الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 23:01

سياسة الهدم وجه من جوه إسرائيل القبيحة- الشيخ النائب إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 15/01/10 13:52,  حُتلن: 14:53

* الحل لهذه الأزمة المستعصية مُمْكِنٌ إن توفرت النية لدى الدولة للتعاون والمبادرة في هذا الشأن

* المسكن يعتبر وبكل المعايير احد العناصر الأساسية التي بدونها يفقد أي مجتمع الشعور بالأمان والاستقرار

* البناء غير الرخص في وسطنا العربي لا يدل على نزعة فطرية لدى العرب ورغبة جامحة فيهم لمخالفة القانون كما يحاول بعض المخرفين من الرسميين القول

لا يمكن فهم سياسة الهدم التي تمارسها إسرائيل ضد مجتمعنا العربي إلا في سياق القناعة الأيديولوجية الساعية بشكل حثيث إلى التضييق على هذا المجتمع حتى لا ينجح في النهوض والوقوف على قدميه في كل مجالات الحياة . المسكن يعتبر وبكل المعايير احد العناصر الأساسية التي بدونها يفقد أي مجتمع الشعور بالأمان والاستقرار ، وهو جزء من منظومة مدنية من المفروض على الدولة أولا والمواطن ثانيا أن تتضافر جهودهما في سبيل تهيئة كل الأسباب الفنية والقانونية والدستورية إضافة إلى الأخلاقية ، لخلق المناخ الأكثر مثالية لتحقيق هذا الحق الإنساني الأساس في حياة المجتمعات ...
واقع البناء العربي في إسرائيل يواجه تحديات تتحمل الدولة المسؤولية الكبرى والأساسية عنها ، والتي يمكن تحديدها في غياب النية الصادقة لدى الحكومات المختلفة في الوصول بملف التخطيط الحضري في المجتمع العربي إلى مرحلة النضوج الملبية استراتيجيا لكل الاحتياجات المجتمعية ، بعيدا عن الاعتبارات السياسية العنصرية المعرقلة لعملية تخطيطٍ متحررةٍ من شبكة المعوقات والكمائن التي تهدف إلى إبقاء الأوضاع السكنية في الوسط العربي متخلفة إلى أبعد الحدود ...
حل أزمة السكن في مجتمعنا العربي ، والتي تعني بالضرورة تأمين المساحات المطلوبة من الأرض ، الاعتراف بالقرى غير المعترف بها ، تأمين المساحات الكافية لإقامة الخدمات ، المباني العامة ، المناطق الخضراء والمناطق الصناعية والتجارية ، والذي يعني حلا جذريا لمعضلة النقص الحاد في الأراضي المخصصة لهذه الأغراض في مناطق نفوذ القرى والمدن العربية ، والاعتراف بحق العرب في الأراضي ألمسماه أراضي دولة ، والتخلي عن سياسة الاحتكار لهذه الأراضي لمصلحة اليهود فقط ، وإن ترتب على ذلك تحويل حياة مليون ومائتي ألف عربي إلى جحيم ...
الحل لهذه الأزمة المستعصية مُمْكِنٌ إن توفرت النية لدى الدولة للتعاون والمبادرة في هذا الشأن ، وقد قدمت القيادة العربية خطة متوازنة بهذا الصدد ترتكز على ثلاث قواعد ، الأولى تجميد جميع أوامر الهدم الصادرة ضد بيوت ومساكن عربية وفي كل البلاد ، والثانية تعهد القيادة العربية / اللجنة القطرية بمنع أي بناء دون ترخيص من تاريخ التوقيع على الاتفاق ، والثالثة تعهد من الحكومة ووزارة الداخلية بالمصادقة على الخرائط الهيكلية والتفصيلية لكل التجمعات العربية خلال مدة أقصاها سنتين ، على أن تتم عملية إعداد هذه الخرائط بالتنسيق الكامل مع رؤساء المجالس والبلديات العربية ...
الواقع حاليا يشير إلى تصعيد إسرائيلي غير مبرر ، وإصرار لا يمكن وصفه إلا بالعنصري لهدم ما أمكن من البيوت والمنازل العربية ، والإلقاء بعشرات العائلات العربية إلى الفضاء تحت رحمة الحر والبرد ... وقد أظهرت دراسة أعدها المركز العربي للتخطيط البديل : " أن 165 مبنى عربي الملكية هدموا خلال عام 2009 في مختلف أنحاء البلاد. كما وتوضح الدراسة أن القرى غير المعترف بها في النقب حظيت بحصة الأسد، حيث قامت سلطات التنظيم والداخلية بهدم 134 بيتاً فيها . كما أشارت الدراسة أنه وخلال العام 2009 تم هدم 11 مبنى زراعي . " ...
الذي يدل على عنصرية سياسة الهدم الإسرائيلية ما جاء في نفس التقرير من : " أن 15 بيتاً من البيوت ال-18 تم هدمها على الرغم من وجودها بمحاذاة مناطق البناء والتطوير لبلداتها، والتي خصصت لها بحسب المخططات الهيكلية اللوائية تمام/2/9 في الشمال وتمام/6 في لواء حيفا وتمام 3 في لواء المركز، مما يشير إلى أن البيوت التي هدمت كانت ستحصل على ترخيص للبناء عاجلاً أم آجلاً، حيث أنه من الطبيعي أن تكبر مساحة مناطق البناء التطوير في المستقبل لتضمها." ...
تجاهل الحكومات المتعاقبة لحاجة المجتمع العربي إلى الخرائط الهيكلية الحقيقية التي تعكس الاحتياجات الواقعية كما يراها المجتمع نفسه ، لا التي يراها موظفو وزارة الداخلية المنفذين لسياسة الخنق الحكومية ، هي السبب المباشر فيما وصلنا إليه من الفجوة الفلكية بين احتياجات مجتمعنا العربي للبناء والتوسع العمراني ، وبين الإمكانات المحدودة جدا لهذا التطور التي توفرها الخرائط الهيكلية القاصرة إن وجدت ، الأمر الذي يجبر المواطن على أن ينتزع حقه في الحياة الكريمة وإن خالف بذلك القانون . البناء غير الرخص في وسطنا العربي لا يدل على نزعة فطرية لدى العرب ورغبة جامحة فيهم لمخالفة القانون كما يحاول بعض المخرفين من الرسميين القول ، وإنما هو نتيجة حتمية لتجاهل الحكومات المختلفة الحاجة الطبيعية لمجتمعاتنا للتطور والنمو ، وهذا ما يجب أن تضع له الدولة حلا ... 

مقالات متعلقة