الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 08:01

ما احوج منطقة الشرق الاوسط لمؤتمر دولي للسلام- بقلم: لؤي زهيرالمدهون

كل العرب
نُشر: 03/02/10 08:34,  حُتلن: 08:09

* القيادة الفلسطينية لم تدخر جهدا من حقن الدماء والوصول الى حل سملي للقضية

* الموقف الاسرائيلي المتعنت هو اساس عدم عقد مؤتمر موسكو للسلام في الشرق الاوسط

* التسوية الفلسطينية – الاسرائيلية يجب ألا تبدأ من صفحة بيضاء ، بل ينبغي أن تراعي تللك الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل إليها سابقا 

يبدو من الانباء الصحفية التي تذاع عبر وسائل الاعلام المرئي والمسموع والصحف الالكترونية والورقية لكبار المسئولين الروس والعرب والاسرائيلين وحتى الفرنسيين أن الموقف الاسرائيلي المتعنت هو اساس عدم عقد مؤتمر موسكو للسلام في الشرق الاوسط ، نظرا لكون استئناف المفاوضات بين الجانبيين الاسرائيلي والفلسطيني يعتبر شرطا اساسيا لعقد مؤتمر موسكو الدولي حول الشرق الاوسط ، حيث أن الهدف الروسي من وراء المؤتمر لا يكمن بعقده بقدر ما سيمثل هذا المؤتمر لمرحلة مصيرية حاسمة على طريق تحريك عملية السلام في الشرق الاوسط على كافة المسارات " الاسرائيلي ، الفلسطيني ، السوري ، اللبناني " ، وهذا ما جعل الدبلوماسية الروسية تعكف منذ سنوات على اجراء مشاورات مع كافة الاطراف المعنية للوصول إلى نتائج ترتضيها جميع الاطراف ، ومن اجل أن تتخذ هذه الاطراف مواقف متقاربة وليست متباعدة .
على الرغم من ترحيب الاطراف العربية لمؤتمر موسكو لكونه يهدف إلى استقرار السلام في منطقة الشرق الاوسط القائم على أسس مباديء مؤتمر مدريد للسلام " الارض مقابل السلام " ، وككونه ايضا سيؤكد على موقف المجتمع الدولي الداعي إلى أن تكون التسوية نهائية و شاملة ، وكذلك على وجود المسارين السوري واللبناني إلى جانب المسار الفلسطيني ، وأن التسوية الفلسطينية – الاسرائيلية يجب ألا تبدأ من صفحة بيضاء ، بل ينبغي أن تراعي تللك الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل إليها سابقا ، إلا أن الحكومة الاسرائيلة ومنذ أن اعلنت روسيا عن نواياها لعقد هذا المؤتمر لم تدخر جهدا لافشاله أو طمسه من جدول أعمال المجموعة الدولية ، وعلى رأسها اللجنة الرباعية وهذا ما كان في مؤتمر باريس ، الذي اتخذت اسرائيل من خلال دبلوماسيتها الهادئة سلسلة من الخطوات الدبلوماسية ، خلال مناقشات الرباعية الدولية في باريس، من أجل منع أي ذكر لمؤتمر موسكو في البيان الختامي للرباعية ، وهذا ما كان لها حيث استجابت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للطلب الإسرائيلي.
إن استناد اسرائيل إلى موقف حركة المقاومة الاسلامية – حماس ، كونهم يعتبرونه عقبة منيعة تعترض عملية السلام ، لم يكن مبررا في ظل تأكيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لسلطانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي بأن حماس لن تضع العراقيل على طريق استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية والتوصل إلى اتفاق سلام ، ولكن الرغبة الاسرائيلية في تقويض فرص الحل وفقا لمرجعيات العملية السلمية وقرارات الشرعية الدولية جعلها تعرب عن استيائها بدلا من ترحيبها بالانجاز الروسي ، معللة رفضها وعدم رضاها عن مواصلة المسئوولين الروس للاتصالات مع مسؤولي حركة حماس ، ما دامت الاخيرة لم تعترف بحق اسرائيل بالوجود ، وهذا ما نرى فيه سببا اخر لافشال مؤتمر موسكو للسلام ، وخاصة وان الكثير من الاحزاب السياسية في اسرائيل والتجمعات الدينية ما زالت لا تعترف بمنظمة التحرير وبحق الشعب الفلسطيني بالوجود ، ولم تتخذ منظمة التحرير او السلطة الفلسطينية من ذلك ذريعة وعقبة في تحقيق السلام ما دامت المفاوضات والاتفاقيات تبرم بين الحكومات وليست الأحزاب والجماعات .
