الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 05:02

قيس يوسف ناصر:السلطات المحلية العربية ودورها في التنظيم والبناء في البلدات العربية

كل العرب
نُشر: 15/01/10 16:24,  حُتلن: 08:54

- قيس يوسف ناصر :

* السلطة المحلية تستطيع استغلال هذه الوسيلة وتقديم مخططات هيكلية محلية مختلفة تحافظ من خلالها على مصالح مواطنيها والبلدة عامة

* عمل السلطة المحلية كجسم مشتك, فان السلطة المحلية تستطيع القيام بعدة إجراءات لمراقبة وضع التخطيط الهيكلي في نطاق نفوذها

ان استمرار معاناة المواطنين العرب البلاد في كل ما يتعلق بالأرض والمسكن, والتي تتمثل بالأساس بغياب مخططات هيكلية تمكـّن المواطنين العرب من السكن والتطور ادى الى تهديد احياء عربية كاملة بالهدم والترحيل, تطرح سؤالا حول الدور الذي تستطيع السلطات المحلية العربية ان تؤديه لتحسين ظروف المواطنين العرب من حيث حقهم في التطور والتوسع. وفي رأيي, وضع قانون التنظيم والبناء لعام 1965 عددا من الوسائل التي تسطيع السلطات المحلية العربية استغلالها لهذا الغرض لتعمل السلطة المحلية بثلاثة وجوه بالأساس: جسم مخطط, جسم معترض وجسم مشتك.
أما من حيث الوجه الأول, فانه حتى عام 1995 لم يكن من حق السلطة المحلية ان تحضر مخططا هيكليا محليا او مخططا هيكليا تفصيليا. حتى ذلك الحين كانت لجنة التنظيم والبناء المحلية الجسم الوحيد الذي يستطيع ان يحضر مخططا هيكليا محليا. الا انه في عام 1995 وخلال تعديل رقم 43 لقانون التنظيم والبناء سمح ايضا للسلطة محلية ان تحضر مخططا هيكليا محليا او تفصيليا وتقدمه للجنة التنظيم والبناء المحلية. السلطة المحلية تستطيع استغلال هذه الوسيلة وتقديم مخططات هيكلية محلية مختلفة تحافظ من خلالها على مصالح مواطنيها والبلدة عامة. ومع ان تعديل 43 المذكور اعطى الحق ذاته للفرد ايضا اي ان يحضر مخططا هيكليا محليا او مخططا تفصيليا على قطعة الأرض التي يتصرف بها, الا اني ارى انه اذا كان موضوع التخطيط يتعدى مصلحة الفرد الواحد ويخص مصلحة البلدة عامة او مصلحة مجموعة من مواطنيها فان تقديم المخطط من قبل السلطة المحلية افضل وانجع وذلك لعدة أسباب جوهرية مختلفة يتعذر شرحها في هذه المقالة ككلفة تحضير المخطط الهيكلي, الخبرة المطلوبة لتحريك المخطط والأولوية الممنوحة في التخطيط للسلطة المحلية.
اما من حيث الوجه الثاني, اي عمل السلطة المحلية كجسم معترض, فان قانون التنظيم والبناء يمنح السلطة المحلية الحق بان تجابه المخططات الهيكلية المحلية, التفصيلية واللوائية التي تمس مصالح مواطنيها بعدة طرق. اولا, الأعتراض على المخطط قبل ايداعه وقد كنت ناقشت في مقالة سابقة لي أفضلية هذا الأمر من حيث القدرة فعليا على افشال مخطط مجحف قبل ايداعه. ثانيا, الاعتراض على المخطط عند ايداعه خلال المدة المحددة في القانون. ثالثا, تنظيم اعتراضات المواطنين ان كان الأمر يتعلق بالأساس بإيداع خارطة هيكلية محلية للبلدة, وذلك من خلال إعلام المواطنين بالمخطط, بموعد الأعتراض عليه وبطريقة الأعتراض عليه, تزويدهم بالموادّ والمستندات اللازمة للاعتراض واعطائهم الاستشارة الهندسية والقانونية الأولية اللازمة. انوّه أنّ تقاعس السلطات