاء نصيبك.. كم مرة بكيت حبًا لك، كم مرة رجوتك أن أبقى معك، كم مرة تنصلت من المسؤولية تجاهي، كم من معركة وشجار دار بيننا حول زواجنا، كم من مصالحة وقبلة وقعت بيننا.
وبطلب منك، انتظرك كالطفلة، أمام نادي كمال الأجسام ثلاث مرات في الأسبوع، وفي جعبتي الساندويشات والفيتامينات والمنشطات، فعضلاتك المفتولة كالمصارعين، بحاجة إلى الغذاء والدواء.
أنت القائل من لم يخاطر بشيء لا يظفر بشيء! وخاطرت من أجلك بكل شيء لتوطيد أواصر العلاقة بينينا والتقينا سرا، قبلتني بشغف.. بداية، لم تتخط القبل معي، بحجة انك رجل متدين، تثيرني وتبتعد عني باسم الدين، فضت أدبا في تصرفاتك وتعاملك معي، لكن أدبك استفزني وحيرني ولم تفهمه مداركي!
ربطتنا لقاءات حميمة ساحرة وبهية، ارتسمت بفوضويتها الجميلة مزينة بعربدة الشباب، وفور الانتهاء من حالة الانخطاف، نظرت إلي بعيون محبة ولامست جسدي بأناملك من قمة راسي حتى أخمص قدمي، وعيونك تشوبها البكاء، شكرت الرب على إبداعه في التفنن بخلقه للمرأة.
تأففت هبة وقالت لنفسها: لا، لن تنفع هذه الكلمات السخيفة مع كارم، لن يبالي، ومزقت الورقة ثانية، سحبت ورقة أخرى ووضعت القلم جانبا وأخذت تفكر: ماذا اكتب، وسارت في الغرفة ذهابا وإيابا، غسلت وجهها وتروت، وكتبت من جديد:
****
إلى حبيبي وقرة عيني كارم
ستصلك كلماتي هذه حينما أكون قد فارقت الحياة.
اليوم الساعة الخامسة، سأشنق نفسي أو اقطع شرايين يدي، الموت أهون لي من فقدانك ومرارة فراقك. كنت مستعدة أن أنفذ أي شيء تطلبه مني، سألتك للمرة الألف، بان تتزوجني كما تتزوج النساء، فوضعت يدك على رأسك وزفرت زفرة ثقيلة وقلت لي: أخفيت عنك طوال هذه المدة، بان أمي ترفضك أنت شخصيا، فهي تريد لي زوجة متدينة، وأنت غير ذلك؟؟
إرضاء لامك، احتشمت في ملابسي، وصمت شهر رمضان، وقطعت علاقاتي مع الأصدقاء الذين لم ترغب بهم، تبعتك في كل شيء وكنت مستعدة أن افعل أكثر من ذلك، أن أصلي، ان أتحجب إذا كان هذا ثمن الزواج، لكن كما يبدو انك كنت متفقا مع أمك في الرأي، فلماذا جررتني بحبك أربعة أعوام.
تأثرت هبة بما كتبت وانزلقت دمعاتها على أوراق الرسالة فتفشى الحبر وبهتت الكلمات على الورق، وكأنها كانت إشارة محفزة لتمزق هذه الرسالة أيضا. تركت الكتابة وقررت أن تخلد إلى النوم، وما أن وضعت رأسها على الوسادة، حتى قفزت وتناولت ورقة أخرى وكتبت:
***
إلى الزفت كارم
أرجو أن لا يغرب عن بالك أنني لم أكن صادقة ونزيهة بعلاقتي بك، علمتني الكذب، كيف اكذب ومتى، واحمد الله أننا لم نتزوج، لأنه لو حصل، لأنجبنا أولادًا متمرسين بالكذب وألوانه، كأبيهم وأمهم. هل تذكر عندما كنت أصوم رمضان لأجلك، كان هذا أمامك فقط، لكنك ما أن تبارحني حتى ادخل إلى المطبخ وأتناول كل ما تشتهيه نفسي، وبغيابك كنت اخلع الملابس المحتشمة، وارتدي المايوه البكيني على شاطئ البحر، وأصدقائي الذين ادعيت بأنني تركتهم من أجلك، كنت التقي بهم سرا. وأنا أعلم بأن أمك ليست السبب المباشر في عدم زواجنا، بل أنت غير مقتنع بي، وأنت على حق، فأنت تريد زوجة تقول لك "شبيك لبيك" وتكون خاتما في يديك، وأنا لن أكون كذلك..