إن استمرار اعتراض اسرائيل لعقد مؤتمر موسكو للسلام كإستمرار لمؤتمر انابولس ، واستمرارا لغطرستها بعدم قبول مرجعيات عملية السلام ، وقبولها وترحيبها لمؤتمر باريس للسلام الذي تعكف الحكومة الفرنسية على الحصول على موافقة الدول الاطراف المعنية من خلال زياراتها المتكررة للمنطقة ، نظرا لكون الرؤية الفرنسية تنسجم مع الموقف الاسرائيلي ، والتي تكمن في العودة السريعة إلى طاولة المفاوضات دون الالتزام الاسرائيلي بمرجعيات العملية السلمية والعملية التفاوضية وخاصة المرحلة الاولى من خارطة الطريق فيما يتعلق بموضوع الاستيطان المتضمنة إلتزام الحكومة الاسرائيلية بإخلاء النقاط الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار مارس 2001 وتجميدها لجميع النشاطات الاستيطانية بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات تماشيًا مع تقرير مِيتشِيل .
وكون الرؤية الفرنسية لعقد مؤتمر باريس للسلام غير مرحب بها فلسطينيا ، ومن غير المتوقع ان يوافق عليها الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نظرا لكون الالتزام الاسرائيلي بمرجعيات العملية السلمية ووقفه الكامل للاستيطان غير وارد ، لهو مؤشر لفشل مشروع مؤتمر باريس للسلام ، وهذا ما توافق مع ما صرح به الرجل الثاني في المنظومة السياسية الفلسطينية السيد ياسر عبدربه امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بإستبعاده انطلاق مؤتمر دولي خاص بالسلام في الشرق الأوسط ، في باريس أو موسكو ، دون أن يكون هناك وضوح تام بالنسبة لكيفية سير العملية السياسية رافضا بأن يكون مؤتمر السلام مجرد احتفال دولي خاص للحديث عن السلام وخاصة وانهم تحدثوا في السابق عن مؤتمرات لم تثمر ايا من النتائج السياسية على الارض سوى البريق الاعلامي ، وخاصة وان ايا من المؤتمرات الدولية المقترحة تحتاج إلى التأكيد من موافقة جميع الاطراف على وجود مرجعية سياسية وهذا لم يحدث بالنسبة لاسرائيل حتى هذه اللحظة ، وهنا نرى أن موقف القيادة الفلسطينية اكثر انسجاما مع الموقف الروسي في طرحه لاهدافه من عقد مؤتمر موسكو للسلام ، في ظل مقترح فرنسي اكثر انسجاما مع الموقف الاسرائيلي الهادف الى اجراء المفاوضات دون ايقاف الاستيطان والذي نرى فيه اعترافا بسياسة الامر الواقع الذي خلقته قطعان المستوطنيين بحماية جيش الاحتلال .
اننا لا نظن أن فرنسا التي تحاول طرح نفسها وسيطا لا تعلم أن سبب وقف المفاوضات هو استمرار الاسيتطان ، وتمادي الحكومة الاسرائيلية بوضع الشروط لاستئنافها ، ولكنها تغاضت عن كل ذلك حتى ما لبثت ان اتخذت من هذا اساسا لمقترحها لمؤتمر باريس ، متجاهلة الحقوق الفلسطينية ومرجعيات العملية التفاوضية ، مما جعل الشعوب العربية بل الدول العربية تمنى بخيبة الامل من جديد من رؤية الحكومة الفرنسية بعقد مؤتمر باريس للسلام وفقا للمقترح المذكور سابقا ، بعد خيبتها من الحكومة الفرنسية من موقفها اتجاه الورقة السويدية الضاغط على دول الاتحاد الاوروبي لتعديل الورقة السويدية ليتوافق مع الرؤية الاسرائيلية بحذف النص الحرفي الذي يشير على أن الدولة الفلسطينية المقبلة يجب أن تشمل الضفة وقطاع غزة والقدس فعدلت إلى أن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون محاذية لإسرائيل وقابلة للاستمرار ، وهذا ما فتح الباب لمفاوضات عسيرة حول حدود الدولة وحول القدس .
ان القيادة الفلسطينية لم تدخر جهدا من حقن الدماء والوصول الى حل سملي للقضية ، ولكن استحالة تخلى الحكومة الاسرائيلية عن مكتسباتها العسكرية يقف عثرة في انجاح ايا من المؤتمرات الدولية سواء في موسكو او باريس او في أي بقعة من بقاع الارض حيث لم تكترث الحكومة الاسرائيلية للضغوط الدولية او حتى لمشاريع او لمقترحات عقد المؤتمرات الدولية بمضيها قدما في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية الهادفة إلى تغير معالم الاراضي الفلسطينية بتهويدها ومحاصرتها بمستوطنات يهودية سعيا لذوبانها وجعلها احياء صغيرة تقطنها اقليات عربية ، غير ان هذا لا يعني اقفال الباب في وجه الوسطاء ومحاولاتهم التوصل إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية وخاصة وان عقد مؤتمر دولي للسلام حول الشرق الاوسط بات اكثر الحاحا في الوقت الراهن لافساح المجال لكافة الاطرف المعنية بالصراع في الشرق الاوسط للمشاركة في ايجاد صيغة مقبولة للتسوية الشاملة والعادلة للصراع، ولكن على اساس التحضير الجيد للمؤتمر بأن يكون له هدفا واضحا بالالتزام بتنفيذ مرجعيات عملية السلام وخاصة خارطة الطريق و مبادرة السلام العربية حتى نستطيع جني الثمار بتحرير الارض العربية واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1967م . 

مقالات متعلقة