المحلية في بعض البلدات العربية عن مساعدة الناس بالاعتراض على المخطط الهيكليّ جعلهم ينظمون بأنفسهم "لجانا شعبية" تنظم اعتراضات الناس. رابعا, الاستئناف للمجلس القطري للتنظيم والبناء على قرار اللجنة اللوائية المصادقة على المخطط الهيكلي المحلي. الفرد ايضا يستطيع ان يستأنف للمجلس القطري الا ان هذا الاستئناف مشروط بإذن من رئيس اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء والذي لا يعطي هذا الأذن حسب الفقه القانوني الا في حالات نادرة. بخلاف ذلك, تستطيع السلطة المحلية ان تستأنف الى المجلس القطري بشكل مباشر ودون الحاجة الى إذن من رئيس اللجنة اللوائية, الأمر الذي اعتبره ميزة وأفضلية للسلطة المحلية, يمكن استغلالها لطرح قضية البلدة أمام المجلس القطري. خامسا, التوجه الى المحكمة المختصة ضد قرارات مؤسسات التنظيم المصادقة على المخطط الهيكلي الذي يمس المواطنين وذلك بعد استنفاذ وسيلة الأستئناف للمجلس القطري.
اما من حيث الوجه الثالث, اي عمل السلطة المحلية كجسم مشتك, فان السلطة المحلية تستطيع القيام بعدة إجراءات لمراقبة وضع التخطيط الهيكلي في نطاق نفوذها. ومن بين خطوات كثيرة تستطيع السلطة المحلية اولا التوجه للجنة اللوائية للتنظيم والبناء لتلزم اللجنة المحلية ان تقدم تقريرا عن حاجات البلدة, تطور البلدة وكل أمر آخر يتعلق بمهام اللجنة اللوائية وحتى ان تأمر اللجنة المحلية بتحضير مخطط هيكلي مطلوب ضروري للبلدة. ثانيا, التوجه الى المجلس القطري للتنظيم والبناء, وهو مؤسسة التخطيط الأعلى في البلاد قبل الحكومة, لبحث قضية التنظيم والبناء في البلدة العربية. ثالثا, التوجه إلى وزير الداخلية او الحكومة . وزير الداخلية هو الوزير المؤتمن على تنفيذ قانون التنظيم والبناء وحكومة اسرائيل ذاتها تعتبر حسب القانون المخطط الأعلى في البلاد ولهذا, فانهم يستطيعون بحث قضايا التنظيم والبناء في الوسط العربي, إمّا بشكل عام او بخصوص بلدات عربية معينة واعطاء الحلول الممكنة. رابعا, التوجه الى مراقب الدولة المخول بشكوى رسمية حول تقصير الحكومة, وزارة الداخلية ولجان التنظيم والبناء في علاج مشاكل التنظيم والبناء في البلدات العربية. بعد بحث الشكوى يحول مراقب الدولة تقريره للجنة مراقبة الدولة التابعة للكنيست مع توصيات لتصحيح المشاكل التي طرحت في الشكوى.
في اعتقادي ان استنفاذ الإجراءات المذكورة بشكل ناجع وناجح يتطلب مبدئيا آلية عمل ملائمة من قبل السلطة المحلية. في هذا الشأن تستطيع السلطة المحلية مثلا تعيين "لجنة ثانوية للتنظيم والبناء" او وحدة مهنية خاصة تضم ذوي الاختصاص والخبرة وذلك لمعالجة القضايا التخطيطية في البلدة العربية وتقديم التوصيات اللازمة للسلطة المحلية. لا انسى ان عددا غير قليل من السلطات المحلية العربية في البلاد يعاني ضائقة مادية قد تحول بينها وبين استنفاذ كل الوسائل المذكورة. إلا ان نجاح هذه الخطوات لا يخدم المواطنين فحسب بل يخدم السلطة المحلية ايضا, ذلك ان زيادة المساحات المخصصة للتطور والبناء, يزيد ايضا من دخل السلطة المحلية جراء الضرائب التي تستطيع السلطة المحلية جبايتها عن كل مبنى مرخص كالأرنونا وضرائب التطوير. 
 

مقالات متعلقة