تبسمت هبة بطرف شفتيها، وفكرت قليلا وأردفت كاتبة.. أردت الزواج فقط، وان لم تكن أنت فغيرك، ولكنك كنت في متناول اليد.
أف! يا للخزي، كيف بقيت في رفقتك كل هذه المدة الطويلة والملل يدب في نفسي.
باي، باي.. أنا ذاهبة، بلا رجعة، أنا سأتركك الآن، لا أريد الزواج بك بسبب شخصك، لن أقف حجر عثرة في طريق زواجك، جد أخرى تصرف عليك النقود.
عطست هبة بملء شدقيها.. تأكيدا على صدق أقوالها وأفعالها، وضعت القلم جانبا، تثاءبت وأسندت ذقنها إلى كفتي يديها، فكرت قليلا وتنهدت مرتاحة لما كتبته، ومرة أخرى قررت أن تخلد إلى النوم، غفت قليلا وبعد لحظات نهضت مسرعة مزقت الرسالة وعادت إلى النوم.
بعد مرور 3 سنوات أخذت هبة ورقة وكتبت:
إلى كارم
وصلتني أخبارك. وصدقني باني غير شامتة بما سمعت، علمت بأنك تطلقت من زوجتك المتدينة والتي تصغرك بخمسة عشر عاما، واكتشفت أن تدينها كان يغلف امرأة سيئة المعشر وبذيئة اللسان. وأنها جرتك في أروقة المحاكم واستولت على بيتك الذي بنيته وأنا معك، وحصلت على الوصاية على أولادك وأجبرتك على أن تدفع نفقتها ونفقة الأولاد..
مرة أخرى أقول لك بأنني لست شامتة، ولم اعد أفكر بالزواج منك أو من غيرك، ولن أطالبك بالنقود التي أخذتها مني. ومجموعها يصل إلى 905 شاقل.
لم تمزق هبة الرسالة هذه المرة، بل قامت بوضعها بين دفات احد الكتب المرصوصة على مكتبتها.
بعد مضي عام، كانت هبة تمسك بسماعة الهاتف وتضعها على أذنها، أغلقت السماعة بغضب وذهبت إلى رف الكتب تبحث عن الرسالة وجدتها ومزقتها واستلت ورقة جديدة وكتبت:
إلى الزير كارم
- مبروك الخطوبة الجديدة، هل تذكر المبالغ المالية التي أخذتها مني وهي:
- 200 شاقل عندما اشتريت حاسوبًا
- 80 شاقل، دفعت عنك ونحن في مقهى "شنكين"
- 95 شاقل،اشتريت لك فواكه وخضروات
- 80 شاقل ثمن الحذاء الرياضي الذي طلبت أن اشتريته لك
- 100 شاقل متفرقات من حليب وجبنه وخبز
- استلفت مني مبلغ 350 شاقل عندما استقبلت ضيوف في بيتك
- المبلغ الكلي 905 شاقل
اطلب منك أن تعيدها فورا.
تنبهت هبة بأنه بعد نصف ساعة، سيأتي لزيارتها صديقها الجديد الذي أبلغته منذ بداية العلاقة بينهما بأنها لا تريد الزواج به وهي تتوقع أن يحدث عكس ذلك..
أخذت الورقة وعجنتها بيدها عدة مرات ورمت بها من النافذة..
 

مقالات متعلقة